هل تغير ترامب؟

السبت 25 أكتوبر 2025 - 7:25 م

حينما يقول الرئيس الأمريكى دونالد ترامب إن إسرائيل سوف تخسر كامل الدعم الأمريكى إذا قررت ضم الضفة الغربية، فهل يعنى ذلك أن ترامب تغير وصار نصيرا للفلسطينيين، أم أن ذلك موقف مؤقت وتكتيكى، أم هو استجابة للموقف العربى الموحد فى هذا الصدد، أم لأسباب أخرى؟!
أولا وقبل الإجابة عن هذا السؤال، فإن موقف ترامب طيب وإيجابى وينبغى الإشادة والترحيب به..
وإذا كنا قد انتقدنا ترامب مرارا وتكرارا فى هذا المكان لانحيازه الأعمى لصالح إسرائيل منذ توليه مهام منصبه، فعلينا أن نكون موضوعيين ونحييه على موقفه الجديد، لكن بشرط جوهرى وهو أن يستمر فيه ولا يغيره.
ولأن ترامب دائما مدهش ومثير للانتباه فى معظم تصريحاته، فإن ما قاله ظهر يوم الخميس الماضى كان مفاجئا لكثيرين، خصوصا فى إسرائيل.
الرئيس الأمريكى أجاب فى حوار صحفى مع مجلة تايم عن رأيه فى تصويت الكنيست الإسرائيلى فى قراءة أولية على ضم الضفة الغربية للسيادة الإسرائيلية بالقول: ضم إسرائيل للضفة لن يحدث، وكرر جملة «لن يحدث» ثلاث مرات، وأنه تعهد للدول العربية بعدم الضم، وكانت المفاجأة أيضا قوله إنه سيتخذ قرارا فيما يتعلق بالإفراج عن القيادى الفلسطينى مروان البرغوثى.
نائب ترامب جى دى فانس تحدث عن تصويت الكنيست على ضم الضفة بقوله: لو كان ما حدث مناورة سياسية فهى مناورة غبية وحمقاء وقد أزعجتنى وأعتبرها إهانة لى شخصيا».
وتفسير ذلك أن جى دى فانس كان فى زيارة لإسرائيل ويبدو أن نتنياهو أراد أن يبعث برسالة جوهرها أنه غير خاضع للضغوط الأمريكية، لكن الرد الأمريكى الواضح والسريع أجبره على التراجع، واتهام المعارضة الإسرائيلية بأنها هى من قدمت اقتراح الضم حتى تحرج نتنياهو أمام ترامب!!
مرة أخرى نسأل: هل تغير ترامب فى قضية ضم الضفة؟
نعم تغير لكن بشرط استمرار موقفه، وشرح ذلك أن ترامب تعهد للعديد من الإسرائيليين، خصوصا كبار ممولى حملاته الانتخابية بالموافقة على ضم الضفة للسيادة الإسرائيلية، خصوصا ماريان أدلسون، مثلما تعهد لهم من قبل بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس وكذلك ضم الجولان.
اتصور أن السبب الأساسى وراء تغير موقف ترامب، ليس أنه صار مؤيدا للفلسطينيين أو أنه مختلف مع الإسرائيليين، وليس لأنه مؤمن بقرارات الشرعية الدولية! ترامب لا يهتم بكل ذلك. أتصور أن السبب الرئيسى هو الرسالة العربية الموحدة التى وصلته خلال اجتماعه مع قادة دول عربية وإسلامية فى ٢٩ سبتمبر الماضى فى نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأنه يصعب استمرار العلاقات العربية الأمريكية بنفس قوتها مع استمرار عدوان نتنياهو على غزة والمنطقة. وأتصور أن أحد الأسباب الجوهرية أيضا هى حماقة نتنياهو بقصف الدوحة يوم ٩ سبتمبر الماضى، مما أدى إلى اهتزاز الثقة الخليجية والعربية فى الولايات المتحدة، وإعلان السعودية توقيع اتفاق دفاعى شامل مع باكستان يتضمن توفير مظلة نووية، مما يعنى خسارة الولايات المتحدة للخليج.
وبمنطق البراجماتية والحسابات النفعية والصفقات التى يفضلها اكتشف ترامب أن «نتنياهو المنفلت، قد يكلفه ويكلف أمريكا خسائر استراتيجية».
مرة أخرى ما سبق لا يعنى طلاقا أمريكيا إسرائيليا، فالعلاقات الاستراتيجية بين الجانبين وثيقة ومستمرة ويصعب التأثير فيها لسنوات طويلة، ولولا أمريكا ما استمرت إسرائيل فى الوجود، باعتبارها حاملة طائرات غربية متقدمة، لكن هناك تباينات تحدث أحيانا بين الإدارة الأمريكية والحكومات الإسرائيلية، وهو ما حدث مؤخرا، لكن مرة أخرى وليست أخيرة علينا ألا نهلل كثيرا لهذا التباين حتى نرى نهاياته، خصوصا أن ترامب يغير أفكاره ومقترحاته كل لحظة، ولا ننسى أنه كان حتى وقت قريب يدعو إلى طرد كل الفلسطينيين من غزة وإنشاء ريفيرا هناك!!!
النقطة الجوهرية أن يحافظ العرب على الحد الأدنى من التنسيق حتى يتم إسقاط المشروع الإسرائيلى بصورة نهائية، وهو أمر لم يتحقق بصورة كاملة حتى الآن.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة