تحديات التعليم الجامعى فى كوريا الجنوبية - قضايا تعليمية - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 11:36 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تحديات التعليم الجامعى فى كوريا الجنوبية

نشر فى : الجمعة 6 مايو 2016 - 9:50 م | آخر تحديث : الجمعة 6 مايو 2016 - 9:50 م
نشرت مجلة «The Chronicle of Higher Education» مقالا لـ«كارين فيشر»؛ الكاتبة المتخصصة بقضايا التعليم الدولى والاقتصاد، حول التعليم فى كوريا الجنوبية، خاصة فيما يتعلق بمعدل التحاق الطلاب بالتعليم الجامعى. فقد قامت كوريا بعد التخلص من الاستعمار اليابانى بالعمل على زيادة معدلات التحاق الطلاب بالتعليم بكل مراحله، مما أدى بعد ذلك لحدوث تضخم فى أعداد الطلاب خاصة فى مرحلة التعليم الجامعى، ونتج عن ذلك تخرج طلاب غير مؤهلين لسوق العمل؛ فقد أثر هذا الكم على كفاءة العملية التعليمية وبالتالى على كفاءة الخريجين فزادت نسبة البطالة بسبب قيام المؤسسات بطرد العاملين غير الكفء وغير الملائمين. كما تعرض الكاتبة أيضا رؤية المتخصصين فى الموضوع والحلول المقترحة لحل الأزمة؛ مثل الجهود التى تقوم بها الحكومة كفرض مزيد من القيود والرقابة على الجامعات وبشكل خاص الجامعات الخاصة.

تبدأ فيشر المقال بالحديث عن تعجب « Daehoon Jho » ــ الأستاذ بجامعة Sungshin للمرأة بكوريا الجنوبية ــ عند علمه أن الرئيس أوباما والمسئولين الأمريكيين يريدون أن يصبح النظام التعليمى بالولايات المتحدة مثل كوريا الجنوبية؛ حيث يعتبر الرئيس الأمريكى باراك أوباما والقادة الأمريكيون الدراسة الجامعية بكوريا الجنوبية نموذجا يحاولون الوصول إليه ومحاكاته. فى حين لا يقتنع الكوريون ــ أمثال «Jho» ــ بذلك؛ بل يرون أن زيادة أعداد من يلتحقون بالجامعات أدت إلى تقليل قيمة الشهادة الجامعية؛ فالطلاب بعد تخرجهم يٌعانون من أجل الحصول عن فرصة عمل، فضلا عن الأضرار الجمة التى يتكبدها المجتمع نتيجة لهذا الكم من الشباب العاطلين عن العمل.

يرى الكوريون ــ أفرادا ومؤسسات عديدة ــ أن تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بإرسال كل الأفراد إلى الجامعة قد أدى إلى نظام تعليمى متضخم بالطلاب. ونتيجة لذلك حاولت الحكومة اللجوء لغلق الجامعات بل وتقليل مستواها.

***

تضيف «فيشر» أنه بعد الحرب العالمية الثانية ــ عندما حصلت كوريا على استقلالها من اليابان ــ كان عدد من التحق بالجامعة نحو 7800 كورى، فى حين كان أكثر من 85% من السكان أميين؛ أى لم يتلقوا أى تعليم بالمدارس على الإطلاق. وفى عام 1957 قامت الحكومة الكورية بإلحاق الطلاب بالمدرسة الابتدائية الشاملة وذلك كما حدد البنك الدولى بأن يتم إلحاق 90% أو أكثر من السكان بالمدرسة فى السن المحددة. ثم قامت بعدها بإلحاقهم بالمدرسة الثانوية عام 1999، وبعدها بالتعليم العالى عام 2000.

وعلى نحو آخر يذكُر «Jung Cheol Shi» – الأستاذ بجامعة سيول الوطنية التى تُدَرِس الاتجاهات التربوية بشرق آسيا ــ أن تطور الجامعة لم يكن جزءا من خطة الحكومة المركزية، ولكن مع الأعداد الكبيرة من خريجى المدارس الثانوية – وبالطبع الذين يريدون الالتحاق بالجامعة ــ فقد اضطرت الحكومة الكورية لزيادة أعداد المقبولين من المتقدمين للالتحاق بالجامعات مرتين؛ الأولى فى الثمانينيات ثم مرة أخرى فى التسعينيات، وبعد ذلك وافقت على افتتاح الجامعات الخاصة التى تضم اليوم ما يقرب من 80% من الطلاب الكوريين.

