الجامعة العربية بين العربى وأبوالغيط - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الإثنين 6 مايو 2024 7:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الجامعة العربية بين العربى وأبوالغيط

نشر فى : الإثنين 14 مارس 2016 - 9:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 14 مارس 2016 - 9:05 ص

كان الدكتور نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية صريحا لأقصى مدى عندما قال أمام وزراء الخارجية العرب الأسبوع الماضى «إن الجامعة العربية هى انعكاس للصورة العربية»، وأن «غياب الإرادة السياسية هو المعوق الأساسى أمام الجامعة لتقوم بدورها».

كلمات الدبلوماسى المخضرم حملت الكثير من المرارة وهو يوشك على توديع منصبه؛ فجاءت كرد جامع مانع على أولئك الذين اعتادوا الهجوم على الجامعة وأمانتها العامة من دون أن يدركوا أنها منذ إنشائها سنة 1945 وهى «جامعة للحكام»، وليست «جامعة للشعوب»؛ وبالتالى تفعيل دورها كحاضنة للعمل العربى المشترك يكون دوما مرهونا بالإرادة السياسية للحكام.

إن الظروف التى شغل فيها العربى منصبه كأمين عام للجامعة العربية كانت شديدة التعقيد؛ ذلك أنه تولى مهامه والعديد من الشوارع العربية متفجرة بالانتفاضات، التى لم تحقق أى منها أهدافها الرئيسية، بل تحولت لفوضى مازالت الشعوب تدفع أثمانها فادحة حتى اليوم.

صار الحديث عن «العمل العربى المشترك» طيلة السنوات الخمس الماضية، ضربا من المحال؛ فنظرة بانورامية على الخارطة العربية ستصيب المرء بالحسرة والألم؛ لأن دولا عربية رئيسية مؤسسة للجامعة العربية قد خرجت تقريبا من التاريخ؛ فقد خرجت سوريا، ذلك البلد العربى الاستراتيجى فى المشرق، وصارت مرتعا لكل المشاريع الإقليمية والدولية.

خرجت ليبيا فى المغرب بموقعها على ساحل البحر الأبيض، وتقريبا غاب العراق بهويته العربية، واليمن لم يعد «سعيدا» بل تعيسا يعانى الفوضى العارمة، ولبنان ذلك البلد العربى الجميل، يعانى فراغا رئاسيا منذ نحو عامين، وتوارى حضور القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب المركزية، وارتفع منسوب صلف إسرائيل التى لم يعد أمامها أى رادع بفعل انقسام الصف الفلسطينى، وانكشاف العرب أجمعين بفعل مشاكلهم الداخلية.

مصر الكبيرة غائبة عن القيام بأدوارها التاريخية فى قيادة العمل العربى المشترك، بعد أن أرهقتها المشكلات الداخلية منذ يناير 2011، وتراجع قدراتها الاقتصادية بنحو غير مسبوق، بجانب أنها تخوض حربا ضروسا ضد الإرهاب فى شبه جزيرة سيناء وفى داخل المدن والمحافظات.

ضعفت المناعة العربية فصارت البلدان فى المشرق والمغرب العربيين أرضا خصبة للتدخلات الخارجية، ويكفى أن نشير إلى الاختراق الإيرانى لسوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان، وتهديد دول الخليج. ضعفت المناعة العربية فازدادت الجماعات الإرهابية توحشا؛ فصار تنظيم مثل «داعش» يحتل أرضا فى سوريا والعراق ويسيطر على مساحات واسعة فى ليبيا، فضلا عن اختراقه عديدا من البلدان الأخرى.

تقريبا نفس هذه الظروف التى عاش معها الدكتور نبيل العربى ــ الذى يحسب له أنه حافظ على بقاء الجامعة العربية رغم كل هذه الرياح العاتية ــ ستواجه الأمين العام الجديد، السيد أحمد أبوالغيط، والتى يحتاج معها لإرادة فولاذية من الحكام العرب لإعادة إحياء العمل العربى المشترك.

ولذلك نقول: إنه كى يتمكن الأمين العام الجديد ــ الذى نرى أنه جدير باختياره لهذا المنصب ــ من إحداث اختراق ملموس فى أى من القضايا التى تؤرق العالم العربى لابد من تجديد شباب الجامعة العربية؛ فلم تعد هذه المنظمة الإقليمية قادرة لا بآلياتها ولا هياكلها ولا ميزانيتها الحالية على أى فعل، يسهم فى تحقيق دورها الرئيسى كحاضنة للعمل العربى المشترك.

وفى هذا السياق يتعين على أبوالغيط أن يعمل بكل ما أوتى من قوة وبأسرع ما يمكن على إقرار مشروع ميثاق الجامعة العربية بعد التعديلات التى أدخلت عليه فى عهد الدكتور نبيل العربى، وكذلك النظام الأساسى لمجلس السلم والأمن العربى، ومحكمة العدل العربية التى أصبحت جاهزة لإقرارها من مجلس الجامعة العربية تمهيدا لعرضها على القادة العرب.

وبالتوازى مع ذلك يجب أن يعمل الأمين العام الجديد على تفعيل قرار قمة شرم الشيخ بتشكيل «القوة العربية المشتركة» للقيام بالدور المنوط بها فى صيانة الأمن العربى، وتوفير المواجهة الشاملة لمكافحة الإرهاب والتصدى للتنظيمات المتطرفة.

التعليقات