شهدت قاعة المركز الثقافي بنادي الرحاب مساء أمس الإثنين ندوة أدبية ثرية نظمتها دار الشروق بالتعاون مع مكتبة كليب لمناقشة رواية «وكالة النجوم البيضاء» للكاتب والروائي عمرو العادلي.
حضر اللقاء نخبة من الكتاب والمثقفين ومحبي الأدب الذين تابعوا باهتمام حديث العادلي عن كواليس الرواية الصادرة حديثًا عن دار الشروق، وعالمها المتداخل بين الحلم والواقع، وقد تفاعل الحضور مع النقاش الذي جمع بين الرؤى النقدية والانطباعات الإنسانية، لتتحول الندوة إلى حوار مفتوح حول الذاكرة والسينما والإنسان، في عمل سردي يواصل العادلي من خلاله استكشاف العوالم الهامشية التي تكشف جوهر الحياة.
قال الكاتب والروائي عمرو العادلي إن روايته الجديدة «وكالة النجوم البيضاء» الصادرة عن دار الشروق، جاءت ثمرة شغف قديم بعالم السينما الذي تربى عليه منذ طفولته، موضحًا أنه ظل يبحث عن شخصية بسيطة تعبّر عن هذا العالم الإنساني، حتى وجدها في «سعيد السيد عبد الظاهر» عارض الأفلام. وأضاف: «كنت مشغولًا بأمرين: أن أكتب عن عارض الأفلام أو عن غرفة العرض نفسها، إلى أن عثرت على البطل وغرفة العرض، ومن هنا بدأت رحلة الرواية».
وأشار العادلي إلى أنه تعمد أن يقدم صورة مختلفة عن الناس البسطاء الذين يتم تناولهم في السينما بصورة سلبية، قائلاً: «أحب الكتابة عن العوالم المهمشة لأنها عوالم إنسانية حقيقية، بعكس ما تروّجه بعض الأعمال الفنية. مضيفًا: لا يشغلني العالم المخملي، بل أكتب عن الشخصيات التي أحسها وأتعاطف معها».
وأضاف أنه كتب شخصية السجان من منظور إنساني، بوصفه فردًا له همومه وتناقضاته الخاصة، دون أن يفقد ملامحه البشرية، رغم قسوة واقعه. وقال: «لو كتبت عنه كسجّان فقط، لكان نموذجًا نمطيًا، لكني كتبته كما أرى الإنسان في أي وظيفة».
كما أوضح العادلي أنه قصد من خلال الرواية أن يكتب عن القهر والضغط النفسي وكيف يمكن أن يغيّرا مصير أسرة بأكملها ويبدّلا مسارها، ليس في عالمها فقط بل في رؤيتها للحياة ذاتها. وأضاف أنه بحث طويلًا في تاريخ الأفيشات السينمائية واطّلع على صور ومواد أرشيفية نادرة لتوثيق تفاصيل العمل بدقة، قائلًا: «عثرت على صور حقيقية لشخصية الحاج أنور، أحد رسّامي الأفيشات الذين ألهموني، بينها صورة التقطت له في جنازة عبد الحليم حافظ».
جاء ذلك خلال الندوة التي استضافها المركز الثقافي بنادي الرحاب لمناقشة الرواية، بمشاركة عدد من الكتّاب والمثقفين، من بينهم أميرة أبو المجد مدير النشر والعضو المنتدب لدار الشروق، الدكتورة غادة لبيب، أشرف العشماوي، جلال الشايب، نشوى صلاح، عماد العادلي، سما زيادة، أحمد شمروخ، رامي رأفت، هدى أبو زيد، نانسي حبيب مسؤولة النشر، وعمرو عز الدين مسؤول التسويق بدار الشروق، وعلى بدوي مدير المركز.
وقالت الكاتبة ضحى عاصي إن الرواية كتبت عن القهر العظيم بمنتهى اللطف والهدوء، مضيفة أن الكتابة ناعمة وسلسة رغم عمق موضوعها، وأن العادلي استطاع أن يقدم رؤية إنسانية للعلاقة بين المواطن العربي و«ماما أمريكا» ببساطة محسوبة، معتبرة أن الرواية انطلقت من عالم السينما لتتجاوز إلى مناطق إنسانية واجتماعية متعددة.
أما الكاتب أشرف العشماوي فقال إن «وكالة النجوم البيضاء» تمثل خطوة مهمة في مشروع عمرو العادلي الأدبي، مشيدًا بقدرته على تحويل القبح إلى جمال، ودقّته في تناول تفاصيل السينما وغرف العرض والأفيشات، مضيفًا أن المعلومات الفنية جاءت منسوجة بسلاسة ودون افتعال.
وخلال كلمتها وصفت الدكتورة غادة لبيب الرواية بأنها عمل ممتع وأنها أنهتها في يوم واحد، مؤكدة أن العادلي قدّم شخصياته بعمق إنساني بعيد عن القوالب الجاهزة، فجعل من المهمشين أبطالًا حقيقيين في نسيج الحياة.