من أسباب انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 14 مايو 2024 6:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من أسباب انسحاب الولايات المتحدة من الشرق الأوسط

نشر فى : الإثنين 23 أغسطس 2021 - 8:30 م | آخر تحديث : الإثنين 23 أغسطس 2021 - 8:30 م
نشر موقع Geopolitical Futures مقالا للكاتب جورج فريدمان، حاول فيه تفسير قرار الولايات المتحدة سحب دفاعاتها الجوية من بعض الدول العربية، هل هو لصالح مواجهة خصميها الروسى والصينى، أم إرضاء لإيران؟... نعرض منه ما يلى.
تسحب الولايات المتحدة قدراتها الدفاعية الجوية من عدة دول عربية، منها السعودية والعراق والكويت والأردن، لكن معظم عمليات الانسحاب من نصيب السعودية. وبحسب تقرير، فإن الانسحاب سيشمل صواريخ باتريوت وبعض الطائرات المقاتلة وأسلحة أخرى غير محددة. تم إبلاغ المملكة العربية السعودية مع بدء عمليات الانسحاب بالفعل، فى 2 يونيو الماضى، وستنتهى هذا الصيف.
يتماشى هذا الانسحاب مع استراتيجيات الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب لخفض القوات الأمريكية فى الشرق الأوسط لتقليل المخاطر. لكن ترامب زاد من قدرات الدفاع الجوى للولايات المتحدة فى المنطقة بعد أن ضربت طائرات إيرانية بدون طيار منشأة نفطية سعودية فى عام 2019. ويبدو أن انسحاب إدارة بايدن مدفوع بالحاجة إلى نشر هذه الأسلحة فى مناطق أخرى. والسؤال الآن هو إلى أين تتجه هذه الأسلحة، وهل حدث شىء جعل النقل ضروريًا؟
قد تكون الوجهة لما يمكن تسميته بـ«المسرح الصينى». نظرا لأن الولايات المتحدة لديها مخاوف بشأن أمن طائراتها فى جزيرة غوام، وكذلك حلفائها فى المنطقة العازلة بين اليابان وسنغافورة. لكن المحير هو أن الولايات المتحدة تدرك منذ فترة طويلة وجود تهديد صينى، ومن المفترض أنه تم بالفعل نشر قدرة كافية، لا سيما أن أى عمل فى مثل هذا الصراع سيكون له مكون ضخم من الصواريخ الجوية. لذلك فتجريد العالم العربى من أجل تقوية المواجهة ضد المسرح الصينى قد يبدو زائدا عن الحاجة وغير مفهوم. وحتى ولو فشلت الدفاعات الموجودة فى مواجهة التهديد الصينى فى تلبية الاحتياجات، فمن المفترض وجود احتياطيات كافية فى الولايات المتحدة لنشرها.
الاحتمال الآخر هو الانتشار ضد «المسرح الروسى». فروسيا تفرض نفوذها فى مناطق متعددة على طول حدودها مثل بيلاروسيا والقوقاز، وللولايات المتحدة مصالح فى كلا المنطقتين. وإحدى الشائعات المثيرة للاهتمام ولكن غير متوقعة هى أن إسرائيل تخطط لنشر بطارية دفاع جوى من طراز القبة الحديدية فى شرق أوكرانيا. هذه الشائعات غير مرجحة لأن إسرائيل ليست بحاجة إلى علاقات غير عدائية مع روسيا، ولأن أوكرانيا ليست فى وضع يمكنها من تحمل تكلفتها. علاوة على ذلك، أوكرانيا أكبر بكثير من إسرائيل، وتوسيع القبة الحديدية ليس بالأمر السهل. ومع ذلك، بالنظر إلى الإجراءات الروسية، فإن للولايات المتحدة مصلحة فى زيادة الدفاعات الجوية فى العديد من البلدان، مثل بولندا ورومانيا وجورجيا وعلى الأرجح أوكرانيا.
بعبارة أخرى، قد تكون الأقاويل حول وصول الدفاعات الجوية الأمريكية إلى أوكرانيا صحيحة. فالولايات المتحدة كانت قد اتبعت استراتيجية عدم تسليح أوكرانيا على نطاق واسع مقابل عدم توسيع روسيا سيطرتها خارج شرق أوكرانيا. لكن نظرًا للانتشار العسكرى الروسى بالقرب من أوكرانيا، قد ترى الولايات المتحدة أن استراتيجيتها هذه عفا عليها الزمن، وقد يكون توفير نظام دفاع جوى كبير لأوكرانيا بمثابة تحذير ورادع لروسيا.
لكن قد يكون سحب الولايات المتحدة دفاعاتها الجوية من الدول العربية لا علاقة له من الأساس بالتهديدين الروسى والصينى. بعبارة أخرى، يجب أن يكون لدى الولايات المتحدة احتياطى كبير من الأسلحة لنشرها دون الحاجة إلى سحب الموجود فى الدول العربية. لكن إذا فكرنا فى سبب تقليص الولايات المتحدة لقدرة هذه الدول العربية على الدفاع عن نفسها، فمن الضرورى توجيه النظر إلى إيران.
تجرى الولايات المتحدة مناقشات مع إيران وتقول إنها تريد إحياء الاتفاق النووى السابق. عدو إيران الأساسى من الناحية العملية هو الدول العربية السنية. خاضت إيران حربًا ضروسًا استمرت ثمانى سنوات مع العراق فى الثمانينيات من القرن الماضى، والتى بدأها العراق من الناحية العملية. يعود هوس إيران القريب بالعراق إلى هذه الحرب والخوف من ظهور عراق موحد وقوى من جديد، فقد تواجه هذا العدو مرة أخرى، مدعومًا الآن من دول عربية أخرى.
إيران تريد أسلحة نووية لردع العراق أو أى دولة عربية أخرى عن تكرار الحرب فى الثمانينيات. وستدعى فى هذه الاجتماعات مع الولايات المتحدة أنها بحاجة إلى أسلحة نووية لردع الدول العربية التى قامت الولايات المتحدة بتسليحها، خاصة بالدفاعات الجوية. بمعنى آخر، قد يكون موقف إيران بالنسبة للجمهور الإسلامى هو أنهم يعتزمون مهاجمة إسرائيل، بينما الهدف الحقيقى هو منع شن حرب أخرى ضدها كالتى وقعت فى الثمانينيات.
باتباع هذا المنطق الملتوى، يجب على الولايات المتحدة تقليل الدفاعات الجوية العربية لإجبار إيران على الالتزام بمعاهدة نووية مع عمليات تفتيش كبيرة. وإلا فالاحتمال الآخر سيكون تطبيق معاهدة صارمة للغاية ضدها. فى المقابل، قد تستخدم الولايات المتحدة القدرات الإسرائيلية لتحل محل نظيرتها العربية لمواجهة إيران.
على أى حال، لا يوجد تفسير واضح لقرار سحب الولايات المتحدة دفاعاتها الجوية من بعض الدول العربية. إنه قرار مفاجئ. والأهم من ذلك، أنه يثير تساؤلات فى العالم العربى حول التزام الولايات المتحدة تجاه المنطقة. وعادة ما تكون هذه التحركات بطيئة ومحدودة ومصممة لتهدئة الحلفاء. لكن هذا ليس ما تفعله الولايات المتحدة.
باختصار، نحتاج إلى معرفة ما إذا كانت هذه الدفاعات ستذهب إلى مكان آخر غير الولايات المتحدة. إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن الشىء الوحيد الذى يمكننا التفكير فيه هو إيران!
إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات