تزايد الاضطهاد الدينى تحت حكم ناريندرا مودى - العالم يفكر - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 2:26 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تزايد الاضطهاد الدينى تحت حكم ناريندرا مودى

نشر فى : الثلاثاء 16 نوفمبر 2021 - 8:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 نوفمبر 2021 - 8:35 م
نشر موقع بروجيكت سينديكيت مقالا للكاتب شاشى ثارور تناول فيه تزايد مظاهر التعصب الدينى المعادية للإسلام فى الهند فى غضون سبع سنوات فقط من حزب «بهاراتيا جاناتا»، وانتكاسة الهند بعدما كان يضرب بها المثل فى الديمقراطية واحترام التعددية الثقافية.. نعرض منه ما يلى.
بعد الهزيمة التى مُنيت بها الهند مؤخرًا فى مواجهة مع باكستان فى بطولة كأس العالم للكريكيت T20، واجه لاعب البولينغ الهندى، محمد شامى، تصيدًا شرسًا عبر وسائل التواصل الاجتماعى. وكان هذا آخر مظهر من مظاهر التعصب المعادى للإسلام الذى يسيطر على المجتمع الهندى، فى ظل حكم حزب بهاراتيا جاناتا بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودى.
لقد كان أداء الشامى فى المباراة مع باكستان سيئًا، شأنه فى ذلك شأن باقى اللاعبين الهنود العشرة الذين خاضوا تلك المقابلة وانتهت بخسارتهم. وأشيرت أصابع الاتهام إلى الشامى لأنه مسلم. ولم يُنظر إلى إخفاقه على أنه مسألة رياضية فحسب، بل كان يُنظر إليه على أنه تهاون ضد فريق منافس يتألف من أتباعه فى الدين.
ورغم أن ما تعرض له شامى غير لائق، إلا أن ذلك يبدو باهتا مقارنةً بحوادث الإسلاموفوبيا الأخيرة فى الهند؛ إذ فى منطقة دارانغ، فى ولاية آسام الشمالية الشرقية، شنت حكومة حزب «بهاراتيا جاناتا» حملة إخلاء ضد المسلمين الذين وصفتهم على أنهم «مستوطنون غير شرعيين» على أراض عامة. وأثناء احتجاج على عمليات الإخلاء، أطلقت الشرطة النار على قروى وضربته. وعلى مرأى من الكاميرات، وحتى بعد أن بدا جثة هامدة، قام مصور كان يوثق رسميًا حملة الهدم تلك بدهسه بوحشية.
وانتشرت لقطات فيديو للهجوم القاتل على وسائل التواصل الاجتماعى، مما أثار الكثير من التوتر بين فئات من الشعب لم تتعود بعد على قصص جرائم الكراهية العنيفة ضد الأقلية المسلمة، والتى انتشرت فى عهد الحزب الحاكم «بهاراتيا جاناتا». ففى السنوات الأخيرة، شهدت الهند، فى بعض الفترات، سلسلة من المسيرات التحريضية المناهضة للمسلمين تخللتها أعمال عنف. إذ فى فبراير 2020، انتشرت أعمال الشغب فى أجزاء من العاصمة نيودلهى، مما أسفر عن مقتل أكثر من 53 شخصًا. وكان معظم الضحايا من المسلمين.
وكانت هناك زيادة كبيرة فى عمليات إعدام دون محاكمة نُفذت فى حق المسلمين، لا سيما بسبب «جريمة» نقل أو أكل لحوم البقر (تعتبر البقرة مقدسة فى الهندوسية)؛ إذ سنت معظم الولايات قوانين تحظر ذبح الأبقار، ويقوم كل من الشرطة والجماعات التى نصبت نفسها بنفسها بتنفيذها بحماس يفوق الأحكام التى تصدرها. ومن المعروف أن «حراس الأبقار» يضربون المسلمين ويجبرونهم على ترديد شعارات دينية هندوسية. وتُرتكب جرائم الكراهية هذه فى ظل الإفلات من العقاب.
وفى غضون ذلك، اتهمت الشرطة الطلاب المسلمين بموجب قوانين الإرهاب والتحريض الوحشية بارتكاب «جريمة» تافهة تتمثل فى تشجيع لاعبى الكريكيت الباكستانيين. فألقى القبض على أربعة مسلمين فى مدينة «إندور» بسبب حضورهم احتفال رقص جامعى سنوى شهير صُنف فجأة على أنه يقتصر على «الهندوس فقط». وسُجن الصحفى المسلم، سيديك كابان، منذ أكثر من عام بتهمة الفتنة والإرهاب والتحريض، بينما لم يقم إلا بواجبه كموظف.
