رفعت وكالة "ستاندرد آند بورز" التصنيف الائتماني لمصر إلى "B" من "B-" مع الحفاظ على النظرة المستقبلية المستقرة، وذلك لأول مرة منذ 7 سنوات، فيما أبقت وكالة "فيتش" على تصنيفها دون تغيير. ويرى عدد من المحللين الذين استطلعت آراؤهم "الشروق" أن هذا القرار سيكون له أثر إيجابي على الاقتصاد المصري، خاصة فيما يتعلق بتكلفة الدين.
وقالت الوكالة في تقريرها الصادر أمس الأول إن قرارها جاء نتيجة الإصلاحات التي أجرتها الحكومة على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية، والتحول إلى نظام سعر الصرف المرن، ما أدى إلى ارتفاع النمو وزيادة تدفقات السياحة والتحويلات المالية، كما تحسن صافي التدفقات المالية، مما يعزز الوضع الخارجي للاقتصاد.
وتوقعت الوكالة أن يؤدي التزام مصر بسعر صرف تحدده قوى السوق إلى دعم آفاق نمو الناتج المحلي الإجمالي وجهود ضبط أوضاع المالية العامة خلال السنوات المالية 2025-2028، رغم التقلبات العالمية الحالية المتعلقة بالتعريفات الجمركية والمخاطر الجيوسياسية الإقليمية.
قال محمد حسن، العضو المنتدب لشركة "ألفا لإدارة الاستثمارات المالية"، إن رفع التصنيف الائتماني سيكون له أثر إيجابي على تكلفة الدين، حيث ستنخفض تكلفة الفائدة على الأذون والسندات واليورو بوند، مشيرًا إلى أن الطرح الأخير للصكوك كان إيجابيًا للغاية وبأسعار منخفضة.
وأضاف حسن، في تصريحاته لـ"الشروق"، أن ذلك سينعكس بشكل إيجابي على الاستثمارات المباشرة وضخ المزيد منها، خاصة في القطاعات العقارية والغذائية والأدوية والخدمات المالية غير المصرفية، مما يسهم في زيادة موارد العملة الصعبة.
وأشار حسن إلى أن الأوضاع الاقتصادية في مصر تتحسن بشكل جيد، بالتوازي مع هدوء التوترات الجيوسياسية في المنطقة، خاصة بعد الدور الذي قامت به مصر في إيقاف حرب غزة، متوقعًا أن نشهد المزيد من التصنيفات الإيجابية خلال الفترة المقبلة.
وتوقعت "ستاندرد آند بورز" أن تبدأ تكاليف خدمة الدين في التراجع تدريجيًا بدءًا من العام المالي المقبل، لكنها ستظل أعلى من معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، ما سيحد من انخفاض نسبة مدفوعات الفائدة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
كما تتوقع الوكالة أن تنخفض مدفوعات الفائدة كنسبة من الإيرادات الحكومية إلى 49% بحلول العام المالي 2027/2028 مقارنة بـ73% في العام المالي الماضي.
من جانبه، علّق مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة "العربية أون لاين"، قائلًا إن رفع التصنيف الائتماني لمصر خبر إيجابي يعطي ضمانة للمستثمرين بأن حالة الاقتصاد المصري في تطور ونمو.
وأضاف شفيع، في تصريحاته لـ"الشروق"، أن الأسواق في انتظار إصدار وكالة "موديز" لتصنيفها، لأنها الأكثر تأثيرًا، مما يدعم النظرة الإيجابية للاقتصاد المصري، وبالتالي سيكون داعمًا لتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة.
وأرجعت وكالة "فيتش" تراجع معدلات التضخم إلى مستوى 11.7% في سبتمبر الماضي مقارنة بـ26.5% خلال نفس الشهر من العام الماضي، نتيجة لتأثيرات فترة الأساس، وتباطؤ زيادة أسعار المواد الغذائية، واستقرار سعر الصرف، وتشديد السياسة النقدية. وتوقعت أن يبلغ متوسط التضخم 12.3% خلال العام المقبل، مما يعكس تحسن توقعات التضخم.
وقال وزير المالية أحمد كجوك إن قرار كل من وكالتي "ستاندرد آند بورز" و"فيتش" يعكس الثقة المتزايدة في قوة الاقتصاد المصري واستدامة مسار الإصلاحات الجارية، وفق بيان أمس.
وأوضح الوزير أن الإصلاحات الاقتصادية والمالية التي نُفذت خلال السنوات الأخيرة، والنتائج الإيجابية المتحققة، أصبحت محل تقدير من المستثمرين والمؤسسات الدولية والأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن مؤسسات التصنيف الائتماني بدأت بالفعل تغيير نظرتها المستقبلية تجاه الاقتصاد المصري بشكل إيجابي بعد أعوام من الضغوط والتحديات.