ما كان ينتظر من الإعلام العربى - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 12:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ما كان ينتظر من الإعلام العربى

نشر فى : الأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 7:25 م | آخر تحديث : الأربعاء 22 نوفمبر 2023 - 7:25 م
منذ أحداث 7 أكتوبر فى فلسطين المحتلة وانكشاف الصورة الحقيقية الدامية للاحتلال الصهيونى فى رد فعله الإرهابى الهمجى فى غزة المحاصرة المدمرة تعرف العالم كله على ظاهرتين محيرتين فى المشهد الفلسطينى.
الأول هو الانحياز الكامل الرسمى لبعض دول الغرب الأوروبى ــ الأمريكى لوجهة نظر المحتل بالنسبة لما حدث ورفضه التام لرؤية أى وجهة نظر أخرى لدى الضحية الفلسطينية. فجأة نسيت تلك الجهات الرسمية الغربية الخلفية الاحتلالية الاستعمارية الصهيونية، التى امتدت عبر خمس وسبعين سنة، والتى لم تكن أحداث 7 أكتوبر إلا عارضا واحدا من عوارضها المأسوية التى ظل ذلك العالم الغربى يتجاهل وجودها تحت شتى الذرائع.
والثانى هو التعامل الانحيازى السافر من قبل إعلام بلدان تلك الحكومات تجاه أحداث 7 أكتوبر. كان واضحا أنه كان تتمة لتاريخ طويل من الانحيازات الإعلامية الغربية ضد المصالح والحقوق العربية، وذلك لكونها خاضعة دوما لإملاءات الممولين والمعلنين، ودوائر الاستخبارات الأمنية، ومختلف القوى السياسية الدولية المهيمنة، وبالطبع على رأسهم إملاءات المتبرعين لذلك الإعلام بشتى الصور.
ما فعلته تلك الحكومات وما تلاعب به ذلك الإعلام كان فضيحة أخلاقية قيمية هزت أعمق أعماق الصورة التى بناها الغرب عن نفسه عبر ثلاثة قرون. واكتشف العالم كم من الجرائم والفضائح ارتكبت وترتكب باسم شعارات الأنوار الأوروبية الشهيرة، وخلط الأوراق بصور تحيل المجرم إلى ضحية، وتجعل الضحية تبدو فى صورة مجرم، تماما كما يحدث الآن فى الساحة الفلسطينية.
لقد أصبح ذلك المشهد الغربى مكشوفا، واكتوت بناره شتى الأقطار العربية والكثير من الحراكات التحررية النضالية العربية.
لكن يبقى سؤال نحتاج أن نطرحه على أنفسنا بموضوعية وصدق مع النفس وهو: وماذا عن وسائل الإعلام العربى والأدوار التى يلعبها فى المشهد الفلسطينى الحالى؟ ألم يكن موقف بعضه هو الآخر مثيرا للتساؤلات؟ ألم يتصف بعضه بغياب المهنية الموضوعية وأحيانا حتى بغياب الالتزام بالقيم الإنسانية تجاه آلام ودمار حياة الألوف فى غزة؟
ألم يكن موقف بعضه مسايرا لمواقف هذه الجهة الرسمية أو تلك، بالرغم من معرفته بأن تلك المواقف لا تكفى لتردع عنجهية جيش المحتل الصهيونى فى تعامله المرعب مع السكان المدنيين فى غزة؟ بل ألم يقف بعضه مسايرا حتى لمنطق قوى خارجية أجنبية عرف عنها أنها تعتبر كل مقاومة فلسطينية مشروعة ليست إلا إرهابا فى وجه الكيان الصهيونى؟
وألم يكن من واجب الإعلام العربى توجيه النقد الصادق الموضوعى لأى جهة اكتفت بإصدار البيانات الاحتجاجية، التى لا يعيرها العدو الصهيونى أى اهتمام، بدلا من اتخاذ قرارات واقعية عملية تشعر ذلك العدو بأنه يواجه أمة متكاتفة متناسقة فى كل ما يخص الموضوع الفلسطينى وتجعله يعرف أن أى تفاهم أو تعاون معه لن يكون قط على حساب شعب فلسطين العربى وخصوصا حقوقه الإنسانية الكاملة وكرامته فى الحرية والعدالة والرفض التام، طال الزمن أم قصر، للتفريط بشبر واحد من أرضه الفلسطينية؟
ألم يكن من واجب الإعلام العربى أن يكون صوتا للملايين من أفراد شعوب الأمة، الذين خرجوا ينادون بدعم كامل للمقاومة الفلسطينية؟ فلقد كنا ننتظر من كل إعلامنا أن يكون الصوت المعبر، سواء عن طريق النشر الكامل لأخبار كل الجرائم التى يرتكبها الجيش الصهيونى أو تقوم بها جماعات المستوطنات المسلحة الغازية، أو عن طريق سيل من المقالات الجريئة والأحاديث الجريئة التى كانت وحدها ستريح أرواح الآلاف من الأطفال الفلسطينيين ومن الأمهات الفلسطينيات الذين ماتوا وعيونهم زائغة نحو أمتهم، وعلى الأخص إعلام أمتهم، ولكن وللأسف خذلهم بعض ذلك الإعلام أى خذلان.
تحية لذاك الإعلام العربى الذى لم يخذل، وإنما كان صوتا مدويا فى معركة العرب الوجودية ضد جيش من الذين تآمروا علينا، منذ وعد بلفور المشئوم إلى يومنا الذى نعيشه حاليا.
علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات