أنجلينا «النائمة» - منى أبو النصر - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 10:37 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أنجلينا «النائمة»

نشر فى : الإثنين 18 أبريل 2016 - 10:25 م | آخر تحديث : الإثنين 18 أبريل 2016 - 10:25 م

كانت إطلالة الغرفة الخلابة غير كافية لبعث الشغف المفقود بين الزوجين، حتى لو كانت إطلالة بلون «التركواز» ومدده..


«رولاند»، الزوج والكاتب الروائى، قرر أن يبتعد عن أمريكا مستجيرا بمدينة فرنسية بسيطة مطلة على البحر مباشرة، باحثا لنفسه عن موطن جديد للإلهام بعدما طارده شبح الورق الأبيض، وضن قلمه عن الكتابة «الحلوة»، وبالتالى انحسر جمهوره، و«فانيسا» الزوجة التى لا مشروع لها سوى دحر الوحدة والاكتئاب بعد أن اعتزلت الرقص وفقدت الجنين.


تجربة إنسانية «عويصة» قامت بكتابتها وإخراجها وإنتاجها وبطولتها «أنجلينا جولى بيت»، هكذا أفاد تتر فيلم By the sea، من إنتاج العام الماضى، والذى لم يحقق نجاحا جماهيريا يليق بأنجلينا وبراد بيت شريكها فى بطولة الفيلم.


وجدت الزوجة التعيسة كثيرا من الشفاء فى التلصص على جيرانهما فى الغرفة المجاورة من خلال ثقب حائط يفصل بينهما، كانت تقضى اليوم فى التلصص على ملذاتهما وحياتهما الشغوفة، وتطور الأمر بها لرغبة مريضة فى تدمير علاقتهما، رغبة يتفهمها الزوج الغارق فى مأساته، وتقوده لبذل الكثير من أجل إنقاذ «فانيسا»، التى اكتشف أنها كانت بكل ذبولها، الذى سئمه، هى فى حد ذاتها ملهمة روايته المتعثرة التى حملت نفس اسم الفيلم.


فى مكان وزمان آخرين، وفى عالم واقعى غير مطلى بالسينما، تعيش أنجلينا ذبولا وعزلة لم يعد من الممكن إنكارهما، يتلصص العالم كله على غرفة المستشفى التى ترقد فيها للعلاج والنجاة، فمنذ نشر صورها فى أحد مخيمات اللاجئين السوريين باليونان، وشت صورها بخسارتها الكبيرة للوزن، أكثر من 30 كيلو جرام حسب التقارير، لتؤكد على خبر سابق بإصابتها بما يعرف بداء «الأنوريكسا العصبى» أو بمرض فقدان الشهية، وهو أحد الأمراض التى التصقت بسيرة الكثير من المشاهير على رأسهم الأميرة ديانا.


نشر صور أنجلينا «قبل وبعد» المرض على نطاق واسع، مع تنبؤات بإصابتها بالأنوريكسا أو بالسرطان، ليس فقط هو الشكل المتداول على مواقع التواصل الإجتماعى على مستوى العالم، ولكن الأقسى من ذلك هو عناوين الصحافة التى تبارت فى القسوة والتبشير بدنو الموت، بما فى ذلك مواقع الفن العالمية الدقيقة، فجاءت العناوين على شاكلة «المرض والموت يطرقان أبواب أنجلينا بهدوء»، و«بعد مرضها الخطير.. براد بيت يهدّد انجلينا جولى بالطلاق!»، وهو التصريح الذى لم ينكره «براد» محيلا دفة التصريح إلى أنه كان محاولة يائسة منه لتحفيزها ودفعها للاستجابة للعلاج.


تصريح الزوج «براد» لم يكن موفقا إلى حد بعيد، وإن كان تبريره الانفعال والضغط الكبير الذى تتعرض له عائلته، ولكن ما يجب التوقف عنده كثيرا هو حديثه عن أنها تمر بحالة «يأس» يجهل هو نفسه سببه.


غالبا سيكون «اليأس» هو آخر ما تتصور أن تمر به نجمة بقامة «أنجلينا» فى ذروة نجاحها السينمائى، وأساطيرها هى وبراد، وأمومتها لـ7 أطفال آخرهم طفلها بالتبنى «موسى» السورى، ورصيدها العامر فى قلوب اللاجئين، حتى محنها الصحية التى أدت بها لاستئصال كل من الثدى والمبيض خشية تاريخها المرضى بالسرطان، كلها لقطات تليق بفيلم من طراز شديد العمق والبهجة والتعاسة فى الوقت نفسه.


يبقى السؤال حول تلك «الغرابة» التى تربط نهايات الشخوص الأكثر إبداعا وتأثيرا بكل هذه الدراما؟ فلا تستطيع أن تفصل دراما أنجيلينا «التى تبدل شكلها»، عن تلك الفاتنة التى سجل يوما أحد التقارير الأمريكية أن صورها هى الأكثر تداولا واستخداما كخلفيات للـ«ديسك توب» أو Wallpaper، باعتبارها أيقونة للفتنة والجمال، وكانت هى أسبق النجمات اللاتى تم استخدام اسمها وشكلها فى إحدى تطويرات اللعبة الافتراضية الأشهر التى تحولت لأحد أشهر أفلام أنجلينا «Tomb raider»، وقبل ذلك كله تربعها على عرش نساء العالم الأكثر جاذبية لسنوات، ليس فقط بإطلالاتها على السجادة الحمراء، ولكن بإطلالتها بين خيام المكروبين، غير عابئة بأية حسابات سياسية، آثرت أن تحتضن الجميع، حتى لو كانت سيدة سورية ترتدى الحجاب، أو طفل نحيل منبوذ من دارفور، وشركائهم الملايين من ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية والفقر.


فى أحد أبرز مشاهد By the sea، صاغت أنجلينا جولى، فانسيا، الكثير من فلسفتها فى الحياة، من خلال مشهد ممتد على مدى الفيلم، كانت تطل عليه من شرفتها فى المدينة الهادئة، مشهد لصياد كان يذهب مع فجر كل يوم إلى رحلة صيد سحيقة عبر البحر، ويعود فى نفس الرحلة إيابا مع الغروب، ربما بلا أى صيد يذكر.. ما يجعلها تتساءل مع نهاية الفيلم: ما الذى يدفع هذا الصياد لعدم الجنون؟ من عدم «اليأس» من كل شىء؟ هذا ما لا يمكن أن نعلم..

منى أبو النصر صحفية مصرية
التعليقات