تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي للصالح العام الرقمي - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 7:21 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي للصالح العام الرقمي

نشر فى : الإثنين 17 أبريل 2023 - 7:05 م | آخر تحديث : الإثنين 17 أبريل 2023 - 7:05 م
نشر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة عرضا حول توظيف أنظمة الذكاء الاصطناعى فى جميع المجالات؛ الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها. العرض تناول أيضا أبرز التحديات التى تواجه الدول النامية فى هذا النطاق، وبعض المقترحات لدعم استخدام هذه التكنولوجيا للصالح العام الرقمى... نعرض من المقال ما يلى.

سعى الكاتب غوراف شارما فى دراسته المنشورة بمؤسسة Observer Research Foundation فى فبراير 2023 إلى توضيح إمكانية تحويل الذكاء الاصطناعى مفتوح المصدر إلى منفعة عامة رقمية، بحيث يكون حلا قابلا للتطبيق فى مختلف القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، مع تحقيق أكبر استفادة ممكنة من التقدم التقنى والتكنولوجى لتفيد أعدادا أكبر من السكان فى جميع أنحاء العالم.
• • •

لأنظمة الذكاء الاصطناعى أهمية فى القطاع المالى؛ إذ إنها تسهم فى عمليات أتمتة المهام المتكررة واكتشاف الاحتيال وسرقة البيانات ومعالجتها، وهو الأمر الذى يمكن تحقيقه فى القطاعات الاجتماعية المتباينة كالصحة والتعليم، فيما يُعرف باسم «الصالح العام الرقمى Digital Public Good. (DPG) لكن تطويع الذكاء الاصطناعى للصالح العام الرقمى تواجهه صعوبات بسبب احتكار الأنظمة الخوارزمية وملكية الشركات الخاصة لها، واحتكامها لمبدأ الملكية الفكرية.

مع ذلك، فإن مواجهة هذا الاحتكار أمر ذو أهمية كبيرة لدول العالم عبر تكريس دعم مبدأ الذكاء الاصطناعى من أجل دعم الخير الاجتماعى، أى استخدام التطبيقات التقنية لدعم رفاهية المجتمعات، والتى تشمل أطر التصميم والتقييم وكذا المبادرات السياسية التى تركز على الاستفادة من الأفراد، وذلك لما يُجسده مبدأ الذكاء الاصطناعى من تكتيك لتعزيز وتطوير السياسات المختلفة التى تخدم المصلحة العامة.

من جانب آخر، يُعد قطاع الرعاية الصحية من أهم المجالات التى يتم توظيف الذكاء الاصطناعى لتدعيمها لكل المواطنين، عبر إنشاء البيانات حول الإنسان والكشف عن الأمراض المختلفة، كما هو الحال بالنسبة لدورها فى تتبع تفشى فيروس «كورونا»، إلى جانب توظيف البيانات التى يتم الوصول إليها حيال الأمراض المختلفة لمعالجتها مثل مرض السل الذى يتطلب بيانات الأشعة السينية ومجموعة منظمة من البيانات الصحية.
• • •

يواجه توظيف أنظمة الذكاء الاصطناعى للصالح العام الرقمى فى الدول النامية تحديات عديدة منها: جمع البيانات، وتوحيدها، وحمايتها، علاوة على وجود فجوة فى إدراج النماذج الخاصة بأنظمة الذكاء الاصطناعى وتطبيقها فى القطاعات التى تضم مجموعات البيانات الخاصة بالقطاعات الاجتماعية ــ كثيفة العمالة ــ مثل الرعاية الصحية والتعليم والتغذية، بالإضافة إلى كون ذلك النهج لم يحظَ بعد باهتمام كافٍ فى بلدان الجنوب العالمى «البلدان النامية» التى لا تزال قطاعات كبيرة فيها تعانى عجزا فى الوصول إلى الإنترنت.

اتصالا بذلك؛ فإن هناك حدودا لمشاركة المعرفة بين دول الشمال والجنوب حول نشر واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى فى القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، ويعزى ذلك إلى أن معظم حالات استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى ضيقة فى تطبيقها ومصممة لحل مشكلة محددة وبالتالى يصعب تكرارها فى سياقات أخرى. على سبيل المثال، يعمل مشروع «سونراك» الخاص بتقدير الإمكانات الشمسية على السطح فى أجزاء مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية بشكل جيد فى تلك الأماكن لكن قد لا يكون قابلا للنشر بسهولة فى الأماكن غير المنظمة فى مدن مثل دلهى فى الهند.

إضافة إلى ذلك، فإن البحوث التقنية حول أنظمة الذكاء الاصطناعى فى البلدان المتقدمة قد يصعب تطبيقها فى الاقتصادات النامية. فإذا كان استخدام تلك الأنظمة يتم على نطاق واسع فى الخدمات والتأمين المصرفى فى بلدان مثل المملكة المتحدة وسويسرا لما تمتلكه من أطر تنظيمية وتشريعية، فإن هذا الأمر يغيب عن دول العالم النامى.

وبالرغم من عمليات تطوير الأبحاث الأولية حول أنظمة الذكاء الاصطناعى وتوظيفها كصالح عام رقمى من جانب الشركات الكبرى المتخصصة فى مجال التكنولوجيا، إلا أن هناك تحديات تجابه ذلك، من أبرزها:

أولا: عدم توفر البيانات المفتوحة، ففى ظل غياب الأطر التى تحكم البيانات المحلية والخصوصية فى دول العالم النامى، من الصعب العمل على البيانات الشخصية واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى لدعم «الصالح العام الرقمى». إلى جانب أنه يتم تدريب هذه الأنظمة الحالية على مجموعات البيانات من دول الشمال العالمى وقد تفشل فى حساب الحساسيات الاجتماعية والثقافية عند تطبيقها على البلدان النامية.

ثانيا: تعقيدات أنظمة الذكاء الاصطناعى، إذ تمثل هذه التعقيدات حاجزا أساسيا لتبنى أنظمة الذكاء الاصطناعى من قبل القطاع العام فى البلدان النامية، ومن ثّم يصعب الاستفادة منها فى العديد من المجالات العامة ومنها التخطيط الإدارى. لذا فإن اعتماد أنظمة الذكاء الاصطناعى فى المجالات العامة كالصحة والتعليم وغيرها أقل جاذبية، لضعف ثقة الحكومات فى تلك الأنظمة.

ثالثا: غياب المُساءلة والخصوصية: حيث إن معظم سلاسل القيمة العالمية من الذكاء الاصطناعى «غامضة» و«غير قابلة للمساءلة»، وذلك لكون أبحاث تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعى لا تزال تقوم بها شركات التكنولوجيا الكبرى ومختبرات المؤسسات العامة الكبرى، وفى ظل غياب التشريعات الخاصة بتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعى، فإن هناك عدم إلزامية لشركات التكنولوجيا الكبرى بحماية خصوصية البيانات الشخصية.
• • •

وضعت الدراسة جملة من المقترحات التى تدعم تطبيق وتفعيل أنظمة الذكاء الاصطناعى كآلية رقمية تطبق على السلع والخدمات العامة، ومن أبرزها ما يلى:

أولا: تعزيز أنظمة الذكاء الاصطناعى مفتوحة المصدر، بحيث يسهم ذلك فى مواجهة تحديات القطاع الاجتماعى فى البلدان النامية، بل ويوازن فى الوقت ذاته من نقص موارد الذكاء الاصطناعى الرئيسية مثل قوة الحوسبة والخبرة الفنية والميدانية، كما يعزز من الابتكار عبر فتح نماذج ضخمة للذكاء الاصطناعى نظرا لأن معظم الشركات الناشئة فى هذا المجال لا تملك الموارد المالية لبناء مثل هذه النماذج الضخمة. إلا أن ذلك الأمر له خطورته المتمثلة فى التعرض للهجمات الإلكترونية وانتهاكات الخصوصية، ولكن مكاسبه الاجتماعية الإجمالية تتجاوز العيوب المحتملة.

ثانيا: تعزيز الشراكات العالمية متعددة الأطراف، والتى تدمج بين الدول الغنية والنامية، مع السعى نحو إطلاق الخطوات الأولية فى مناقشة استراتيجية صنع أنظمة الذكاء الاصطناعى والسلع العامة، وتعزيز التطوير المسئول للذكاء الاصطناعى واستخدامه مع احترام حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية، الأمر الذى يعزز من توحيد ومشاركة الجهود وخلق مساحة للحوار والبحث فى نقل أنظمة الذكاء الاصطناعى إلى ساحة المنافع العامة الرقمية.

ثالثا: اتباع نهج التوافق وإعادة الاستخدام المتضمنة «إمكانية الوصول، وقابلية التشغيل البينى» وسهولة البحث والاطلاع، إلى جانب أنه يُساعد فى تمثيل البيانات بشكل أفضل، فضلا عن وضع أحكام الوصول إلى نماذج وبيانات الذكاء الاصطناعى فى سياق عدم الضرر، لذلك، يمكن إطلاق «الإعلان العالمى بشأن الذكاء الاصطناعى» الذى يضع المعايير الأخلاقية وثيقة الصلة.
• • •

ختاما، تنظر الدراسة إلى أن التطورات التى حققتها أنظمة الذكاء الاصطناعى لا بد أن يكون لها تأثير أكثر انتشارا على أعداد كبيرة من السكان فى جميع أنحاء العالم، وهو الأمر الذى يتطلب الربط بين مفاهيم سياسات التنمية لأنظمة الذكاء الاصطناعى، ولعل تلك الخطوة تبدأ بتصميم نظام ذكاء اصطناعى للقطاعات الاجتماعية، أى تحويله لدعم الصالح العام الرقمى، مع تطبيق المُساءلة الحكومية ووضع ممارسات أخلاقية ومسئولة للذكاء الاصطناعى تكون شاملة وتتضمن تقييم المخاطر وتطلعات البلدان النامية، وهو أمر ما بات ضروريا فى ضوء الحاجة للاستثمار فى مجتمع الذكاء الاصطناعى مفتوح المصدر من منظور الاستخدام العام.

النص الأصلى:
التعليقات