وعلى الرغم من أن هذه الاتجاهات مزعجة، إلا أنه لا ينبغى أن تكون مفاجِئة، نظرا إلى أن كبار الشخصيات السياسية يعبرون عن تعصبهم علانية. فقد أعلن مودى ذات مرة أنه يمكن التعرف على المتظاهرين المناهضين للحكومة من خلال ملابسهم ــ أى الملابس الإسلامية التقليدية. فقبل الانتخابات العامة لعام 2019، أشار رئيس حزب «بهاراتيا جاناتا»، أميت شاه، إلى المهاجرين البنغاليين المسلمين بعبارة «النمل الأبيض» وتعهد بأن حكومة حزب بهاراتيا جاناتا «ستلتقط المتسللين واحدًا تلو الآخر وتلقى بهم فى خليج البنغال». وتتأجج المشاعر المعادية للإسلام بصورة أكبر عبر وسائل التواصل الاجتماعى، غالبًا فى مجموعات تنشط على منصة تطبيق (واتساب Whatsapp) التى يرعاها حزب بهاراتيا جاناتا، حيث يُلام المجتمع بأكمله على خطايا ارتكبها الغزاة والحكام المسلمون فى الماضى، حقيقية كانت أو من وحى الخيال.
•••
وبينما فى حين سعت الحكومات السابقة إلى تهدئة المشاعر المجتمعية، وتعزيز الانسجام، وتقديم الدعم الرسمى (بما فى ذلك الحوافز الضريبية) للجهود المبذولة لتعزيز التعددية والتنوع فى الهند، يعتمد حزب «بهاراتيا جاناتا» دون الإحساس بالذنب، أيديولوجية «هندوتفا» ذات الأغلبية غير المتسامحة. وينتقد المقربون من المؤسسة الحاكمة بصورة روتينية الأقلية المسلمة ــ والاسترضاء المزعوم الذى كانت تحظى به فى ظل الحكومات السابقة ــ باعتبارهما تهديدا للهوية الهندوسية.
وفى ظل حكم حزب «بهاراتيا جاناتا» الحاكم، أطلقت حملات ضد العلاقات الرومانسية بين الأديان (مع اتهام رجال مسلمين بشن «جهاد الحب» للإيقاع بالنساء الهندوسيات)، والتحول الدينى (على الرغم من أن الدستور الهندى يسمح بذلك)، والممارسات الإسلامية فيما يتعلق بالزواج والطلاق والنفقة (التى تعتبر غير متوافقة مع حقوق المرأة). وتعرضت شركة ملابس شهيرة للهجوم حتى تسحب حملة إعلانية اعتبرها المتعصبون أنها تدخل عناصر إسلامية فى مهرجان «ديوالى» الهندوسى. واعتُبر تجمع دينى إسلامى حدثًا تسبب فى الانتشار واسع النطاق لـكوفيدــ19، حتى عندما سُمح بتنظيم مهرجان «هندو كومبه ميلا» الذى يضاهيه بكثير ــ بل حظى بتشجيع حتى يستمر.
كما سنت حكومة حزب «بهاراتيا جاناتا» قانونًا يوفر المواطنة السريعة للاجئين من الدول المجاورة ذات الأغلبية المسلمة ــ بشرط ألا يكونوا مسلمين. وقد تم تصوير حملات تنظيم الأسرة على أنها جهود للحفاظ على «التوازن الديموغرافى» فى الهند ــ التى يعيش بها 80٪ من الهندوس ــ فى مواجهة ارتفاع معدلات الخصوبة لدى المسلمين.
•••
وما يزعج الليبراليين هو مدى ضعف قشرة العلمانية الدستورية فى الهند. إذ فى غضون سبع سنوات فقط من حكم حزب «بهاراتيا جاناتا»، تم القضاء على التعددية الثقافية والصداقة بين الهندوس والمسلمين التى طالما روجت لها الهند على مدى عقود.
وفى وقت ما فى الماضى كان المسئولون الحكوميون يشيرون بفخر إلى المسلمين فى مناصب بارزة ليثبتوا قدرة الهند على التغلب على الإرث المرير الذى خلفه الانفصال عن باكستان. واليوم، يعانى المسلمون من تمثيل ناقص إلى حد كبير فى قوات الشرطة، والخدمات الإدارية المركزية النخبوية. وهم ممثلون بصورة مفرطة فى السجون. إن المشاعر التى كان من غير اللائق التعبير عنها منذ جيل تقتبس من المنابر السياسية. وتعمل الشرطة فى كثير من الأحيان على تمكين تعذيب المسلمين بدلا من التصدى له.
ويبدو الآن أن الإسلاموفوبيا قد استعمرت شريحة كبيرة من المجتمع الهندى الشمالى، على الرغم من أن الجنوب لم يستسلم لها بعد. وكانت الصحافة الحرة فى الهند متواطئة ــ بل وحتى مشاركة نشطة ــ فى محو تقاليدها الثقافية التوفيقية القديمة.
وفى ظل حكم حزب بهاراتيا جاناتا، فإن الفصل العنصرى وعدم تمكين المسلمين ــ تقسيم المجتمع الهندى إلى «نحن» و«هم» ــ يتم تطبيعه تدريجيا؛ وأصبح الهنود أقل حساسية تجاه التعبير الروتينى وممارسة التعصب الأعمى ضد المسلمين. والمسلم الذى يشير إلى هذه النقطة سيقال له «اذهب إلى باكستان». والهندوس مثلى يعاملون بسخرية على أنهم «معادون للقومية».
ويقول كاتب المقال إنه تعرض لموقف مشابه فى عام 2015، أثناء حديثه فى البرلمان، حينما كرر ملاحظة أحد الأصدقاء: فى الهند التى يحكمها حزب «بهاراتيا جاناتا»، تعيش البقرة بأمان أكثر من المسلم. ومن المحزن أن هذا يبدو صحيحا اليوم أكثر من أى وقت مضى.

النص الأصلى

التعليقات