صناعة غاز شرق المتوسط.. تحديات جيوسياسية وصناعية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صناعة غاز شرق المتوسط.. تحديات جيوسياسية وصناعية

نشر فى : الأربعاء 6 مارس 2024 - 9:00 م | آخر تحديث : الأربعاء 6 مارس 2024 - 9:00 م
نشرت جريدة الشرق الأوسط اللندنية مقالا للكاتب وليد خدورى، ينبه فيه إلى تحديين يواجهان صناعة غاز شرق المتوسط. الأول هو انخفاض المعدل السنوى لحقل «ظهر» وهو أضخم حقل غازى فى مصر، صاحبة المكانة الأولى فى احتياطات الغاز فى دول شرق المتوسط. والثانى هو تداعيات حرب غزة على احتياطى حقل «غزة مارين»... نعرض من المقال ما يلى:
تعد صناعة غاز شرق المتوسط، التى تبلغ العقدين من الزمن، أحدث قطاع بترولى فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ تمتد الصناعة البترولية الإقليمية فى بعض الأحيان ما بين سبعة عقود إلى قرن من الزمن تقريبا.
تأخر انطلاق الصناعة البترولية فى شرق المتوسط (الغازية منها بالذات) لسببين رئيسيين: توافر حقول الغاز فى مياه عميقة يتطلب تقنية حديثة للاستكشاف والإنتاج، من جهة، والنزاعات الإقليمية، بالذات الصراع العربى ــ الإسرائيلى، والاحتلال التركى للجزء الشمالى من الجمهورية القبرصية، وما تبع هذين الصراعين الإقليميين الرئيسيين من خلافات حدودية، مثل عدم رسم الحدود البحرية قبل البدء بالعمليات الاكتشافية، من جهة أخرى.
انطلقت صناعة غاز شرق المتوسط فى بداية القرن الحادى والعشرين منذ إعلان «إدارة معلومات الطاقة» الأمريكية عن توافر احتياطات غازية تجارية فى شرق المتوسط «حوض ليفانت».
بدأ التنقيب عن الغاز فى بادئ الأمر فى المنطقة الاقتصادية الخالصة للمياه المصرية. واكتشفت شركة «إينى» الإيطالية حقل «ظهر» فى شهر أغسطس 2015، باحتياطى غازى مقداره 30 تريليون قدم مكعب، مما شكل أضخم حقل غازى فى مصر وفى البحر الأبيض المتوسط.
وصفت شركة «إينى» أهمية اكتشاف الحقل العملاق فى حينه، بالآتى:
«يستطيع حقل (ظهر) تلبية الطلب الداخلى للغاز فى مصر لعقود مقبلة. وفى نفس الوقت يمنح الفرصة لمصر لتشييد البنى التحتية لتصبح مركزا إقليميا مهما لصناعة الغاز المسال، القطاع البترولى المتزايد الأهمية لتأمين إمدادات الطاقة. من ثم، من خلال هذا المشروع تستطيع مصر التأكيد على دورها الرئيسى ليس فقط لشركة (إينى)؛ إذ لعبت مصر دورا استراتيجيا للشركة منذ تأسيسها، ولكن أيضا لتأمين الإمدادات لصناعة الطاقة العالمية».
وبالفعل، تبوأت مصر بعد اكتشاف «ظهر» المنزلة الأولى لاحتياطات الغاز فى دول شرق المتوسط، وذلك بارتفاع مجمل احتياطيها الغازى فى عام 2022 إلى 63.30 تريليون قدم مكعب.
تم تطوير حقل «ظهر» فى وقت قياسى؛ إذ بدأ الإنتاج فى عام 2017 بعد سنتين من الاكتشاف.
بدأ ينخفض الإنتاج الغازى لشركة «إينى» فى مصر لعام 2023، كما فى الأعوام الثلاثة الماضية؛ إذ بدأ ينتج سنويا حقل «ظهر» ما بين 1.9 و2.1 مليار قدم مكعب يوميا. ومما يزيد من خطورة الأمر أن انخفاض المعدل السنوى لأضخم حقل غازى مصرى يحدث هذا العام فى نفس الوقت الذى لا يتوقع فيه ابتداء الإنتاج من حقل جديد.
كما يتوقع أن تواجه الصناعة الغازية الشرق متوسطية تحديا آخر خلال الأشهر المقبلة، على ضوء نتائج «حرب غزة». فبحسب اتفاق أوسلو لعام 2015، تتولى السلطة الفلسطينية منح الامتيازات للشركات البترولية للاستكشاف والإنتاج من المنطقة الاقتصادية الخالصة لبحر غزة، فى حين تتولى إسرائيل المسئولية الأمنية. وبالفعل، بادرت السلطة الفلسطينية بمنح الامتياز لشركتين متخصصتين مصرية وفلسطينية لتطوير حقل «غزة مارين» الذى افتتحه فى عام 2000 المرحوم الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات. لكن عطلت وماطلت الحكومات الإسرائيلية فى تطوير الحقل، ففرضت الحصار البحرى على قطاع غزة. كما طالبت باستقطاع حصة من الغاز المتجه إلى غزة لتسليمه لكونسورتيوم من الشركات الإسرائيلية لتزويد السوق الإسرائيلية.
ورغم أن احتياطى حقل «غزة مارين» محدود جدا؛ نحو 1.5 تريليون قدم مكعب، مما يمكن أن يزود الوقود الكافى لقطاع غزة لمدة عقد ونصف من الزمن؛ فقد صدرت شائعات عديدة مع بدء «معركة غزة» أنه السبب الرئيسى للحرب. وهذه شائعات غير صحيحة. فالحقل مكون من جزأين: «غزة مارين أ» فى منتصف بحر غزة، و«غزة مارين ب» القريب جدا من المياه الإسرائيلية، وحقل «مارى ب» الإسرائيلى.
السؤال الآن: كيف سيتم تطوير الحقل فى الظروف الجديدة بعد الحرب؟ وتحت مسئولية من؟ وهل سيستمر العمل بالاتفاقات السابقة؟ وهل ستستمر إسرائيل فى عراقيلها؟ وكيف؟
أخيرا، هناك سؤال يطرح نفسه على صناعة غاز شرق المتوسط: فى ظل الاحتياطات المحدودة المكتشفة لحد الآن فى المنطقة، هل ستعطى الأولوية للصادرات ومشاريعها الباهظة الثمن، أو ستعطى الأولوية فى كل دولة للاستهلاك المحلى لتغذية محطات الكهرباء والمصانع، إلى جانب تشييد شبكة للطاقة الشمسية، للحفاظ على مستوى بيئى جيد؟
من الواضح أن اكتشاف الغاز فى شرق المتوسط باحتياطات محدودة لحد الآن، يستوجب التفكير بالموضوع بشكل مختلف كليا عن التفكير بالنفط فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث الاحتياطات العملاقة وإمكانية الاستهلاك المحدودة نسبيا، ناهيك بضغوط شركات النفط العملاقة التى دعمت التصدير لزيادة أرباحها من جهة، وتلبية الطلب العالمى المتزايد سنويا للنفط طوال القرن العشرين، من جهة أخرى.

النص الأصلى

التعليقات