يواجه كثير من الأطفال صعوبة في التعبير اللفظي عن مشاعرهم، خاصة عند المرور بتجربة غير مريحة أو تعرضهم لموقف سيئ؛ لذا يصبح الانتباه إلى السلوكيات والتغيرات الجسدية والنفسية هو الوسيلة الأهم لاكتشاف ما يمر به الطفل، وفي الوقت نفسه يجب أن تتم مراقبة الطفل والتعامل معه بحنان وهدوء بعيدًا عن التخويف أو الضغط، حتى يشعر بالأمان ويتشجع على التعبير عن نفسه.
وفيما يلي تشارك ميادة أحمد، أخصائية الصحة النفسية، في تصريحات لـ"الشروق"، أبرز العلامات السلوكية، وكيفية التعامل السليم معها، وطرق خلق بيئة آمنة تشجع الطفل على الكلام والثقة بوالديه.
* العلامات السلوكية الدالة على تعرض الطفل لتجربة غير مريحة
أوضحت ميادة، أن كثيرًا من الأطفال لا يملكون القدرة على التعبير بالكلام عند تعرضهم للإساءة، لذا يظهر الأمر من خلال الحركات الجسدية ونظرات العيون، ومن أبرز العلامات التي قد يلاحظها الأبوان:
1- الميل إلى العزلة والسكون على غير العادة.
2- عودة الطفل من الحضانة أو المدرسة وهو أقل كلامًا وابتعاده عن مشاركة تفاصيل يومه كما كان يفعل سابقًا.
3- تغير نبرة صوته كأن تصبح أعلى من المعتاد أو منخفضة بشكل ملحوظ.
4- التحسس والرفض للمسات الجسدية عند الاقتراب منه أو محاولة احتضانه.
5- حدوث تبول لا إرادي بعد أن كان قد تجاوز هذه المرحلة.
6- معاناة من أحلام مفزعة أو نوم متقطع.
7- التعبير عن مشاعره من خلال رسومات غريبة أو مقلقة أحيانًا.
وأضافت أن هذه العلامات لا تعني حتمًا تعرضه لتحرش، لكنها مؤشر إلى أن هناك شيئًا يزعجه ويحتاج إلى ملاحظة دقيقة.
* أهمية المراقبة الهادئة دون تهديد أو استجواب
وأشارت إلى أن المرحلة التالية هي ضرورة عدم إشعار الطفل بأنه تحت الضغط أو التحقيق، فذلك قد يزيد خوفه وامتناعه عن الكلام، ويجب أن تتم ملاحظة سلوكياته بهدوء وحنان كي لا يفزع.
وتابعت: "غالبًا تكون الأم هي الأكثر قدرة على ملاحظة التغيرات خلال العناية اليومية، مثل وقت مساعدته على الاستحمام أو ارتداء الملابس، فقد تجده منكمشًا أو متوترًا على غير المعتاد، وفي هذه المواقف يُنصح بعدم الضغط عليه أو التحدث معه وكأنه ارتكب خطأ، لأنه في الأغلب غير مدرك لطبيعة ما حدث".
* كيف نشجع الطفل على الكلام؟
وأوضحت أن التواصل مع الطفل يجب أن يكون من خلال الدردشة الودودة وتبادل سرد أحداث اليوم، ويمكن سؤاله عن الأنشطة التي قام بها أو الأشخاص الذين لعب معهم، وإذا رفض الحديث يمكن للوالدين تقديم رسائل مطمئنة مثل تذكيره بأنهما إلى جانبه إذا كان هناك ما يزعجه.
وأكدت ضرورة أن يحافظ الوالدان على تماسك أعصابهما لأن القلق قد يدفعهما لسلوك يربك الطفل ويزيد خوفه، وينصح كذلك بالحفاظ على تواصل بصري عند التحدث معه للشعور بالأمان واستخدام كلمات مناسبة لعمره، لأن الطفل عادة يكون متحفظًا في هذه الظروف.
وأشارت إلى أنه عند سؤال الطفل قد ينكر ما حدث، سواء كان الإنكار بدافع الخجل، وهو ما يظهر على هيئة ابتسامة خفيفة تشبه إخفاء شيء ما ومحاولة تغيير الموضوع سريعًا، أو عصبية عند محاولة الحديث.
كما أنه قد ينكر بدافع الخوف، سواء بسبب تعرضه للتهديد من شخص ما أو خوفه من أن يلومه أبواه، وغالبًا يكون هذا الإنكار أخطر، ويظهر من خلال تجمد الجسد وقلة الحركة وسيطرة واضحة للخوف على ملامحه وحركة عينين متوترة وكثرة السرحان والتشتت، ورسم أو كتابة أمور تدل على وجود شيء يزعجه ولا يستطيع أن يبوح به، ويكون كثير النظر لوالديه بنظرات قلقة.
ونوهت إلى أنه في تلك الحالات يجب تجنب:
الضغط عليه أو ابتزازه عاطفيًا بأننا سنغضب أو نقاطعه إن لم يتحدث.
البكاء أمامه أو الانهيار.
التقليل من كلامه أو السخرية منه.
افتراض تعرضه للتحرش لمجرد متابعة قصص مشابهة على مواقع التواصل، فقد يكون الموقف مجرد تنمر أو سلوك مسيء آخر.
* كيف نخلق مساحة آمنة للطفل داخل المنزل؟
واختتمت حديثها، بأن النقطة الأهم لوقاية الطفل وتشجيعه على الحديث عن أي شيء هي أن يكون البيت الملاذ الآمن له، وذلك عن طريق:
1- إشعاره بأن والديه يهتمان بما يقوله دائمًا.
2- توفر تواصل مستمر وجلسات يومية للحديث أو لمشاركة نشاط يحبه.
3- أن تصبح مشاركة تفاصيل يومه عادة لديه، خصوصًا عند ذهابه للحضانة أو المدرسة، مثل الألعاب التي لعبها، من يحب من أصدقائه، ما المواد التي درسها، وكيف شعر خلال اليوم.
4- تعزيز حق الطفل في الاعتراض على أي وضع غير مريح لحمايته من الاستغلال، وهذا لا يعني خللًا في التربية، بل يساعده على التمييز بين الالتزام بالقوانين وبين معرفة مشاعره وحدوده الشخصية ومناقشة مشاعره بتفهم.
5- التركيز على معالجة الخطأ وليس لوم الطفل أو التقليل من قدراته عندما يخبرنا بصدق عن خطأ قد وقع فيه.