الذكاء الاصطناعي.. وطريق الفقاعة
الخميس 16 أكتوبر 2025 - 7:55 م
نشرت جريدة الرياض السعودية مقالا للكاتب خالد رمضان، تناول فيه الارتفاع الهائل فى القيم السوقية لشركات الذكاء الاصطناعى مثل «أوبن إيه آى» و«أنثروبيك» خلال فترة قصيرة، ويحذر الكاتب من أن هذا الازدهار قد يكون فقاعة اقتصادية جديدة شبيهة بفقاعة الإنترنت فى مطلع الألفية، إذ تقوم هذه القيم السوقية الضخمة على توقعات مبالغ فيها لا على أرباح حقيقية، ما يجعل الأسواق عرضة لانهيار مفاجئ إذا تراجع التفاؤل أو ثقة المستثمرين. بناءً على ما سبق، يستشهد خالد رمضان بتحذيرات بعض المؤسسات المالية الكبرى (مثل بنك إنجلترا) من احتمال انهيار هذه القيم المفخّمة. وعليه، يؤكد كاتب المقال على حقيقة مفادها أن التفاؤل بالذكاء الاصطناعى مبرّر من حيث الابتكار، لكن الإفراط فى المضاربة قد يقود إلى أزمة اقتصادية إذا لم تتحقق العوائد المنتظرة.. نعرض من المقال ما يلى:
تخيّل أن شركة تكنولوجيا تنتفخ قيمتها السوقية فجأة، كبالونٍ عملاق، لتصل إلى أرقام خيالية فى وقتٍ قصير، هذا ما حدث بالضبط مع شركات مثل «أوبن إيه آى» الأمريكية، التى قفزت قيمتها من 157 مليار دولار فى أكتوبر 2024 إلى 500 مليار دولار حالياً، وكذلك شركة «أنثروبيك» الأمريكية التى تضاعفت قيمتها ثلاث مرات تقريبًا.. هذه الأرقام المذهلة أثارت قلق بنك إنجلترا، الذى حذّر من احتمالية «انهيار» مفاجئ لهذه القيم، السؤال الآن: هل هذه الأرقام تعكس قوة الذكاء الاصطناعى الحقيقية، أم أنها مجرد حماس مبالغ فيه وتوقعات متفائلة؟ والأهم: هل نحن أمام فقاعة اقتصادية جديدة؟
تاريخيًا، شهد العالم فقاعات مماثلة، مثل طفرة الإنترنت فى عام 2000، التى اعتقد البعض أنها مجرد «موضة عابرة»، لكنها غيّرت العالم، والخطر الحقيقى يكمن فى أن هذه الفقاعات عندما تنفجر، تترك وراءها اضطرابات مدمرة، فالأسهم تنهار، والمعاشات التقاعدية تتضرر، والوظائف تُفقد، والاستثمارات تذهب سدى.. الآن، نشهد علامات مبكرة تشير إلى فقاعة قادمة، فالشركات الكبرى مثل ميتا، ألفابت، مايكروسوفت، وأمازون أنفقت هذا العام ما يعادل الناتج المحلى الإجمالى للبرتغال على تطوير الذكاء الاصطناعي، بينما تظل هذه الاستثمارات الخطرة غير مضمونة، فهى مجرد رهان على أن الذكاء الاصطناعى سيحقق أرباحًا ضخمة فى المستقبل.
مشكلة بعض الشركات أنها لم تحقق أرباحًا كبيرة من الذكاء الاصطناعي، بل تعتمد على آمال المستثمرين وتوقعاتهم، وإذا بدأ المستثمرون يشكون فى قدرة الذكاء الاصطناعى على تحقيق هذه الأرباح، فقد يسارعون إلى سحب أموالهم، وهذا قد يؤدى إلى انهيار مفاجئ، والواقع، أن الأمر لا يحتاج إلى حدث كبير لتفجير الفقاعة، فقد تكون شرارة صغيرة كافية لتفجيره، ونحن أمام احتمالين، الأول أن تكون هذه التقييمات الضخمة بداية لسوق جديدة مستدامة تدفع التقدم التكنولوجى، والثانى أن نكون بصدد فقاعة على وشك الانفجار، والإجابة تعتمد على ما إذا كان الذكاء الاصطناعى سيحقق الوعود الكبيرة المرتبطة به، أم أننا نراهن على أحلام قد لا تتحقق.
عمليًا، فإن الابتكار التكنولوجى الحقيقى يتزامن غالبًا مع الإفراط فى المضاربة، وعلى سبيل المثال، تتضمن العديد من خيارات صناديق التقاعد تخصيصات كبيرة للأسهم الدولية، وعادة ما تصل إلى 20 % من محافظها، وعندما يشترى صندوق التقاعد أسهمًا دولية، فإنه يتعرض بشكل كبير لأسهم الذكاء الاصطناعي، وإذا شهدت هذه الأسهم تصحيحًا أو انهيارًا كبيرًا، فسوف يؤثر ذلك بشكل غير متناسب على مدخرات المتقاعدين.. بطبيعة الحال، هذا لا يعنى أن يشعر الناس بالذعر، ولكن على الجهات التنظيمية وأمناء صناديق التقاعد والمستثمرين أن يكونوا على دراية بهذه المخاطر، فالتنويع لا ينجح إلا إذا أتت العوائد من أرباح مجموعة واسعة من الشركات والقطاعات الاقتصادية.
مقالات اليوم
قد يعجبك أيضا