وفيما يتعلق بالعائلات الكورية فإن «James F. Larson» – نائب رئيس الشئون الأكاديمية بجامعة نيويورك بالمدينة الكورية إنتشون ــ يرى أن زيادة الرغبة فى الحصول على تعليم عالٍ قد تم غرسها فى المعتقدات الثقافية الكورية. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من المحللين يشعرون بالقلق تجاه ذلك الكم من الطلاب الذى يأتى على حساب جودة التعليم فى نهاية المطاف.

***

وفى السياق ذاته تعرض «فيشر» وجهة نظر «Seongho Lee» – أستاذ التربية بجامعة «Chung Ang» ــ الذى يؤكد على معدلات التضخم بالتعليم العالى الكورى وعدم ملاءمة نسبة كبيرة من الطلاب الكوريين للالتحاق بالجامعة. ويرى «Lee» أن ذلك لا يعتبر تعليما عاليا على الإطلاق، بل مجرد امتداد للتعليم الثانوى، ونتيجة لذلك تقوم المؤسسات بطرد الخريجين غير المؤهلين لسوق العمل.

كما تشير نتائج دراسة قام بها فى عام 2013 معهد «ماكينزى جلوبال» – الذى يقوم بالبحث الاقتصادى للشركة الاستشارية الدولية ــ إلى أن الإيرادات الناتجة عن عمل خريجى الجامعات الكورية الخاصة أقل من العاملين الحاصلين فقط على شهادة التعليم الثانوى. وتوصلت الدراسة أيضا إلى ارتفاع نسبة العاطلين من الخريجين الجدد فى السنوات الأخيرة إلى 30%. وفى السياق ذاته يذكر «Lee» أن الفائض الناتج من التعليم الجامعى يمثل خطورة اجتماعية كبيرة.

وفيما يتعلق بزيادة الالتحاق بالجامعات الكورية يرى «Jho» أن ذلك التدافع قد يبدأ منذ المدرسة الابتدائية؛ فالآباء يدفعون أموالا طائلة تصل إلى سُدس دخلهم لإعطاء أبنائهم ميزة الدخول للمدارس الخاصة، وفى المقابل نجد عائلات أخرى ذات أوضاع اقتصادية سيئة لا تستطيع حتى تحمل نفقة الدروس الخصوصية فى المدارس ذات التكلفة الأقل، وأضاف أن هذا النظام الطبقى يلائم فقط الطبقتين المتوسطة والعليا.

***

وتختم فيشر المقال بالحديث عن علاقة الدولة بالتعليم الخاص؛ حيث تسعى الحكومة الكورية إلى كبح جماح التعليم الخاص؛ وقد قامت بإجبار المدارس الخاصة على إنهاء اليوم الدراسى فى العاشرة مساء، فضلا عن الرقابة الشديدة التى تقوم بها على كل جامعات التعليم الخاص وإغلاق المؤسسات ذات الأداء الضعيف، وإنهاء المقررات التعليمية التى لا تلائم سوق العمل. ويطرح القادة السياسيون اقتراحا ــ قد يبدو غير وارد إطلاقا بالولايات المتحدة ــ بأن بعض مواطنيهم من الممكن أن يكونوا أفضل فى حال عدم ذهابهم إلى الجامعة.

ويمكن القول بأن كوريا ليست وحدها التى يجب عليها إعادة النظر بالثقافة المتعلقة بضرورة حصول عدد كبير من سكانها على درجات علمية. وأشارت فى النهاية لرأى «Lily Kong» – عميد جامعة سنغافورة للإدارة ــ فى هذا الإطار بأن حكومة سنغافورة قامت بتشجيع المواطنين للحصول على الشهادات اللازمة لمتطلبات العمل فقط بدلا من متابعة دراستهم بشكل كامل. وأشار «Kong» هنا إلى ضرورة التعلم من أجل الحياة بدلا من الاندفاع من أجل الحصول على درجة علمية.
التعليقات