اختُتمت أعمال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب"30 في مدينة بيليم البرازيلية، وسط توتر غير مسبوق بين الدول المشاركة، بعد أن وجدت دول الاتحاد الأوروبي وعدد محدود من الحلفاء أنفسهم في عزلة خلال جهودهم لإقرار صيغة واضحة تقضي بخفض استخدام الوقود الأحفوري.
واقتربت المفاوضات، التي استمرت أكثر من أسبوعين بمشاركة 194 دولة، من الانهيار مساء السبت، بعدما حذر الاتحاد الأوروبي من احتمال الخروج "بلا اتفاق"، في الوقت الذي لوحت فيه دول، بينها بريطانيا، بالانسحاب، وفقا لصحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
وتعرضت محاولات الإشارة الصريحة إلى النفط والغاز والفحم داخل نص الاتفاق النهائي لعرقلة متواصلة قادتها دول منتجة للطاقة وفي مقدمتها السعودية وروسيا.
وقالت الخبيرة في سياسات المناخ بجامعة إكستر، مارتينا إجيدوسيفيتش، إن المؤتمر "سيُسجَل في التاريخ باعتباره لحظة تبخر القيادة العالمية"، مشيرة إلى أن المفاوضين فشلوا في مواجهة مصالح الوقود الأحفوري رغم الأزمات البيئية المتصاعدة.
ورغم مفاوضات امتدت حتى ساعات الفجر، أكد المبعوث الفرنسي للمناخ بونوا فاراكو أن الجهود الأوروبية الرامية لخارطة طريق تقضي بالتخلص من الوقود الأحفوري ووقف إزالة الغابات "لم تنجح".
وفي نهاية المطاف، قبلت أوروبا وبريطانيا باتفاق أقل طموحا، لم يذكر الوقود الأحفوري مباشرة، بل اكتفى بالإحالة إلى اتفاق سابق لخفض الاعتماد عليه تدريجيا بحلول عام 2050. ووصف مفوض المناخ الأوروبي، ووبك هوكسترا، الاتفاق بأنه "غير مثالي لكنه خطوة مهمة".
وانكشفت خلال المؤتمر انقسامات عميقة بين الدول الغنية والنامية؛ إذ ترى العديد من حكومات الدول الفقيرة أن النفط والغاز يمثلان أسرع الطرق للنمو الاقتصادي، رغم تداعيات الاحتباس الحراري.
كما طالبت الهند ودول إفريقية بزيادة ضخمة في التمويل المناخي قبل الالتزام بأي تخفيضات إضافية، لتدرج لاحقا خطة لرفع الدعم المخصص للدول النامية بمقدار ثلاثة أضعاف بحلول 2035.
وشاركت الصين في معارضة ضريبة الكربون الأوروبية المرتقبة، إلى جانب دول منتجة للطاقة، فيما أعلنت البرازيل أنها ستتولى خلال العام المقبل إعداد مسارين منفصلين لخارطة طريق: أحدهما يتعلق بالوقود الأحفوري، والآخر بإزالة الغابات.
ومع بقاء مسألة إنهاء استخدام الوقود الأحفوري معلقة حتى مؤتمر "كوب"31 في تركيا، لم تظهر أنقرة ولا أستراليا، المشرفة على المفاوضات المقبلة، أي إشارات حول كيفية التعامل مع هذا الملف الشائك، ما يجعل العام القادم حاسما في تحديد اتجاه التحول العالمي نحو الطاقة المتجددة.