حياد إسرائيل الجبان - العالم يفكر - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 2:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حياد إسرائيل الجبان

نشر فى : الأربعاء 16 مارس 2022 - 10:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 16 مارس 2022 - 10:20 م

نشر موقع بروجيكت سينديكت مقالا بتاريخ 11 مارس للكاتب شلومو بين آمى ينتقد فيه حياد إسرائيل السلبى فى الحرب الأوكرانية، ذاكرا المصالح التى تعود على روسيا من التواجد الإسرائيلى فى سوريا، وأن مصلحة إسرائيل تكمن فى تحالفها الاستراتيجى طويل الأمد مع الولايات المتحدة والغرب... نعرض من المقال ما يلى:
لقد فشلت إسرائيل بإدانتها الشديدة للهجوم الروسى على أوكرانيا فى تحقيق توازن عادل بين الأخلاق والسياسة الواقعية. وبالنظر إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلى نفتالى بينيت رفض حتى مقابلة الرئيس الفلسطينى محمود عباس، زعيم دولة محتلة أخرى، فإن جهوده المتميزة والإيجابية للعمل كوسيط للسلام لا يمكن أن تُؤخذ على محمل الجد. إنها محاولة يائسة لإصلاح الأخطاء الأخلاقية لحكومته. وفى حين أن أصدقاء الهند وأمريكا فى العالم العربى قد استخدموا أيضا ذريعة «الوساطة» لتجنب الانحياز، فإنهم لا يشاركون إسرائيل فى ادعاءاتها بأنها «نور للأمم».
تُعد إسرائيل الحليف الأكثر تفضيلا للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، إن لم يكن فى العالم أجمع. كُلما كانت إسرائيل فى حاجة إلى قوة عظمى لإنقاذها ــ كما حدث فى حرب أكتوبر عام 1973 ــ لم تعتمد على روسيا بل على الولايات المتحدة. إن اعتمادها على الدعم الأمريكى مُفرط، كما أن وصولها إلى الأسلحة الأمريكية الأكثر تقدما لا مثيل له، حتى بين حلفاء أمريكا فى منظمة حلف شمال الأطلسى. فبدون دعم الولايات المتحدة، لما كانت إسرائيل لتتوصل إلى اتفاقيات السلام البالغة الأهمية التى أبرمتها الآن مع القوى العربية الرئيسية.
من الواضح أن إسرائيل صوتت لصالح قرار الأمم المتحدة الذى يدين روسيا، وأرسلت مساعدات إنسانية كبيرة إلى الأوكرانيين. ولكنها رفضت انتقاد روسيا علنا أو استكمال المساعدات الإنسانية بمواد دفاعية. حتى أنها رفضت فى البداية طلب الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى التحدث أمام الكنيست خشية أن يؤدى ذلك إلى تأجيج غضب بوتين. من الواضح أن تأييد روسيا إسرائيل فى القيام بضرب أهداف عسكرية إيرانية فى سوريا هو أكثر أهمية من الوقوف مع الولايات المتحدة وأوروبا لمعارضة سلوك الرئيس الروسى فلاديمير بوتين الإجرامى والمُتهور.
• • •
من المؤكد أن هناك طرق أخرى للتعامل مع إيران. قد يأمل المرء ذلك، لأن الاستراتيجية الحالية لم تنجح. إن الهجمات الإسرائيلية المُستمرة على المنشآت الإيرانية فى سوريا لم تقطع العلاقات مع حليف إيران اللبنانى حزب الله، ولم تُجبر إيران على تغيير سلوكها. الآن وبعد أن أصبحت إيران على وشك إبرام صفقة نووية من شأنها أن تكون أضعف من خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية، فإن التحول من المواجهة إلى الدبلوماسية بات منطقيا. لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الاستمرار فى هذا المسار من شأنه أن يُسفر فجأة عن نتائج مختلفة.
علاوة على ذلك، فإن إسرائيل لا تدين لبوتين بأى شىء. ومن خلال السماح للقوات الجوية الإسرائيلية بالعمل بحرية فى سوريا، تمكن بوتين من الاستعانة بمصادر خارجية لتحقيق مهمة الحد من الوجود الإيرانى فى بلد يريد لروسيا أن تهيمن عليه. لم تقم العلاقات الروسية الإيرانية على أسس متينة فى الآونة الأخيرة. كما منعت روسيا أخيرا توقيع الاتفاق النووى الجديد كرد انتقامى على العقوبات الأمريكية، وانتقد المحافظون فى إيران النظام الإيرانى لدعمه بوتين من خلال الامتناع عن التصويت على قرار الأمم المتحدة.
ومع تصاعد الهجمات الروسية على المدنيين الأوكرانيين يوما بعد يوم، أصبحت محاولة الحكومة الإسرائيلية عدم اتخاذ موقف أمرا مُتعذرا ولا يمكن الدفاع عنه. وقد وجه رئيس أوكرانيا اليهودى البطل زيلينسكى نداءات مباشرة باللغة العبرية إلى الشعب اليهودى، وعلى الإسرائيليين أن يعرفوا أكثر من أى شخص آخر ما يعنيه إخضاعهم لاستراتيجية الإبادة. تُعد أوكرانيا ديمقراطية شُجاعة تقاوم هجوم النظام الاستبدادى ــ وهو على وجه التحديد المأزق الذى ادعت إسرائيل دائما أنها وقعت فيه أثناء حروبها السابقة مع الدول العربية.
• • •
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل رفضت النظر فى الخيار النووى حتى أثناء حرب يوم الغفران (حرب 1973)، عندما كان وجودها على المحك. كيف يمكن لنفس البلد أن يلتزم الصمت بعد أن أثارت روسيا بوضوح التهديد النووى فى ما يُشكل حربا اختيارية؟ كيف يمكن لهذا الملاذ الآمن للناجين من المحرقة أن يقبل استخدام بوتين الردىء لمصطلح «النازى» لوصف زيلينسكى ــ الذى قاتل أقاربه قوات هتلر وماتوا على أيديهم؟ كيف يمكن لدولة يستهدف أعداؤها المدنيين ألا تنطق بكلمة واحدة عن قيام روسيا بنفس الشىء فى أوكرانيا؟
يتعين على القادة الإسرائيليين اختيار أحد الجانبين. يجب أن يكون الاختيار سهلا. يقع الاختيار بين قبول روسيا التكتيكى لحرية عمل القوات الجوية الإسرائيلية فى سوريا، وبين التحالف الإسرائيلى الاستراتيجى والأخلاقى والسياسى طويل الأمد مع الولايات المتحدة والغرب. يتعين على إسرائيل أيضا التعامل مع طبيعة الحرب فى أوكرانيا: وهو الحدث الفاصل الذى من المحتم أن يعيد تشكيل أولويات أمريكا العالمية. واليوم، ستكون هناك حاجة إلى تطبيق استراتيجية احتواء روسيا من قبل الغرب خارج أوروبا، بما فى ذلك الشرق الأوسط. تتمتع الولايات المتحدة بكل الحق فى أن تتوقع من إسرائيل تشكيل تحالف كامل معها.
وإذا كانت الحكومة الإسرائيلية بحاجة إلى المزيد من الإقناع، فيتعين عليها أن تلاحظ أنه حتى الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قد اختار الانحياز. كانت تركيا عضوا غير منتظم فى منظمة حلف شمال الأطلسى، حيث لم تكتفِ بشراء الأسلحة الغربية فحسب، بل اشترت أيضا أنظمة صواريخ أرض ــ جو طراز Sــ400 المتقدمة من روسيا. ومع ذلك، على الرغم من قرب البلاد من روسيا واعتمادها على النفط والغاز الروسيين، إلا أنها أدانت الغزو بشكل قاطع وزودت الأوكرانيين بالأسلحة. وقد أثبتت الطائرات التركية بدون طيار أنها أكثر الأسلحة فعالية لدى الأوكرانيين ضد الدبابات الروسية.
يميل الإسرائيليون إلى رؤية كل حروبهم باعتبارها «وجودية» ولا يستطيعون تحمل الاعتبارات الأخلاقية على أنها كماليات. ومع ذلك، فى بعض الأحيان تتماشى الأخلاق والسياسة الواقعية. وينبغى للقادة الإسرائيليين أن يتذكروا أن ديمقراطية بلادهم تُشكل رصيدا استراتيجيا. إن كون أى بلد عضوا بلا منازع فى الجبهة الديمقراطية التى تقاوم تدمير أوكرانيا من شأنه أن يُحقق فوائد أكبر بكثير مما يُسفر عنه الحياد.

النص الأصلى هنا

التعليقات