** لوسي ثلجية نائبة رئيس بلدية بيت لحم للأناضول:
- المدينة بدأت استعداداتها الميلادية لكن بطابع مختلف تماما عن السنوات الماضية
- لن تكون هناك احتفالات صاخبة ولا عروض موسيقية ولا أسواق كبيرة والاحتفال سيقتصر على الطقوس الدينية وعنصرها الروحي
- نحن في حالة حداد ونريد أن تكون بيت لحم صوتا روحيا في زمن القتل والدمار. ورسالة الميلاد لتعزيز الصمود وليس للاحتفال
تستعد مدينة بيت لحم، مهد السيد المسيح عليه السلام، جنوبي الضفة الغربية المحتلة، للاحتفال بذكرى عيد الميلاد في أجواء احتفالية مختلفة قليلا عن العامين الماضيين.
ففي ساحة المهد المحاذية لكنيسة المهد، يكمل عمّال البلدية تزيين شجرة الميلاد، التي غابت خلال عامي حرب إسرائيل للإبادة بقطاع غزة وعدوانها الدموي في الضفة الغربية.
كما بدأت بعض شوارع وساحات المدينة تكتسي حُلّة الميلاد، إيذانا بعودة مظاهر الفرح رغم قسوة الظروف وتداعيات حرب الإبادة.
وتحتفل الطوائف المسيحية المتبعة للتقويم الغربي بعيد الميلاد في قداس منتصف ليل 24-25 ديسمبر، فيما تحتفل الطوائف المتبعة للتقويم الشرقي في 7 يناير.
ومنذ 8 أكتوبر 2023، قتلت إسرائيل في غزة أكثر من 69 ألف فلسطيني وأصابت ما يزيد على 170 ألفا، معظمهم أطفال ونساء، وتسببت بدمار هائل.
بموازاة ذلك، قتل الجيش الإسرائيلي ومستوطنون بالضفة الغربية ما لا يقل عن 1082 فلسطينيا، وأصابوا نحو 11 ألفا، إضافة لاعتقال أكثر من 20 ألفا و500.
وإضافة إلى الضحايا، أسفرت الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية عن تدمير واقتلاع 48 ألفا و728 شجرة، منها 37 ألفا و237 شجرة زيتون، وفقا لمعطيات رسمية.
** احتفالات رمزية
وقالت نائبة رئيس بلدية بيت لحم لوسي ثلجية للأناضول، إن المدينة "بدأت استعداداتها الميلادية، لكن بطابع مختلف تماما عن السنوات الماضية".
وأوضحت أن البلدية اتخذت قرارا بإحياء الميلاد "رغم كل ما تتعرض له فلسطين من قتل وتدمير، وخصوصا في غزة وجنين وبقية مدن الضفة التي تتعرض لمداهمات وحصار يومي".
واستدركت: "لن تكون هناك احتفالات صاخبة ولا عروض موسيقية ولا أسواق كبيرة".
و"الاحتفالات ستكون مقتصرة على الطقوس الدينية وعنصرها الروحي فقط. نحن في حالة حداد ووجع، لكن الميلاد دائما يحمل رسالة أمل للشعب"، بحسب ثلجية.
وفي السنوات الماضية، كانت تُنصب في بيت لحم شجرة الميلاد بعد تبرع أحد رجال الأعمال بها.
لكن ثلجية قالت: "نزين بما هو متوفّر فقط. مواردنا المالية شبه معدومة، لكن وجود الشجرة بحد ذاته هو رسالة رمزية. الزينة ستكون بسيطة ومحدودة جدا، ولن تشمل سوى مواقع معينة".
** اقتصاد المدينة
وعلى أطراف الساحة، يرفع عمال سلالا معدنية بواسطة رافعة بسيطة، ويثبتون ما توفر من كرات الزينة.
وتبدو ألوان الزينة أقل بريقا مما كانت عليه قبل حرب الإبادة، في انعكاس مباشر لواقع المدينة والفلسطينيين المتردي.
وسنويا، كانت بيت لحم تستقبل مئات آلاف الحجاج، وهي تعتمد على القطاع السياحي بما نسبته 80 بالمئة من اقتصادها.
لكن حرب إسرائيل لإبادة غزة وعدوانها في الضفة، أدّيا إلى إلغاء الحجوزات وإغلاق الفنادق والمطاعم السياحية خلال العامين الماضيين، بحسب ثلجية.
وقالت إن "الفنادق كانت مغلقة تماما والمرافق السياحية توقفت بالكامل. هذا يضرب اقتصاد المدينة بشكل مباشر".
واستدركت: "لكن التحضير للميلاد يعطي أملا بأن الوضع يمكن أن يتحسن، أن جمهورا من فلسطينيي الداخل سيأتي لبيت لحم لأسواق الميلاد ولإضاءة الشجرة".
وأضافت أن البلدية تتلقى اتصالات من عائلات ترغب في زيارة المدينة رغم الأوضاع الصعبة، "لأن الميلاد بالنسبة لهم ليس احتفالا فقط بل جزء من الهوية".
وتابعت أن رسالة الميلاد هذا العام هي "قومي استنيري يا بيت لحم".
وأردفت: "نريد أن تكون بيت لحم صوتا روحيا في زمن القتل والدمار".
وأضافت: "ما يتعرض له شعبنا في غزة هو إبادة، وما يجري في الضفة من اعتقالات واقتحامات يعكس استهدافا لكل تفاصيل حياتنا. لذلك تأتي رسالة الميلاد لتعزيز الصمود، ليس للاحتفال".
ومنذ عقود تحتل إسرائيل فلسطين وأراضي في سوريا ولبنان، وترفض الانسحاب منها وقيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، على حدود ما قبل حرب 1967.
وفي الشوارع المحيطة بساحة المهد، تفتح المحلات التجارية أبوابها بخجل، والفنادق التي كانت تعجّ بوفود أجنبية باتت شبه فارغة إلا من بعض الموظفين.
رغم كل شيء، تُصرّ بيت لحم على أن تُضيء الشجرة خلال الأيام المقبلة، ولو بإضاءة بسيطة، كما تقول ثلجية، "لتقول للعالم إن الفلسطينيين رغم الجراح، متمسكون بالحياة والعدالة والسلام".