البدوى والفلاح وعزلة أهل سيناء - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 3:25 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البدوى والفلاح وعزلة أهل سيناء

نشر فى : الإثنين 13 أبريل 2015 - 9:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 13 أبريل 2015 - 9:15 ص

«لا بد من الإشارة إلى تلك المنطقة التى يتقاطع عندها البدوى والفلاح، الأول يختار قمة كثيب، ويقيم فوقها خيمته، ويعلق عليها الراية البيضاء، ثم يشعل النار أمام الخيمة، بينما يأتى الفلاح جوار جدول ويقيم عشته، وعلى حافة الجدول يشرع فى إنبات حياته.

الأول مستعد لتقديم حياته ثمنا لحريته، والثانى مستعد لتقديم حريته ثمنا لحياته، ومن هذه المنطقة بالضبط يتم اصطياد الثانى.. كيف؟ يتوالى الجباة، وتتصاعد الضرائب، والفلاح يقابل هذا التصاعد بقدرة عجيبة على الصبر والانحناء ما دامت الجباية أقل أو تساوى ما تنتجه الحياة، إلى أن يأتى جاب غبى، وتصير الجباية أكبر من الإنتاج، حينها يشعر الفلاح بأن الخطر يطول الحياة نفسها، عند هذه اللحظة بالضبط تشتعل جهنم».

بهذه العبارات الحادة لخص الناشط السيناوى، مسعد أبو فجر، فى روايته الاستثنائية «طلعة البدن» الصورة الذهنية السلبية التى يحملها البدوى عن الفلاحين، الذين ينتمى إليهم غالبية المصريين.

وفى مقابل هذه الصورة توجد صورة سلبية مقابلة للفلاحين عن أهل سيناء مؤداها أن البدوى «ليس له أمان، أخذ سلاح العساكر سنة 1967 مقابل شربة ماء، يتعاون أحيانا مع إسرائيل.. مهرب للسلاح والمخدرات».

هذه الصور الذهنية السلبية المتبادلة بين أهل سيناء وبقية سكان مصر تتسبب إلى حد بعيد فى تلك العزلة التى يعيش فيها أبناء شبه الجزيرة، وعدم قدرتهم على الاندماج فى نسيج المجتمع، وعزز هذه العزلة الموقع الجغرافى لسيناء، فضلا عن إهمال الدولة لها ولسكانها.. فبات السيناوى يتعامل مع الدولة والمجتمع من منطلق تحكمه أزمة ثقة حادة؛ ذلك أنه يرى الخطاب الرسمى للحكومة يتحدث عن «دعم أبناء سيناء»، والخطاب الإعلامى يتحدث عن «أهالينا فى سيناء»، فى حين أن الممارسات الفعلية معهم تحكمها تلك الصورة الذهنية السلبية التى حكينا عنها توا (ليس لهم أمان.. عملاء..)، وتجد هذه الصورة حاضرة بقوة فى تصرفات بعض الأجهزة معهم، فهم متعاونون مع إسرائيل وتجار مخدرات ومهربو أسلحة إلى أن يثبت العكس، وبلغت هذه الطريقة الظالمة فى تعميمها وغير الآدمية ذروتها فى حقبة وزير الداخلية الأسبق، حبيب العادلى، الذى تمت تبرئته من كل عيب.

ما الحل إذن لإصلاح هذه الصور المشوهة التى يحملها سكان سيناء عن بقية سكان مصر والتى يحملها الكثير من سكان الوادى والدلتا عن أهل سيناء؟

الحل فى إيجاد مناخات للتقارب والتحاور والعشرة والجيرة، ولن يتم ذلك إلا بعبور المصريين إلى سيناء، عبر خطط حقيقية وواقعية لخلق مجتمعات عمرانية على هذه الأرض التى سالت لأجل تحريرها دماء الشهداء.. مجتمعات منتجة لا يشعر فيها السيناوى بأن «الغرباء» جاءوا لأخذ وظيفة كان هو أولى بها، ولا يشعر القادم من الوادى والدلتا أنه أحق منهم بهذه الوظائف أو تلك الفرص فى الاستثمار.

لن يحدث ذلك فى المدى المنظور.. فماذا نحن فاعلون؟ إلى أن نشرع فى البدء فى التنمية المنشودة يجب احتضان أطفال وشباب سيناء.. الذين يقضى بعضهم عمره دون أن يزور القاهرة نهائيا أو يقتصر الأمر على مرات معدودات، يعود بعدها مسرعا إلى شرق القناة من فرط الإحساس بالغربة.. على «المجلس القومى للطفولة والأمومة» الذى لا يرى أطفالا فى مصر إلا فى الزمالك ومصر الجديدة النزول إلى سيناء، واحتضان أطفالها وبدعم من الدولة ومنظمات المجتمع المدنى ينظم رحلات لأبناء سيناء لزيارة معالم وطنهم فى القاهرة والصعيد والإسكندرية والدلتا، ويجمعهم بأقرانهم فى هذه المناطق، هذه اللقاءات ستؤكد للسيناوى أن أبناء الوادى والدلتا لا يحنون جباههم للجباة، وستثبت لأبناء الوادى والدلتا أن السيناوية مصريون مثلهم.. وطنيون ربما أكثر منهم.. والكل واحد فى بوتقة تهميش الحكومات المتعاقبة.

 

kaboubakr@shorouknews.com

التعليقات