عمرو العادلي: كتبت في وكالة النجوم البيضاء عن السينما بعين البسطاء وسحر المهمشين

نشر في: الإثنين 3 نوفمبر 2025 - 10:44 م
شيماء شناوي

قال الكاتب والروائي عمرو العادلي، إنه كان يتمنى منذ فترة طويلة أن يكتب عن عالم السينما الذي تربى عليه وأحبه منذ طفولته، موضحًا أنه بدأ البحث عن شخصية بسيطة في رؤيتها للحياة وتعبر عن هذا العالم الإنساني.

وأضاف: "كنت مشغولًا بأمرين: أن أكتب إما عن عارض الأفلام أو عن غرفة العرض نفسها، إلى أن عثرت على البطل سعيد السيد عبد الظاهر وغرفة العرض، ومن هنا بدأت رحلة الرواية."

وأوضح أنه أراد من خلال العمل أن يقدم صورة مختلفة عن الناس البسطاء الذين غالبًا ما يتم تصويرهم في السينما على نحو سلبي، قائلاً: "أحب الكتابة عن العوالم المهمشة لأنها عوالم إنسانية حقيقية، بعكس ما تروج له بعض الأعمال الفنية. مضيفًا: لا يشغلني العالم المخملي، بل أكتب عن الشخصيات التي أحسها وأتعاطف معها."

وأشار إلى أن بطل الرواية سعيد السيد عبد الظاهر ورث الذل من أبيه، وظل طوال الوقت حائرًا بين واقعية الأم وخيال الأب، حتى وجد في عالم السينما مهربًا من واقعه، قائلاً: "الحياة كانت تتحرك به كما لو أن الشاشة هي التي تتحرك فيه، لا العكس."

وتوقف عند شخصية العراقي، الممثل المسرحي الذي يلتقي به سعيد أثناء فترة سجنه، قائلا إن العلاقة بينهما مثلت مزيجًا من التفاهم والتقارب الإنساني، حيث كان العراقي يستخدم التمثيل لتخفيف وطأة السجن على رفاقه، وتابع"العراقي كان متصالحًا مع العالم رغم إحباطه، وشخصيته تجمع بين البساطة والشهامة.

واختتم عمرو حديثه مؤكدًا أنه بحث طويلًا في عالم الأفيشات السينمائية، واطلع على كتب ومقالات وصور نادرة، حتى أنه عثر على صور لشخصية الحاج أنور في الرواية مؤكدًا أنها حقيقية وقد عثر على صورة التقطت له أثناء جنازة عبد الحليم حافظ، وقال: "من الطريف أنني اكتشفت أن رسام الأفيش الذي كنت أحسبه فنانًا دارس لما يفعل هو مجرد بوهيجي، رغم ما يحمله عمله من فن حقيقي، وهذا ما حاولت توثيقه في الرواية."

جاء ذلك خلال الندوة التي استضافها المركز الثقافي بنادي الرحاب لمناقشة الرواية، بمشاركة عدد من الكتّاب والمثقفين من بينهم: أميرة أبو المجد، مدير النشر والعضو المنتدب لدار الشروق، والدكتورة غادة لبيب، وأشرف العشماوي، ونشوى صلاح، الدكتور جلال الشايب، وعماد العادلي، وسما زيادة، والناشر أحمد شمروخ، والكاتب رامي رأفت، وهدى أبو زيد، ونانسي حبيب، مسؤولة النشر، وعمرو عز الدين، مسؤول التسويق بدار الشروق، على بدوي مدير المركز الثقافي بنادي الرحاب.

في روايته الجديدة، يواصل عمرو العادلي رحلته في استكشاف العوالم المعلقة بين الحلم والواقع، بين الذاكرة التي تأبى الانطفاء، والحاضر الذي يرفض الاعتراف بها. منذ الجملة الأولى على الغلاف — "يفتح الباب، فينسكب ضجيج العالم في صمت دام نصف عمر..." — ندرك أننا أمام نص لا يسعى للحكي بقدر ما يسعى لاستنطاق العزلة، ومساءلة الزمن، واستعادة معنى الانتماء في عالم تغيّر دون أن ينتظر أبطاله.

البطل، الذي كان يومًا «عارض أفلام»، يجد نفسه الآن عالقًا بين شريطين: أحدهما سينمائي يمنح الآخرين الحلم، والآخر حياتيّ يخصه وحده، تلتبس فيه المشاهد فلا يعود يعرف إن كان يتذكّر أم يتخيّل، يعيش أم يمثل. من هنا، تمضي الرواية كرحلة في دهاليز الذاكرة، حيث لا شيء يبدو على حقيقته، وكل ما تبقى هو البحث عن مشهد أخير يعيد التوازن أو يعترف بالضياع.

ببراعة سردية مألوفة لدى العادلي، يتقاطع الواقعي بالمتخيل في بناء يتكئ على منطق السينما، حيث تتكرر اللقطات وتتداخل الأزمنة، ويتحوّل "العقل" و"الجنون" إلى خطين متوازيين لا يُعرف أيهما أقرب إلى الحقيقة.

الرواية ليست مجرد حكاية عن شخص فقد مكانه في العالم، بل عن جيل كامل يحاول أن يجد معنى وسط ضجيج لا يهدأ. فحين "تفشل خرائط الواقع"، كما يقول العادلي، يصبح الخلاص في إعادة رسم العالم عبر الفن، عبر السينما تحديدًا، باعتبارها الذاكرة الأخيرة التي لا تخون.

عمرو العادلي، الذي خبر القصة والرواية معًا، يواصل هنا مشروعه الأدبي الذي يجمع بين العمق النفسي والتأمل الفلسفي. بعد أعمال مثل السيدة الزجاجية ورجال غسان كنفاني ومريم ونيرمين، تأتي هذه الرواية لتؤكد نضج صوته السردي وقدرته على التجريب دون أن يفقد حسّه الإنساني الدافئ.

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة