تواصلت فعاليات مؤتمر "الصناعات الثقافية والإبداعية وأبعادها التنموية.. سيناء نموذجًا" بقصر ثقافة العريش بمحافظة شمال سيناء، إذ أقيمت ثاني الجلسات البحثية ضمن المؤتمر الذي يُعقد تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، واللواء الدكتور خالد مجاور محافظ شمال سيناء، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة اللواء خالد اللبان، في إطار جهود وزارة الثقافة لتعزيز الصناعات الإبداعية ودعم دورها في تحقيق التنمية المستدامة.
وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "الاقتصاد الإبداعي والتنمية المستدامة"، بحضور الدكتور مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، ومشاركة الدكتورة منى عبد الباقي التي قدمت ورقة علمية وافية تناولت العلاقة بين الثقافة والابتكار وأثرهما في معالجة مظاهر التراجع المجتمعي.
وتطرقت الباحثة، إلى أهمية ترسيخ المفاهيم الأساسية للثقافة والابتكار باعتبارهما مدخلًا لصياغة نموذج تنموي مستدام، خاصة في سيناء التي تمثل بيئة خصبة للصناعات الثقافية.
كما قدمت قراءة تاريخية لدور مصر في دعم الصناعات الإبداعية، مع استعراض نماذج من اهتمام الدراما بعادات وتقاليد سيناء، إضافة إلى مقترحات عملية لتفعيل الصناعات الثقافية وتعزيز استثمارها.
فيما قدمت الباحثة هند محسن ورقة بحثية بعنوان "من الفكرة إلى الخوارزمية.. الاقتصاد الإبداعي والتنمية المستدامة في زمن الذكاء الاصطناعي"، تناولت فيها تطور الاقتصاد الإبداعي في ظل التحول الرقمي، مؤكدة أن هذا الاقتصاد لم يعد نشاطًا ثقافيًا تقليديًا، بل أصبح عنصرًا محوريًا في السياسات التنموية الحديثة عبر دمج الثقافة بالابتكار والتكنولوجيا.
وتضمن بحثها ثلاثة محاور رئيسية دارت حول مفهوم الاقتصاد الإبداعي وجذوره عالميًا وعربيًا، ومكوناته في الفنون والإعلام والتراث والصناعات الرقمية، والعلاقة بين الاقتصاد الإبداعي والتنمية المستدامة، وأثره في تعزيز الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، مع التركيز على شمال سيناء، والتطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي في تطوير الصناعات الثقافية، بما يشمل الفنون والإعلام والسياحة الثقافية ورقمنة التراث والتعليم عبر المنصات الرقمية.
كما شارك الباحث سلامة سالم الرقيعي، بورقة بحثية بعنوان "الصناعات الثقافية والإبداعية ودورها الاقتصادي والمجتمعي"، مسلطًا الضوء على الدور الحيوي لهذه الصناعات في دعم النمو الاقتصادي وتحقيق التنمية المجتمعية عبر الاستثمار في الموارد الإبداعية وتنمية رأس المال الثقافي.
* مائدة مستديرة حول الثقافة والابتكار والتنمية
وعقب الجلسات البحثية، عُقدت مائدة مستديرة بعنوان "العلاقة بين الثقافة والابتكار والتنمية المستدامة"، أدارها الدكتور حمدي سليمان، بمشاركة نخبة من المثقفين والباحثين والمهتمين بالتراث والتنمية.
وشهدت المائدة نقاشات ثرية ورؤى فكرية عميقة حول واقع التنمية الثقافية في سيناء ودور الصناعات الإبداعية في تعزيزها.
واستهل عزيز الغالي عضو اتحاد الكتّاب وأمين عام جمعية متحف التراث السيناوي النقاش بمداخلة تناولت التراث الطهوي في سيناء، باعتباره مرآة للهوية الثقافية وذاكرة المكان، مؤكدًا أن الأكلات الشعبية تحمل سرديات وثقافات يجب توثيقها ورقمنتها حفاظًا عليها.
كما تحدث الكاتب والقاص عبد الله السلايمة عن العلاقة بين الثقافة والتنمية المستدامة، مشددًا على أن الإبداع هو مفتاح التطور الاجتماعي، مشيرًا إلى أن الثقافة ليست ترفًا بل ضرورة تعيد تشكيل الوعي وتمكّن المجتمع من امتلاك أدوات التغيير.
واستعرض سعيد العيسوي رئيس الصالون الثقافي لشمال سيناء تجربة تأسيس الصالون ودوره في تنشيط الحركة الثقافية، مؤكدًا أهمية ربط العمل الثقافي باحتياجات المجتمع وتقديم الفنون والمعارف بشكل يجذب الشباب.
فيما اختتم الباحث مسعد أبو بدر المداخلات بتناول ثقافة البادية في سيناء، باعتبارها ركيزة في تشكيل الشخصية السيناوية، مشيرًا إلى مفاهيم التفاؤل والاعتماد على الذات والرضا، ومدى قدرتها على خلق إنسان قادر على مواجهة التحديات وبناء مستقبل أفضل.
وشهدت المائدة المستديرة حوارات مفتوحة تطرقت إلى أهمية الحفاظ على التراث السيناوي وتوثيقه، ودعم الصناعات الإبداعية، وتطوير التعليم الثقافي، وتوسيع استخدام التكنولوجيا لخدمة الثقافة، بما يسهم في تحقيق تنمية مستدامة تراعي خصوصية المجتمع السيناوي.
وجاء ذلك بحضور قيادات ثقافية وتنفيذية بالمحافظة، واختتمت بمداخلات من الحضور حول دور الصناعات الإبداعية في دعم التنمية بشمال سيناء.
وينظم المؤتمر من خلال الإدارة المركزية للشئون الثقافية، وبالتعاون مع إقليم القناة وسيناء الثقافي وفرع ثقافة شمال سيناء، ويختتم فعالياته مساء اليوم متضمنًا عدة جلسات بحثية وموائد مستديرة بمشاركة أكاديميين وباحثين متخصصين في قضايا الثقافة والتنمية.