ظلم الأوائل في زمن أشرف العربى - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
السبت 4 مايو 2024 6:05 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ظلم الأوائل في زمن أشرف العربى

نشر فى : الإثنين 8 يونيو 2015 - 10:20 ص | آخر تحديث : الإثنين 8 يونيو 2015 - 5:20 م

«مفيش قانون فى الدولة يلزمنا بتعيين أوائل الخريجين».. بهذه العبارة الصادمة التى توصد أبواب الأمل أمام كل شاب مجتهد ومتفوق فى هذا البلد خرج علينا وزير التخطيط أشرف العربى نهارا جهارا أمام عدسات التلفزيون دون أن يجد من يراجعه.. الوزير المسئول عن التخطيط لمستقبل مصر يتساءل وهو ماطٌّ شفتيه: «لماذا أعطى ميزة للأوائل دون غيرهم؟».. إذن لمن تعطى الدولة المزايا إذا لم تعطها للمتفوقين من أبنائها يا جناب الوزير؟.. تعطيها للمحاسيب وأبناء المسئولين وأقاربهم بقانونك الذى دبر بليل؟

ما صرح به هذا الوزير المحبط لفلذات أكباد مصر ــ خلال الإعلان عن مسودة اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية أمس الأول ــ إذا مر مرور الكرام فلا تنتظروا من الشباب إلا ركوب البحار هربا من بلد لا يحترم التفوق.. ولا يقيم وزنا للعلم.. ويخترع خلافا لكل الدنيا معايير جديدة للمساواة ستسجل فى موسوعات الغرائب والطرائف باسم أشرف العربى «المقبول يساوى الامتياز»!

إذا أغلقنا باب تعيين الأوائل الذين يبذلون الجهد والعرق ويبذل آباؤهم الغالى والنفيس للحصول على المراكز الأولى فى تخصصاتهم فماذا ننتظر من هؤلاء الشباب؟.. وإذا ألغت الدولة مزايا وحوافز التفوق.. هل يمكن لمصر أن تتقدم؟ وإذا استمر اعتمادك على من اخترتهم بمعايير غير قابلة للقياس.. فلماذا يتعب أبناؤنا فى تحصيل العلم طوال سنوات الدراسة؟

أقولها بأعلى الصوت: لا معيار موضوعيا وقابل للقياس للتعيين فى الوظائف العامة إلا التقدير التراكمى فى البكالوريوس أو الليسانس.. وما دون ذلك من اختراعات سيادتك أيها الوزير: باطل باطل باطل.. وفيه جور على المتفوقين من أبناء مصر لمصلحة من دونهم.

قبل أسبوعين تمنيت على الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هذه المساحة أن يصدر أوامره بتعيين العشرة الأوائل فى كل كلية من كليات الحقوق وكلاء للنائب العام، والعشرين الأوائل فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية دبلوماسيين فى الخارجية، وفتح المجال أمام أوائل الثانوية العامة لدخول الكلية التى يختارونها مدنية كانت أو عسكرية، ولم أكن أدرى وقتها أن الحكومة تخطط لسد كل نافذة أمل أمام المتفوقين فى كل المجالات، لا فى الوظائف الكبرى وحدها.

أيها السادة: إن عموم المصريين البسطاء مازالوا يرون فى تعليم وتفوق أبنائهم طريقا وحيدا للحصول على وظيفة تؤمن لهم الحدود الدنيا من الاستقرار وسد الرمق، فضلا عن الحراك الاجتماعى المشروع للمواطنين فى أى دولة تعامل مواطنيها على أنهم أمامها سواء.. فنرجوكم انتبهوا لذلك.

لو شاءت الأقدار لهذا الوزير غير المنصف ومر من أمام مدرسة فى حى شعبى من أحياء المحروسة فى وقت الامتحانات ورأى الأمهات المصريات البسيطات وهن يقفن أمامها انتظارا لخروج الأبناء من اللجان للاطمئنان على أدائهم فى الامتحان، أملا فى أن يتفوقوا ويحصلوا على أعلى الدرجات كى يسهل طريقهم نسبيا فى الحصول على وظيفة، بالتأكيد كان رأيه سيختلف، لكنه على كل حال معذور؛ فهو وحكومته لا يعرفون سوى تلاميذ المدارس الدولية.

لن أطيل.. فالروح بلغت الحلقوم.. ورغم ذلك مازال لدى أمل فى إقامة العدل فى هذه الدولة.. مازال لدى أمل فى وجود رجال لديهم وازع من ضمير وحب وإخلاص لهذا البلد وناسه الطيبين.. مازال لدى أمل فى فرملة اندفاع هذا الوزير والتيار الذى يمثله فى الحكومة وبقية أجهزة الدولة نحو إحباط شبابنا الذى هو فى مسيس الحاجة لمن يمد له يده.. بدلا من أن يعطيه ظهره.. ما يزال لدى أمل.

التعليقات