تراجيديا الحزب الاشتراكى النمساوى الخالية من كلمة «مؤامرة» - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 11:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تراجيديا الحزب الاشتراكى النمساوى الخالية من كلمة «مؤامرة»

نشر فى : الثلاثاء 13 يونيو 2023 - 8:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 13 يونيو 2023 - 8:30 م

يعيش الحزب الاشتراكى الديمقراطى النمساوى SPÖ ثانى أكبر الأحزاب فى البلاد، والذى يتناوب مع حزب الشعب الحاكم (ÖVP) (يمين الوسط) على حكم النمسا منذ قيام الجمهورية الثانية سنة 1945 تراجيديا لو عرضت فى فيلم سينمائى سيواجه الكثيرون صعوبة فى تصديقها. ففى نهايات فبراير الماضى تصاعد الخلاف الداخلى حول قيادة الحزب بين زعيمة الحزب على المستوى الفيدرالى باميلا ريندى فاجنر وبين هانز بيتر دسكوتسيل، زعيم الحزب فى ولاية بورجنلاند، على أثر انتقادات وجهتها فاجنر لدسكوتسيل فى حديث تلفزيونى، وعلى وقعه أعلن الأخير عصيانا على قيادة الحزب الفيدرالية فى فيينا، وامتنع عن توريد اشتراكات الأعضاء. ولم يكتفِ بذلك بل تحدى رئيسة الحزب وأعلن رغبته فى منافستها على رئاسة الحزب فى انتخابات مبكرة، وطلب بأن يسمح لقواعد الحزب بالتصويت، بدلا من الاكتفاء بتصويت 609 مندوبين يمثلون الحزب فى مختلف ولايات النمسا، وهو ما وافقت عليه الهيئة العليا للحزب.
انتهى تصويت قواعد الحزب فى 10 مايو الماضى، لاختيار الرئيس الجديد للاشتراكى الديمقراطى من بين ثلاثة مرشحين هم: رئيسة الحزب فاجنر وخصمها دسكوتسيل، ومرشح ثالث هو أندرياس بابلر. فى 22 مايو جاءت نتيجة تصويت أعضاء الحزب مخيبة لرئيسته فاجنر التى حلت ثالثة بعد دسكوتسيل، الذى فاز بالأغلبية، وحل بابلر ثانيا.
تتواصل التراجيديا.. فعلى أثر تلك النتيجة المخيبة لباميلا فاجنر أعلنت خروجها تماما من المسرح السياسى النمساوى، بالانسحاب من السباق على رئاسة الحزب وكذلك بالاستقالة من المجلس الوطنى (البرلمان) الذى تتزعم المعارضة فيه، ليدخل غريمها دسكوتسيل لتصويت المندوبين الحاسم فى مواجهة الشاب بابلر.
كل الأمور كانت تشير إلى أن دسكوتسيل الذى قاد انقلابا ضد فاجنر هو الذى سيصل للمقعد الذى جلس عليه ذات يوم برونو كرايسكى مستشار النمسا التاريخى وصديق الرئيس السادات، الذى كان رئيسا للحزب الاشتراكى الديمقراطى، لكن اللافت أن أحدا داخل الحزب أو حتى فى عموم الصحافة النمساوية لم يصف ما قام به دسكوتسيل بأنه «مؤامرة»، حتى باميلا ريندى فاجنر نفسها لم تصف ما قام به خصمها بتلك الصفة.
فى الثالث من يونيو الحالى وصلنا إلى تصويت المندوبين لاختيار الزعيم الجديد للحزب من بين دسكوتسيل وبابلر.. ولم يمض الكثير من الوقت حتى جرى إعلان فوز دسكوتسيل، الذى سالت دموعه، وأعلن أنه أخيرا وصل إلى حلم حياته، واعتبر المراقبون أنه الرجل الذى سيستطيع منافسة الأحزاب اليمينية فى الانتخابات البرلمانية المقبلة، نظرا لمواقفه المتشددة حيال المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين، مثله مثل اليمين المتطرف والمحافظين.
إلى هنا اعتبر الجميع أن المسرحية انتهت، لكن التراجيديا تأبى الانتهاء فكلمة النهاية لم تكتب بعد، فبعد يومين من ذلك جاءت المفاجأة التى تحدث عنها العالم كله باعتبارها «من الغرائب والطرائف»، ففى واقعة وصفتها صحيفة كرونه «واسعة الانتشار»، بـ«الانهيار السياسى»، أخطأت لجنة الانتخابات فى الحزب الاشتراكى فى عد الأصوات فى المؤتمر العام للحزب وحولت الخاسر بابلر إلى فائز برئاسة الحزب.
وأعلنت مديرة لجنة الانتخابات ميشيلا جروبيزا، وقوع الخطأ، وبررت الأمر بأنه عند نقل النتائج لشيت البيانات «إكسل» جرى تبديل أسماء المرشحين بالخطأ. وجاءت الأصوات الصحيحة، وفق إعادة العد، لتظهر فوز أندى بابلر بعد حصوله على ٣١٧ صوتا، مقابل ٢٨٠ صوتا لبيتر لدسكوتسيل الذى أعلن فائزا بالخطأ.
المثير فى الأمر أم دسكوتسيل تقبل إعلان هزيمته بعد أن احتفل بفوزه برئاسة الحزب، ليتجرع من نفس الكأس التى سقاها لباميلا فاجنر، فأعلن هو الآخر اعتزال الحياة السياسية على المستوى الفيدرالى للأبد، وطالب أنصاره بعدم منح بابلر ظهورهم، ورفض توجيه الاتهام لأحد، كما هنأ مقربين منه، بابلر على رئاسة الحزب.

التعليقات