الطائفية ترسم اتجاهات هجرة العراقيين داخل وطنهم - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 9:10 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطائفية ترسم اتجاهات هجرة العراقيين داخل وطنهم

نشر فى : الخميس 7 مايو 2015 - 9:05 ص | آخر تحديث : الخميس 7 مايو 2015 - 9:05 ص

نشر موقع المونيتور الإخبارى مقالا للكاتب والصحفى العراقى، عدنان أبو زيد، يتناول فيه طبيعة الهجرة الداخلية للعراقيين وأسبابها مشيرا إلى أصل وبداية تلك الظاهرة وكيف كان لداعش والحرب عليها أخيرا من قبل القوات العراقية دور كبير فى التصعيد منها، متناولا آراء بعض الخبراء والمحللين فى هذه الظاهرة. ويوضح أبوزيد فى البداية أنه بسبب المعارك التى دارت بين قوات الجيش العراقى وتنظيم «داعش» الإرهابي، هاجر الآلاف من أبناء محافظة الأنبار، ذات الأغلبية السنية، من مناطقهم. وأعلنت الأمم المتحدة فى 19 أبريل عن فرار أكثر من 90 ألف شخص من محافظة الأنبار (غرب العراق)، متجهين إلى بغداد ومناطق فى الوسط والجنوب تضم أغلبيات شيعية. وإن حجم هذا النزوح الكبير وما ترتب عليه من مشكلات إنسانية فى توفير السكن والطعام والشراب، أعاد طرح مشكلة انتقال المواطنين على أساس الهوية الطائفية. وقبل هذا النزوح، كانت هجرة المواطنين تأخذ خطوطا طائفية صارمة، فالشيعى يهاجر إلى مناطق شيعية، والسنى إلى مناطق سنية. علاوة على أن العربى لا يستطيع الدخول إلى المناطق الكردية، إلا بواسطة «الكفيل»، أى أن على النازح أن يجد شخصا معروفا لدى السلطات فى المنطقة التى يهاجر إليها، يتحمل مسئولية إقامته بحسب اجراء امنى عند نقاط التفتيش فى مداخل مدن إقليم كردستان.
ويحيل أبوزيد بداية ظاهرة الهجرة أو التهجير وتحديدها فى عام 2004 بسبب القتال بين أفراد القوات الأمنية وتنظيم «القاعدة» فى العراق، ثم تنظيم «الدولة الإسلامية»، بالخطوط الطائفية، إذ هاجر الكثير من «الشيعة» فى مناطق غرب العراق وشماله ذات الأغلبية السنية، إلى مناطق وسط العراق وجنوبه، حيث الشيعة هم الأكثرية. أما هجرة أهالى الأنبار فكسرت هذه القاعدة، إذ إنها المرة الأولى التى تهاجر فيها أكثرية «سنية» نحو مناطق أكثر أمنا تسكنها أكثرية «شيعية».


•••


ويبين أبو زيد أن هذه الحالة قد خلقت جدلا واسعا فى المجتمعات التى استقبلتهم، حيث يتساءل البعض هل يُسمَح للنازحين السنة بدخول المدن الشيعية، باعتبار أن العراق وطنهم ووطن الجميع، أو لا يُسمَح لهم خوفا من تسلل إرهابيين بين النازحين؟ إن المخاوف الأمنية حظيت بأهمية كبيرة، فمدينة الديوانية على سبيل المثال، رفضت فى 21 أبريل 2015 دخول الرجال النازحين إليها.
ويبدأ الكاتب فى عرض بعض الآراء حول الظاهرة، ويبدأ بالباحث السياسى أحمد الأبيض والذى عزا رفض دخول النازحين «السنة» إلى المدن «الشيعية» لأسباب طائفية، وذلك فى تصريحه لـ«سكاى نيوز» عربية فى 19 أبريل من عام 2015.
أما الكاتب والمحلل السياسى على مارد، فرد منع دخول النازحين السنة إلى بغداد والمناطق الشيعية إلى «السنة أنفسهم»، حيث قال «إن السبب يعود إلى التمرد السنى وما نتج منه من عنف واضطرابات وعدم استقرار فى المناطق ذات الغالبية السنية، وكانت بواكير هذا العنف عمليات التهجير المنظمة للشيعة، الذين يعيشون فى المناطق، التى تقطنها غالبية سنية، إذ جرى تطهيرها تماما من الوجود الشيعى». وأضاف مارد «تكمن المفارقة اليوم فى أن أبناء المناطق السنية، التى وصل العنف فيها إلى ذروته بسيطرة تنظيم داعش عليها، نزحوا ولاذوا بالحشد الشعبى (الشيعي) والمدن الشيعية التى وفرت لهم الحماية والرعاية، رغم جراحات الأمس القريب».
وفى هذا الإطار يوضح أبو زيد أن رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملى فى حديث لبرنامج تليفزيونى يبث على فضائية السومرية، فى 21 أبريل من عام 2015 كشف أن «مئات الأسر السنية النازحة من الموصل وتكريت جندها تنظيم «الدولة الإسلامية» بهدف اختراق الأمن فى العاصمة بغداد بحجة النزوح».
ومن جهته، رأى الكاتب والإعلامى أحمد جبار غرب، عكس ذلك، إذ برأ جميع المهجرين منذ عام 2003 مما حصل ويحصل. ورأى أن كل أعمال التهجير جرت فى شكل قسرى، وما يحصل اليوم من تهجير قسرى سببه الهجوم، الذى يشنه تنظيم «داعش» على المدن السنية الآهلة بالسكان مثل الفلوجة والرمادى غربى بغداد، ويوضح «إن أهالى الأنبار مضطرون إلى النزوح نحو بغداد والمناطق الشيعية التى تحيط بمحافظتهم، إذ لا ملاذ لهم سواها، لا سيما أن المناطق الأخرى، التى تحيط بمحافظتهم هى عبارة عن صحراء لا تصلح للعيش والإقامة».

•••


وعلى الصعيد الاجتماعى أشار أبوزيد إلى ما لفت إليه الباحث المجتمعى صباح كاظم، فى حديثه أن «الهجرات الداخلية باتت أمرا يتكرر فى العراق منذ حقبة نظام الرئيس العراقى صدام حسين، الذى هجر الأكراد فى سبعينيات القرن الماضى، إلى المناطق العربية بهدف تذويب هويتهم القومية. كما هجر سكان الأهوار من الشيعة فى جنوب العراق فى ثمانينيات القرن الماضى، بسبب اتهامهم بدعم المعارضة الشيعية فى ذلك الوقت. وبعد عام 2003، أدت الحرب الطائفية والأعمال المسلحة إلى تنظيم «القاعدة»، ثم تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى تهجير الأقليات الشيعية الموجودة فى المناطق السنية نحو بغداد والوسط والجنوب».
ويشير أبو زيد إلى أنه بسبب أعمال التهجير القديمة والتى مارستها قوى مختلفة، هناك الكثير من الآراء فى شأنها، فالدكتور عثمان عبدالملك السعدى، وهو أحد الأطباء النازحين إلى الأردن، وابن رجل الدين السنى المعروف عبدالملك السعدى يرجعها إلى مؤامرة، وقال فى اتصال «المونيتور» معه فى عمان: «كل ما يجرى من عمليات تهجير سواء أكان للسنة أم للشيعة هو مؤامرة. لقد جرى تسهيل انضمام شباب أهل السنة إلى داعش، بالتوازى مع دعم انضمام شباب الشيعة إلى الحشد الشعبى لأجل تقسيم العراق، وجعل الناس يقتلون بعضهم بعضا».
إن التهجير القسرى، الذى يتم لأسباب طائفية، مستمر فى العراق، وهو بحسب الإعلامى فى شبكة الإعلام العراقى صفاء عبدالهادى، بات معقدا، لافتا إلى أنه «لن ينتهى بمجرد مصالحة سياسية، بل يحتاج إلى مصالحة اجتماعية»، حيث أوضح أن «هذه حقيقة يجب الاعتراف بها، رغم مرارتها. وإن الخطاب المعتدل اليوم لا يلقى أى قبول فى المجتمع، وأصبح العنف والتهديد والوعيد السمة الغالبة فى لغة العراقيين». وأشار عبدالهادى إلى أن «الانتقامات الطائفية باتت ماثلة للعيان»، لافتا إلى «موقف الحكومة المحلية فى كربلاء، التى قررت منع دخول النازحين إلى المحافظة».
وفى الختام يؤكد أبو زيد أن السياسات فى العراق بعد عام 2003 قد رسمت خطوطا طائفية بين أبناء البلد الواحد، والتى بات يصعب عبورها حتى فى أوقات الأزمات الإنسانية، ويتجلى ذلك بوضوح فى أزمة نازحى الأنبار، التى تغلبت فيها المصالح السياسية والمواقف الطائفية على المشاعر الإنسانية.

التعليقات