أن تُحب.. سارة - منى أبو النصر - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 8:24 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أن تُحب.. سارة

نشر فى : الخميس 7 أبريل 2016 - 10:55 م | آخر تحديث : الخميس 7 أبريل 2016 - 10:55 م
- في الوقت الذي كانت تنهمر فيه "أوراق بنما" على العالم، كان أحمد يختبر أولى لحظات الفقد ويدوَن عبر حسابه على الفيس بوك "يتيم أنا من بعدك يا حبيبتى.. ربنا يرحمك ويرحمني".


طالع أصدقاء أحمد، وهم كُثر، ما سطر، فحلق الطير على الرؤوس، وسلب العقول، في محاولة استيعاب مرهقة أن أحمد ينعي سارة.
  

- أحمد مجدي همام صاحب "الجنتلمان يفضل القضايا الخاسرة" كاتب محترف، قيمة مضافة للكتابة في الملف الثقافي، وقبل ذلك أديب من طراز شديد النقاء، عملنا سويا قبل نحو عامين، وكدأب الحياة انتهى العمل المشترك، وظللت أتابع جديده من خلال صفحته على "فيسبوك"، وهي صفحة تشبه صاحبها غنية بالأدب والفن والسخرية، ولا أستطيع تقدير ذلك الزمن الذي عبرت فيه تلك السحابة الرقيقة سماء أحمد.. فتسللت برفق لتحتل صفحته بكل سيادة وألق، "سيلفيهات" و"بوستات" كان يُقرؤها أحمد على أنظار العالم، معلنا حبه وشوقه وولعه بخطيبته سارة.. سارة وصفي.


- لم أكن أعرف سارة عن قرب، تعرفت عليها من خلال "الجنتلمان" أحمد مجدي همام، وبعدها قرأت لها عددا من عروض الكتب التى كانت شغوفة بكتابتها على طريقتها الذكية والذواقة، قلت لنفسي يوما: "ربما تجمعنا صدفة قريبة أو ميعاد أو حتى مكان عمل".. ولكن لم يحدث.


- "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" عنوان تعليق "كابشن" اختاره أحمد ليعنون إحدى صورهما.. غاب أحمد بعد أن نعى سارة وترك بروفايله ليتحول لساحة للعزاء، وتبادل الصدمة، ونعت الحياة بالغدر واللؤم، وتذكر الخالق.. تستحي أن تسأله كيف حدث هذا؟


- تُفاجأ بحديث يتسلل عن مرض سارة الذي أودى بحياتها، تستحي من جديد أنك لم تكن تعلم، وتقرأ بوست قديم لأحمد كان يدعو فيه الأصدقاء للتبرع بالدم لسارة بشكل عاجل في المصل واللقاح، تسأل البعض فيجيبونك أن سارة كانت مريضة في الفترة الأخيرة بما يسمى مرض زيادة المناعة وهو مرض نادر، أدى لضمور كبدها، وأنها كانت تقاوم كل هذا الوقت في صمت، قبل زواجهما مباشرة، ولا أعلم ما حدث بالظبط، فالبعض يتحدث عن فشل جراحة زراعة الكبد.


- الحزن مشترك لمئات الأسباب، خاصة بعد العلم بقصة مرضها النادر، أقوم للمرة الأولى بزيارة "بروفايل" سارة، باعتباره شريك أيامها الأخيرة، فلا أمُر فيه بأية مساحة حزن أو نواح رغم أهوال المرض، لن تجد به أثرا لجراحة خطيرة مرتقبة، أو لسرير مستشفى، أو أكياس دم مرجوة، لن تجد به سوى صورة حديثة لسارة تعانق فيها قطة بيضاء وديعة مثلها، وكتاب "ميتتان لرجل واحد" لجورج أمادو كانت تبدأ في قراءته، كانت تستأنس بشادية وأم كلثوم، تستعير من "آهات" الست، وتطمئن أحمد "سوف تلهو بنا الحياة وتسخر".


- تتعلم منها أشياء لم تكتب هي شيئا مباشرا عنها، شيئا عن البراءة والصمود والعشق وحب الحياة، أما أحمد فلم تُخلق بعد كلمة تعزيه، ولكن تذكر ياعزيزى أنك وفي اختبار مرير لكليكما كنت لسارة السند والمحبة التي كانت تستحقها وتتكئ عليها، ونعلم جميعا أنك شئت أم أبيت ستظل سارة تُعمر قلبك وتسكن فصول مشروعك الأدبي المقبل.


وفي النهاية نعود بثقل قلب نردد Good die young، أو: الطيبون يموتون مبكرا.. وفي أقوال أخرى: في ناس أرق من الحياة.
منى أبو النصر صحفية مصرية
التعليقات