شهادة أبوالغيط عن حرب أكتوبر - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 10:38 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شهادة أبوالغيط عن حرب أكتوبر

نشر فى : الأحد 20 ديسمبر 2015 - 11:20 م | آخر تحديث : الإثنين 21 ديسمبر 2015 - 10:41 ص

منذ فترة مبكرة من حياتى وأنا شديد الاهتمام بكل ما يكتب عن حرب أكتوبر 1973م، فلم أترك تقريبا ورقة كتبت عنها أو كتابا ناقشها من جوانبها المختلفة.. عسكرية كانت أو سياسية إلا وقرأته بشغف، ولم يصدر كتاب مرتبط بها – داخل مصر وخارجها ــ إلا وسعيت للحصول عليه ما استطعت، ثم أقرأه وأقارن ما ورد فيه مع ما ورد فى الكتب أخرى.

وفى أكتوبر 2013 صدر كتاب «شاهد على الحرب والسلام» لوزير الخارجية الأسبق، السيد أحمد أبو الغيط، ومن عجب أنى لم أسع لاقتنائه أو حتى مطالعة ما جاء فيه، ربما لموقف مسبق لجيلى من كل الذين ارتبطوا بنظام مبارك؛ وقلت لنفسى: ما الذى سيضيفه لى هذا الكتاب عن هذه الحرب المجيدة؟.. وكيف كان الوزير أبو الغيط شاهدا عليها؟

مرت أشهر على صدور الكتاب.. وضعفى أمام كل ما يكتب عن ملحمة أكتوبر دفعنى لطرح السؤالين السابقين على نفسى مرة أخرى.. وقفز الباحث من داخلى يحذرنى من الأحكام المسبقة على محتوى معرفى لم أختبره أو أطالعه.. ومن هنا كان عزمى أكيدا على شراء هذا الكتاب والاطلاع على ما يحتويه من وقائع وأحداث كان الرجل شاهدا عليها.

اشتريت الكتاب بالفعل، والتهمته فى 48 ساعة، وأنا مصدوم من القيمة التاريخية التى يمثلها هذا الكتاب بالـ423 صفحة، التى يحويها بين دفتيه، ذلك أننى فوجئت بالوزير أبوالغيط ذى ثقافة عسكرية رفيعة جدا منذ نعومة أظافره، مكنته من الحديث إلى الفريق صدقى محمود قائد سلاح الطيران ويحذره من ضرب طائراتنا وهى جاثمة فى مطاراتها قبل 1967م، وينقل تخوفاته تلك وهو طالب بالجامعة إلى الفريق عبدالمنعم رياض، صديق والده، اللواء الطيار.

أكاد أجزم أن أبو الغيط أفضل دبلوماسى كتب باحتراف عن تطور أعمال القتال على جبهة قناة السويس سنة 1973م، يتضح ذلك من انضباط مصطلحاته العسكرية، وقدرته اللافتة للنظر على تقدير المواقف المختلفة فى مجرى الحوادث على خطوط النار، كشفت عنها يومياته التى كان يسجلها خلال الحرب، عندما كان أحد المساعدين الرئيسيين لحافظ إسماعيل، مستشار الرئيس السادات للأمن القومى خلال الحرب.

عمل أبو الغيط بالقرب من إسماعيل مكنه من الاطلاع على ما يدور على جبهات السلاح بدقة متناهية، وكذلك ما يدور على جبهات السياسة ثانية بثانية، بما فيها الرسائل المتبادلة بين إسماعيل (نيابة عن الرئيس السادات) وهنرى كيسنجر، وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، وهى القناة السرية التى كان يخاطب السادات الأمريكان من خلالها، من وراء ظهر وزير خارجيته محمد حسن الزيات الذى كان «مغيبا» فى نيويورك!

تسجل يوميات الدبلوماسى الشاب أبو الغيط ملاحظاته بعد بدء عبور قواتنا إلى الضفة الشرقية لقناة السويس بعد ظهر السبت 6 أكتوبر ما يلى: «لا أصدق السرعة التى يمر بها العبور رغم حجم القوات، التقارير المتواردة إلينا من الجيش تقول إن تواجد القوات حاليا هو فى حدود 2000 ياردة، وتقديرى انه يجب توسيع العمق، وإلا فسوف يهدد العدو رأس الكوبرى، الجميع بدأ يستشعر التفاؤل إلا أننى من جانبى آخذ جانب الحذر، وهو المنهج الأنجح فى مثل هذه الصدامات المسلحة»، وعلى هذا النحو يسجل الرجل يومياته فى مراحل الحرب المختلفة، سواء فيما يخص جسارة رجالنا فى دحر الهجوم المضاد للعدو فى أيام 8 و9 أكتوبر، أو الوقفة التعبوية (9ــ 13 أكتوبر)، مرورا بتطوير الهجوم نحو خط المضايق، وصولا إلى ثغرة اختراق العدو لخطوطنا عند منطقة الدفرسوار، والاجراءات المصرية للسيطرة عليها وتطويقها.

وقد سعدت بأن أتيحت لى فرصة مناقشة الوزير أبو الغيط فى كل هذه القضايا، عبر 4 ساعات كاملة حللت فيها ضيفا عليه فى منزله بمصر الجديدة الأسبوع الماضى، شاهدت فيها مكتبته العسكرية الضخمة والمثيرة للإعجاب، وسعدت أكثر بسعة صدره وقدرته العالية على الاستماع وتقبل الاختلاف فى الرأى.

kaboubakr@shorouknews.com

التعليقات