كيفية تأثير جرائم الاعتداء على الصحة النفسية للطفل.. والطرق السليمة لدعمه

نشر في: الثلاثاء 25 نوفمبر 2025 - 11:22 ص
سلمى محمد مراد

تتوالى وقائع الاعتداء على الأطفال؛ ليظهر ملف يحتاج إلى مواجهة عاجلة لا تأجيل فيها، أحداثها واقعة مدرسة سيدز الدولية، حيث تعرّض خمسة أطفال لانتهاكات جنسية، تم الكشف عنها بالصدفة بعد ملاحظة أم تغيّرات سلوكية حادّة لدى طفلها.

تلك الوقائع تفتح الباب أمام أسئلة كثيرة حول كيفية تأثير مثل هذه الجرائم على الصحة النفسية للطفل، والطرق السليمة لدعمه، وفي محاولة لفهم التأثير النفسي لمثل هذه الجرائم، تحدّثت الدكتورة زينب إبراهيم عبدالعال، استشاري الصحة النفسية لـ"الشروق"، عن الصدمات التي تتركها هذه الانتهاكات في نفس الطفل، وكيف يمكن للأسرة اكتشافها والتعامل معها؟

* تأثير الصدمة النفسية على الطفل لا ينجو منها أحد

تؤكد الدكتورة زينب، أن الاعتداء الجنسي يترك صدمة كبرى على الطفل مهما كان عمره، موضّحة أن الأطفال الأصغر سنًا يكونون أكثر عرضة للسيطرة من قِبل المعتدي؛ لأنهم لا يستوعبون ما يحدث ولا يعرفون التعبير عمّا يتعرّضون له.

وأضافت: "لكن إذا كان لديهم وعي مسبق بأن هناك مناطق لا يجب أن يلمسها أحد، وبتصرّفات وتهديدات معينة توحي بأن هناك خطأ ما يحدث".

وتابعت: "كلما كان الطفل أصغر، كان أسهل تهديده والسيطرة عليه، الوعي المبكر عند الطفل هو خط الدفاع الأول ضد أي متحرش".

* حين لا يصدق الأهل أبناءهم

وتحذّر الدكتورة زينب من خطورة عدم تصديق الأطفال، مستشهدة بحالة مرّت عليها، تقول عنها إن أمًّا أحضرت طفلها للكشف لسبب مختلف، وشكّت الطبيبة في تعرّضه لاعتداء جنسي، وحين سألته اعترف، وسألته لماذا لم يخبر والدته؟ فقال إنه يخشى أن تعنّفه، وبالفعل عندما دخلت الأم الغرفة أنكر الطفل خوفًا، والأم أيضًا أنكرت كلامه.

وتصف هذه الحالة بأنها واحدة من الأسباب التي تفاقم الألم النفسي لدى الطفل، وتمنعه من طلب المساعدة.

* هل يستطيع الطفل تجاوز الصدمة وحده؟

أجابت طبيبة الصحة النفسية: لا، فيما أكدت أن أي طفل يتعرّض لاعتداء لا يمكن أن يتعامل مع التجربة بمفرده، قائلة: "الاعتداء تروما حقيقية، ويحتاج الطفل دعمًا أسريًا وتدخلًا نفسيًا متخصصًا ليقدر على التعامل مع المشاعر التي يمر بها".

وأوضحت أن حدّة الصدمة تختلف حسب مدة وتكرار الاعتداء، ومدى درجة قرب المعتدي من الطفل.

* علامات مبكرة تكشف ما لا يقوله الطفل

هناك مجموعة واضحة من العلامات التي تظهر على الطفل بعد الاعتداء، من بينها: "الخوف المفاجئ أو تجنّب الذهاب إلى مكان معيّن، صعوبة في النوم أو الاستيقاظ مفزوعًا"، وفق تصريحات طبيبة الصحة النفسية.

كما تشمل العلامات التي تظهر على الطفل بعد الاعتداء عليه، كلا من: "التبوّل اللاإرادي أو فقدان السيطرة أو مشكلات في الإخراج، تراجع مفاجئ في المستوى الدراسي وضعف التركيز، الانسحاب الاجتماعي أو العدوانية، وتغيّرات حادّة في الشهية أو السلوك".

* آثار طويلة المدى قد تمتد إلى المراهقة والبلوغ

وتحذّر "عبد العال"، من تجاهل الصدمة، موضّحة أن آثارها قد تكون كارثية لاحقًا: "إذا لم يُعالج الطفل بشكل صحيح، قد يصبح معتديًا في المستقبل، أو يعاني مشكلات كبيرة في العلاقات، وقد يرفض الزواج أو يرفض الاقتراب الجسدي من أي شخص".

وترى أن الصدمات المبكرة تؤثّر بوضوح في التحصيل الدراسي والعلاقات الاجتماعية، وقد تترك بصمات مؤلمة تستمر لسنوات.

* ثلاث ركائز أساسية لمساعدة الطفل المعتدى عليه

وتختتم الدكتورة زينب، حديثها بالتأكيد على أن العلاج يعتمد على ثلاثة عناصر رئيسية:

أولًا: الدعم الأسري، حيث يجب أن يشعر الطفل بالأمان والاحتواء والحب والتصديق، وأن يعرف أن ما حدث ليس ذنبه.

ثانيًا: محاسبة المعتدي، فمن الضروري أن يرى الطفل أن المعتدي عوقب وأنه ليس بعيدًا عن المساءلة.

ثالثًا: التدخل النفسي المتخصص، مهم جدًا كي يتعلّم الطفل كيفية التعامل مع الصدمة، والتعبير عن مشاعره، واستعادة إحساسه بجسده وحدوده.

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة