أصحاب ولا أعز.. كلمة أخيرة - سامح فوزي - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 10:22 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أصحاب ولا أعز.. كلمة أخيرة

نشر فى : الثلاثاء 1 فبراير 2022 - 8:50 م | آخر تحديث : الثلاثاء 1 فبراير 2022 - 8:50 م
أحد أبرز الانتقادات التى وجهت للفيلم، والتى طالت كل من وقف فى مربع الدفاع عن الإبداع، هو القول بأن الفيلم يُروج للمثلية الجنسية، ويجعلها تتسرب إلى الثقافة العامة، بحيث تصبح أمرا عاديا، أو مستوعبا اجتماعيا. وأعرف الكثير من الأصدقاء من أصحاب الآراء المنفتحة فى معظم الأحيان كانت لهم تحفظات على الفيلم من هذه الزاوية تحديدا. فى هذا السياق جاء بيان مركز الفتوى التابع للأزهر، والمستمد من أحاديث للإمام الأكبر د. أحمد الطيب فى مناسبات سابقة، تؤكد على فكرة أساسية هى عدم توطين ثقافة مغايرة، خاصة على صعيد العلاقات الجنسية، لا تقرها الأديان، ولا يعرفها المجتمع بتقاليده. ولا يزال النظام العام فى المجتمع يتعامل مع المثلية الجنسية باعتبارها انحرافا يضاف إلى انحرافات أخرى ظهرت متقطعة فى المجتمع مثل تبادل الزوجات، والصداقة الجنسية، وخلافه.
أفهم أن يثور المجتمع، بمؤسساته الدينية والثقافية، ضد كل الأفكار أو الممارسات الوافدة التى تخالف ما استقر عليه من تقاليد، وما تواتر عليه من معتقدات، ولكنى أظن أن ردة الفعل الانفعالية تجاه المواقف، تستنفد الطاقة فى الغضب، ثم ما يلبث أن يتكرر الأمر مرارا وتكرارا مع انفعال أقل، ودرجة تقبل أوسع. حدث ذلك عدة مرات فى مناسبات سابقة على عدة مستويات. غضب يتصاعد ضد قضية من القضايا، ثم يخمد بعد جدل، وبعد ذلك يتحول الأمر إلى مسألة معتادة. أتذكر أن المجتمع فى مطلع التسعينيات أهتز تجاه حادثة «فتاة العتبة»، واعتبر ذلك مساسا بقيم المجتمع، وخروجا على معتقداته، وهذا صحيح بالطبع، ولكن تكررت بعد ذلك أحداث التحرش والاغتصاب وهتك العرض حتى صارت أخبارا عادية فى صفحة الحوادث فى أى جريدة، ولم يعد رد الفعل كما كان فى المرة الأولى. وإذا استمر هذا النهج فى التعامل مع قضايا المثليين والحرية الجنسية أو ما شابه، فأغلب الظن سوف يفور المجتمع، ويخمد من آن لآخر، وبعد فترة تزداد مساحة تقبل المجتمع للأمر، ويصبح شأنا متداولا عاديا، وإن ظل غير مقبول من القاعدة العريضة من الناس.
خلافا لذلك يأتى رد الفعل العقلانى، الذى يناقش ويحلل، ويعرض وجهات النظر، ويرفع مستوى وعى الناس. بالتأكيد البوح أفضل من التكتم، والخوف من الخطأ يستوجب مناقشته، والتوعية بمخاطره، أكثر من الغضب. ولو ظل الناس يرفضون الحديث عن المثلية حتى لا تصبح مسألة معتادة، فأغلب الظن سوف تصبح كذلك بفعل التكتم، والشيوع فى صمت، ولكن لو ناقشها الناس، وتضمنتها برامج الإعلام والتعليم والخطابات الدينية بشىء من العقلانية، والنظرة العلمية، والنقد الاجتماعى سوف نرفع مستوى الوعى بها، وتدرك الأجيال الناشئة هذه المسألة، وتداعياتها.
وتشير السوابق إلى أن المجتمع يحرز نجاحات إذا انتهج السبيل العقلانى فى التعامل مع القضايا. عندما خصصت مجلة أجنبية غلافها منذ سنوات عن قضية ختان الإناث فى مصر اندفع المجتمع غاضبا على شرفه، لكن ظلت المشكلة قائمة إلى أن تصدت لها مؤسسات الدولة والمجتمع المدنى بعقلانية، وإعلام، وإعلان، ومنتجات ثقافية، وتشريعات تجرم هذه الممارسة البغيضة، مما أدى إلى تراجع معدلاتها، وصارت مصر ضمن الدول التى يُشار إليها فى مجال مكافحة ختان الإناث.
بالطبع أنا لا أقارن بين قضية ختان الإناث والمثلية الجنسية، هناك اختلاف واسع بينهما، ولكنى فقط أشير إلى أن العقلانية، والاقتراب العلمى من القضايا يحمى شبابنا من منعطفات خطيرة، من خلال بناء الوعى والتفكير النقدى وإدراك المفاهيم الدينية والأخلاقية.
سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات