جيل «اخترناه» لن يهزم جيل يناير - خالد أبو بكر - بوابة الشروق
الجمعة 3 مايو 2024 8:57 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

جيل «اخترناه» لن يهزم جيل يناير

نشر فى : الإثنين 1 يونيو 2015 - 10:35 ص | آخر تحديث : الإثنين 1 يونيو 2015 - 10:35 ص

تحدث الكاتب الكبير، الأستاذ عبد الله السناوى، فى «الشروق» الاثنين الماضى عن جيل يناير، مؤكدا أنه «قد يهزم لكنه لن ينكسر»، استعرض بأسلوب بديع محن الأجيال السابقة، وكيف أنها هزمت لكنها ظلت عصية على الكسر، ملخصا حال الجيل الشاب بعبارة عميقة فى دلالتها «على الوجوه حزن وفى الكلام أنين».

لكن ما لفت انتباهى فى مقال الكاتب الكبير أنه وقف عند جيل السبعينيات، وقفز منه إلى جيل يناير، وهنا أود أن ألفت النظر إلى أنه بين الجيل الذى قاتل على جبهة قناة السويس كما لم يقاتل جيل قبله، وجيل يناير الذى ناضل لأجل العيش والحرية والعدالة الاجتماعية كما لم يناضل جيل مثله، يوجد جيل ثالث كان أصغر من أن يشارك فى صنع الانتصار العسكرى، وكان قطار الفعل السياسى قد تخطاه بسنوات عندما فجّر جيل يناير الثورة.

هذا الجيل الثالث هو الخطر الأكبر الذى يواجه جيل يناير.. من يناصبه العداء.. ويقاتل بشراسة للقضاء على أمانيه الكبرى التى دفع أثمانها مقدما من الدماء والتضحيات.. هو الخطر لأنه عندما تخرج فى الجامعة كانت دولة مبارك تتشكل؛ فتشرب مفاسدها ببطء.. بالراحة.. باقتناع فى أحيان كثيرة.. فكان النشيد الذى يهز جوارحه «اخترناه من أول كلمة سمعناه.. اخترناه من أول عهده فهمناه».

جيل «اخترناه» (إلا من رحم الله) هو الأخطر على الجيل الذى صنع مجد مصر فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو؛ لأنه تعود على الاختيار«من غير لجنة ولأ وآه» (أى من غير لجنة انتخابية ونعم ولا) كما يقول الأوبريت الشهير.. أيقن عبر 30 سنة فى دولة مبارك أنه كلما خفض الصوت وطأطأ الرأس أمام الرئيس ــ من رئيس الحى إلى رئيس الجمهورية ــ علا وارتفع.. جيل تربى على أن الانبطاح أمام مديره «صدقة».. والقهقهة على نكته البايخة «فرض عين».. وأحلام سيادته «أوامر».

جيل بات اقتناعه راسخا بأنه ليس مهما أن تكون عالما أو موهوبا لتتبوأ مواقع الصدارة.. المهم أن تكون «شمشرجيا» تكتب التقارير فى زملائك.. وأن يكون الأسياد فى الإدارات العليا راضين عن خدماتك.

الخطير فى هذا الجيل الذى ليس لديه إنجاز يباهى به الأجيال ــ السابقة واللاحقة ــ أنه تقريبا يتبوأ مواقع القرار فى معظم مؤسسات الدولة؛ وبالتالى علينا ألا نستغرب من انعدام الكفاءة الذى يضرب غالبية هذه المؤسسات.

جيل «اخترناه» لا تهمه مصر.. ما يهمه الحفاظ على مناصبه وتوريثها لأبنائه؛ فنخطئ اذا تصورنا أن «التوريث» كان مشروع مبارك وحده.. بل كان مشروع جيل بأكمله من أساتذة الجامعة والدبلوماسيين إلى القضاة والفنانين إلى بقية أجهزة الدولة.

عقلية جيل «اخترناه» محنطة تميل للاختزال والتنميط، فيختزلون جيل يناير فى النشطاء السياسيين؛ ولذلك يركزون نيرانهم عليهم.. دون أن يدركوا أنهم يصوبون فى الاتجاه الثانوى لجيلنا العظيم، لا يدركون أنه جيل يصعب الالتفاف عليه وتطويقه؛ فهو أكبر وأوسع من هذه المجموعة؛ ومجهوده الرئيسى وقوته الضاربة تنتشر فى المدارس والجامعات.. فى الأرياف والبنادر.. وعلى المقاهى دون عمل.. أو تتألم لسرقة مجهودها لحساب الفشلة من أبناء الباشوات أو معدومى الكفاءة.

القوة الضاربة لجيل يناير ــ بصبر تحسد عليه ــ ما زالت تمنح الحكم الجديد فرصة لتوقيع قراراته على خرائط مصر الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. وتتمنى ألا تنحرف بوصلته فى اتجاه الانحيازات والوجوه القديمة، رغم وجود إرهاصات لذلك.

فى صراع الأجيال لا انتصار بالضربة القاضية التى يتوهم جيل «اخترناه» أنه حققها مع جيل يناير.. دون أن يدرك رجاله أنهم بتهميش هذا الجيل وعدم بث الأمل فى نفوس أبنائه بإجراءات واضحة يدفعونهم إلى الاحتجاج باستراتيجية «أرض الموت»، أى وظهورهم للحائط وليس لديهم ما يخافون عليه، وعندها لن يقدر أحد لا على هزيمة هذا الجيل ولا على كسره؛ لأن الوطن عندها سينهار على رءوس الجميع.

kaboubakr@shorouknews.com

التعليقات