فى هذه اللحظات المفصلية من تاريخ القضية الفلسطينية لا كلمات يمكن أن تنفع، ولا تحليلات يمكن أن تشفع أو تصلح للتعبير عما يقوم به الشعب الفلسطينى فى ممارسة حقه المشروع فى الدفاع عن أرضه ومقدساته.. بعدما أوصدت أمامه كل الأبواب، وبعد أن جرى تدمير حلم إنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.. وبعد أن التهم الاستيطان كل شىء.. وبعد أن نالت أفعال المستوطنين المتطرفين من كل شىء.. وبعد أن صار العدوان على الشعب الفلسطينى ومقدساته طقسا يمارسه قادة إسرائيل مع كل أزمة داخلية يواجهونها.. وبعد أن كسرت تل أبيب كل يد فلسطينية امتدت لها بالسلام.
إن الأزمة الحقيقية ليست عند الفلسطينيين بل عند إسرائيل التى صارت تفتقد بشكل لم يسبق له مثيل منذ بداية الصراع إلى قيادة يمكنها أن تقدر الأمور بشىء من الوعى حتى بمقتضيات أمن شعبها.. إن الصدمة الموجعة التى تلقتها تل أبيب ومؤسساتها العسكرية والأمنية مع المستوطنين المتطرفين، ستجعل ما قبل يوم السبت 7 أكتوبر 2023 ليس كما بعده، مهما ارتكب جيش الاحتلال من فظائع ضد الشعب الفلسطينى الأعزل.
قلت فى البداية إنه لا كلمات يمكن أن تنفع ولا تحليلات يمكن أن تشفع.. ففى هذه اللحظات لا يجد المرء ليردده أفضل من أنشودة «جسر العودة» التى كتبها الأخوان رحبانى وغنتها فيروز بصوتها المزلزل.
جسر العودة جسر العودة
يا جسر الأحزان أنا سميتك جسر العودة
المأساة ارتفعتْ
المأساة اتسعتْ
وسعتْ سطعتْ بلغتْ حد الصلب
منْ صلبوا كل نبى صلبوا الليلة شعبى
العاثر ينهضْ
النازح يرجعْ
المنتظرون يعودون
وشريد الخيمة يرجع
وبليلة عتم أبيض كالأولى للميلادْ
ملْآى بغموض الآتى وبفرح الأعيادْ
يأتى من صمت الأشجارْ
طفل فى سن العشرين
يحتفل اليوم بميلاده
عيده العيد برشاشْ
فمضى يتصيد ويقيمْ
فى أرض أبيه وأجدادهْ
يدخل آلاف الأطفالْ
من كبروا الليلة فى الخارجْ
عادوا كالبحر من الخارج
أرجع فى العتمة معهمْ
نصمد ونقاتل لا نرحلْ
ونقيم كشجر لا يرحلْ
تقفون كشجر الزيتونْ
كجذوع الزمن تقيمونْ
كالزهرة كالصخرة فى أرض الدار تقيمونْ
وسلامى لكم يا أهل الأرض المحتلةْ
يا منزرعينْ بمنازلكمْ
قلبى معكم وسلامى لكمْ
والمجد لأطفال آتينْ
الليلة قد بلغوا العشرينْ
لهم الشمس لهم القدس
والنصر وساحات فلسطينْ