الجبنة السويسرى - الأب رفيق جريش - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 12:31 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجبنة السويسرى

نشر فى : السبت 15 فبراير 2020 - 8:20 م | آخر تحديث : السبت 15 فبراير 2020 - 8:20 م

فاجأ الرئيس الفلسطينى محمود عباس العالم بوصف «صفقة القرن» وهو ممسك بخريطة إسرائيل ــ فلسطين ــ التى أعلنها الرئيس الأمريكى ترامب فى مجلس الأمن يوم 28 يناير الماضى أنها «جبنة سويسرى» وهى استعارة مكنية لشىء يمكن اختراقه، فالمعروف أن الجبنة السويسرية الشهيرة المسماة إيمانتال وهى على اسم المقاطعة التى تنتجها ــ كانتون إيمانتال ــ هى نوع جبنة مجزأة أو مخرمة مثل التى يتصارع عليها القط توم والفأر جيرى فى كارتون الأطفال والت ديزنى، فكان الرئيس الفلسطينى موفق جدا فى هذا الوصف لما لها من مدلولات لا تخفى على القارىء الكريم. فهذه الصفقة هى هدية لإسرائيل على حساب الفلسطينيين وعلى حساب السلام العادل والدائم.
وقد دعا الرئيس عباس الرئيس الأمريكى ترامب بإعادة النظر فى مشروعه ودعوة جميع الأطراف لطاولة المفاوضات على أساس
«حل الدولتين» مؤسس على الوضع يوم 5 يونيو 1967، كما دعا مجلس الأمن لعقد مؤتمر دولى لإيجاد حل فالولايات المتحدة لا يمكن أن تكون الوسيط الأوحد بل حادت عن وساطتها وإنجازات لإسرائيل ففقدت مصداقيتها تماما.
«صفقة القرن» التى رسمها زوج ابنة ترامب جاريد كوشنير أعلنها الرئيس الامريكى وبجانبه رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو فى جو احتفالى بهيج بالبيت الابيض ولم يدع الفلسطينيين، وهذه فى حد ذاتها رسالة وهى أن الصفقة ستمضى ستمضى وستتم بأحادية الجانب وفرض الأمر الواقع الذى برعت فيه إسرائيل ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق الدولية منذ عام 1947ــ 1948 وضد الإرادة الدولية حتى لو رأى البعض بعض الإيجابية فى المشروع الامريكى فهو اقتراح من دولة طرف فى الصراع مدعومة من دولة أخرى لا تملك قانونية توزيع الأراضى والسكان كما تريد. وفشلت فى خلق رأى عام دولى ودبلوماسى لصالح المشروع.
من يقبل قصقصة الأراضى الفلسطينية؟ ومن يقبل أن تكون عاصمة فلسطين قرية صغيرة فى الجانب الشرقى من القدس الأصلية قد تسمى يوما القدس الشرقية؟ من سيضمن أن يتم ذلك؟ وكما قال الرئيس عباس: «إذا فرضتم السلام فالسلام لن يعيش طويلا». وها هو الشعب الفلسطينى برغم انقسامه توحد وتظاهر وانتفض فى كل أرجاء فلسطين رافضا الصفقة الامريكية. كما كشف مندوب إسرائيل فى الأمم المتحدة دانى دانون عن نية إسرائيل فى فرض الأمر الواقع عندما وصف الرئيس الفلسطينى والرفض الفلسطينى أنه «غير واقعى» كأن اغتصاب حقوق الناس يصبح شرعيا لو فرض بالأمر الواقع وهكذا تتبدل المبادئ تحت وطأة سلطة القوى وحفنة من الدولارات. أنهى بما قاله الرئيس عباس للمجتمع الدولى «الرجاء ألا تأخذوا رجاءنا منا»، فالجبنة السويسرية لن تشبع الشعب الفلسطينى الجائع إلى العدل والإنصاف والسلام.

الأب رفيق جريش الأب رفيق جريش
التعليقات