نور فرحات لـ«الشروق»: إذا أراد الرئيس تصحيح المسار فعليه أن يستمع إلى أهل الخبرة لا الأجهزة الأمنية - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 5:10 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نور فرحات لـ«الشروق»: إذا أراد الرئيس تصحيح المسار فعليه أن يستمع إلى أهل الخبرة لا الأجهزة الأمنية

محمد نور فرحات تصوير هبة خليفة
محمد نور فرحات تصوير هبة خليفة
كتبت ــ دينا عزت:
نشر في: الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 - 10:02 م | آخر تحديث: الثلاثاء 27 سبتمبر 2016 - 10:02 م

أدعو السيسى لعقد مؤتمر وطنى واسع لمناقشة مشكلات الاقتصاد والحريات ودولة العدل
انتخبت السيسى رغم تحفظى على «تفويض المجلس العسكرى» له بالترشح للرئاسة.. وكنت أراه الأقدر على حماية البلاد من الأخطار الخارجية والداخلية
الرئيس وعد بتحقيق نهضة غير مسبوقة قبل انتهاء ولايته الأولى لكننا لم نرَ غير الضرائب والاقتراض والمشروعات التى لم تعرض جدواها على الشعب
على أى مرشح رئاسى مقبل طرح برنامج واضح لأن انتخاب الرئيس ليس تفويضا على بياض وإنما عقد ملزم للجانبين
تم التعامل مع الدستور بازدراء شديد قبل أن يجف مداده خاصة بعد أن وصفه الرئيس بأنه دستور طموح
البرلمان الذى لا يتعاطى مع الشأن السياسى يمثل إهانة للأفكار التى قامت من أجلها ثورة يناير
هناك إقصاء شبه كامل لمعظم رموز الإعلام والقوى السياسية التى كانت تقدم رؤية متوازنة للأحداث
قانون التظاهر مخالف للدستور ويخلو حتى من الضمانات التى كانت موجودة فى قانون الطوارئ
أخشى أن تكون الدولة غير جادة أو غير قادرة على مكافحة الفساد وحماية الحقوق والحريات وإصلاح منظومة العدالة


«بعد بيان النائب العام الأخير عن قضية الشاب الإيطالى جوليو ريجينى أرجو أن تكون حكومتنا قد تعلمت أن الكذب يبقى دوما بلا أقدام يقف عليها، كما أرجو أن تتخذ الحكومة الاجراءات نحو معاقبة من قتلوا خمسة مواطنين بعد مطاردتهم بزعم تورطهم فى قتل ريجينى»، هكذا علق الفقيه القانونى الدكتور محمد نور فرحات على ما تم الافصاح عنه قبل ايام قليلة، اثناء زيارة النائب العام المستشار نبيل صادق لروما للتشاور مع نظيره الايطالى حول التحقيقات فى مقتل الباحث جوليو ريجينى فى فبراير الماضى.
الدكتور نور فرحات لم يخف انزعاجه الحاد مما أشار إليه النائب العام عن ملابسات مقتل خمسة شباب مصريين على يد قوات الشرطة منتصف العام الحالى بدعوى انهم شكلوا عصابة تخصصت فى «خطف وقتل الاجانب لسرقتهم»، ثم الادعاء بأن القتل جاء أثناء مطاردة، وعثر لدى أحد أقاربهم على متعلقات ريجينى، «هناك خرق واضح للقانون.. لا مساءلة ولا محاكمة».
الانزعاج الذى أبداه فرحات ازاء ملف ريجينى الملىء بالالتباسات، لا يبدو منفصلا عن انزعاجه ايضا من الالتباسات المحيطة باتهامات كانت قد وجهت من قبل لمحافظ القاهرة الجديد الذى أدى اليمين الدستورية امام رئيس الجمهورية ليشغل موقعا ظل شاغرا لمدة خمسة أشهر متتالية، رغم ما نشر فى الصحافة عن إجباره بواسطة جهاز الكسب غير المشروع على رد ملايين الجنيهات إلى خزينة الدولة كان قد حصل عليها بطريقة غير مشروعة أثناء توليه رئاسة إحدى شركات الطيران الحكومية.
ولكن الانزعاج هو مجرد درجة من درجات القلق الكبير الذى لا يسعى فرحات لإخفائه وإن كان يأمل كما يقول لـ«الشروق» فى القضاء على ما ينتج عنه من تداعيات سياسية واقتصادية كبيرة وفقدان لدوائر الاتصال بين رأس السلطة التنفيذية وبين قطاعات الشعب التى أيدت وصوله لسدة الحكم.
يقول فرحات إن انتخابه للسيسى رئيسا قبل أكثر من عامين جاء «رغم تحفظى على ما أعلن حينه من تفويض المجلس الأعلى للقوات المسلحة له بأن يترشح للرئاسة اذا ما قرر ذلك»، لأن الدستور يخلو من أى نص على سلطة المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى ترشيح الرئيس.
يقول فرحات «كنت أتمنى من قبيل الملاءمة ألا تتصدر المؤسسة العسكرية المشهد الإعلامى يوم إعلان انهاء حكم مرسى فى الثالث من يوليو (٢٠١٣)»، وكنت أرى أنه من الأوفق فى حينه ان تتم الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة بعد انهاء حكم مرسى بانتفاضة الشعب ضده».
ويرى فرحات أن «السيسى بدا الأقدر وقتها على حماية الوطن والحفاظ عليه من أخطار داخلية وخارجية»، لكنه يؤكد أن «المرحلة الآن مختلفة وأنه آن أوان أن تتولى الكفاءات السياسية المدنية المؤمنة حقا بالديمقراطية مهام الرئاسة».
ويقول «نحن نضع جيشنا تاجا فوق رءوسنا ونحرص على المكانة الرفيعة التى يحتلها فى قلوب المصريين باعتباره ضمان وحدة وتماسك وأمن الدولة المصرية».
ويضيف «أظن أن غياب التوفيق بصورة تكاد تكون كلية عن حكم الإخوان وتلك الاضطرابات والتوترات المستمرة التى صاحبت فترة حكم مرسى خلال العام الذى كان فيه رئيسا جعلت كثيرين، وأنا منهم، مستعدين للتراجع عن المطالبة بمدنية الرئيس فى سبيل أن يكون الرئيس قويا وقادرا على الحماية والاصلاح والانقاذ المجتمعى والاقتصادى ومنع تحويل الدولة إلى دولة دينية ينفرط فيها عقد الوطن».
غير أن فرحات يأسف «لأن كثيرا من تلك الامنيات لم تقترب من التحقق رغم الآمال الواسعة التى احيطت بالسيسى لدى وصوله للحكم قبل عامين بأغلبية كاسحة فى انتخابات لا يمكن التشكيك فيها.. الآن غلبت قيمة الأمن كما يراه رجال أمن مبارك الذين ما زالوا فى السلطة على قيمة الحرية التى من أجلها قامت الثورة».
يقول فرحات «لقد قدم الرئيس السيسى وعدا بتحقيق نهضة اقتصادية غير مسبوقة فى مصر مع انتهاء ولايته الاولى، المفترض ان تنتهى فى ٢٠١٨»، ولكننا لا نسمع الآن إلا عن اقتراض من صندوق النقد الدولى ومشروعات لم تعرض جدواها على الشعب وارتفاع غير مسبوق فى الأسعار وضرائب تفرض على الطبقات الفقيرة فى غيبة رقابة برلمانية حقيقية وفاعلة».
ينظر فرحات بعين القلق ازاء الكثير من التطورات، ليس فقط بسبب ملف ريجينى وأيضا ملف محافظ القاهرة، ولكن بالأكثر، «بسبب حال المجلس النيابى الذى لا يمارس أعضاءه مهامهم البرلمانية بقدر ما يمارسون عمل مجلس محلى عموم مصر بعيدا عن الشأن السياسى، وعندما تغيب السياسة عن أى مجلس نواب بعد ثورتين فهذا يبعث برسالة سلبية أن ما حدث لم يكن ثورة ولكنه محاولة لثورة مجهضة».
ويسلط فرحات الضوء على «الطريقة التى جاء البرلمان بها من خلال قانون وضع لتهميش القوى والاحزاب السياسية التى نشأت بعد الثورة، قانون أسفر عن أن يأتى قرابة ثلث اعضاء البرلمان من الاعضاء السابقين للحزب الوطنى الذى كان سببا لقيام ثورة يناير، فضلا عن أحزاب وائتلافات جديدة هندستها أجهزة الأمن، فهذا مؤشر لما نحن بصدده اليوم من أداء برلمانى يعتمد نهجا يقوم على تمرير كل ما تطلب به السلطة التنفيذية، وهو الامر الذى كان واضحا للغاية فى الطريقة التى تعامل بها البرلمان مع التمرير السريع للقوانين التى صدرت بقرارات من الرئيس دون نقاش أو تمحيص مما يصمها جميعا بشبهة عدم الدستورية حيث تشترط المادة ١٥٦ المناقشة الجدية وتحدد اللائحة كيف تجرى المناقشة».
ولا يستثنى فرحات من ذلك قانون الانتخابات الرئاسية أو قانون مجلس النواب أو قانون مباشرة الحقوق السياسية «يتضح من مضابط جلسات البرلمان ولجانه أن كل هذه القوانين لم تخضع لأى نقاش جاد وهو ما يعنى على الاقل من الناحية النظرية أنه اذا تم عرض هذه القوانين على المحكمة الدستورية العليا اليوم أو فى الغد أو فى وقت لاحق فإنه يمكن أن يحكم بعدم دستوريتها مما يهدد مجمل منظومة الشرعية فى مصر».
ويوازى فرحات فى حديثه لـ«الشروق» بين برلمان متنازل فى الاغلب عن جل صلاحياته الدستورية فى الرقابة والتشريع وبين اعلام اقصيت عنه كل الاصوات التى كانت تقدم رؤية شبه متوازنة عن الاحداث وأبعدت عنه كل الاصوات المدافعة عن يناير وافكارها ومبادئها وفتحت أبوابه على مصراعيها لمن يهاجمون يناير ويتطاولون عليها».
وقارن فرحات ايضا بين حال البرلمان وحال الاعلام فيما يتعلق بمواجهة الفساد «وهو أحد اهم الأوجاع التى كانت مثارة فى الوعى العام منذ ثورة يناير وقبلها.. فاذا بمن يتحدث عن الفساد ويسرد تفاصيله بحكم منصبه يتم عزله ويواجه تهما تذهب به إلى السجن بينما من تورط فيه يشغل مناصب تنفيذية».
وهكذا يقول فرحات إنه يجد نفسه يطل على مشهد لم يكن «بحال يتوقعه أحد قبل عامين رغم أية تحفظات اثيرت فى حينها».
المشهد كما يراه فرحات وبدون مواربة هو مشهد تختلط فيه عوامل القلق السياسى والاقتصادى والتغول الواضح للسلطة التنفيذية وتراجع حظوظ الاعلام المستقل وانكماش دور المجلس النيابى وتراجع عن الالتزام بالدستور خاصة فيما يتعلق بحماية الحقوق والحريات، وهذه كلها، كما يقول الرجل بحزن «أمور لا تدعو الا للقلق كتعبير متواضع عما تجيش به الصدور، خاصة أنها تستمر دون أى اشارة لاحتمال حقيقى للمراجعة بل وفى ظل اصرار على مواصلة النهج القائم بالأساس على الانفراد بالقرار بما فى ذلك القرارات الاقتصادية باهظة الكلفة التى يتم اتخاذها دون حتى دراسات جدوى معلنة ودون نقاش مجتمعى جاد».
ويقول فرحات «نحن نقدر للجيش دوره فى حماية الأمن ومكافحة الإرهاب وننحنى إجلالا لأرواح شهدائنا ونقدر دوره فى تحديث البنية الأساسية وإقامة شبكات الطرق، ولكن تفعيل دور المؤسسات والحق فى المشاركة السياسية واحترام الدستور وإطلاق الحريات ودولة القانون العادل هى الدعامات الحقيقية لبناء الأوطان».
ويتمنى فرحات أنه «ما زال يرجو أن يبادر الرئيس السيسى لتصحيح المسار»، ويضيف «أنه إذا أراد رأس السلطة التنفيذية ان يفعل ذلك فمن المهم بداهة ان يستمع إلى رأى اهل الخبرة بمختلف توجهاتهم ولا يقتصر على الاستماع فقط لممثلى الاجهزة الأمنية التى تعاظم دورها خلال العامين الماضيين بما قد يحجب كثيرا من حقائق الواقع».
ودعا فرحات الرئيس إلى عقد مؤتمر واسع مثل المؤتمر الوطنى للقوى الشعبية الذى دعا اليه عبدالناصر سنة ١٩٦٢ أو المؤتمر الاقتصادى الذى دعا له مبارك فى بداية حكمه، يعلن من خلاله مجمل آراء القوى السياسية والمدنية المستبعدة، قسرا وآراء كل الخبراء فالوطن ملك الجميع. وقد يمكن ذلك الدولة من اتخاذ خطوات متوافق عليها بالتعامل السريع والفعال مع المشكلات الكبرى التى اصبح الوطن فى مواجهتها الان، خاصة على الصعيد الاقتصادى وصعيد الحريات ودولة العدل.
ويبدى فرحات عدم قدرته على فهم تصريح الرئيس السيسى قبل أسابيع «من انه يعتزم الترشح لفترة رئاسية ثانية لو توافرت الارادة الشعبية لدعمه، ويقول «لا اعرف كيف تتبدى للرئيس تلك الإرادة الشعبية أليست صناديق الانتخابات هى المعبر الوحيد عن هذه الإرادة؟».
ويضيف فى كل الاحوال فإن النص الدستورى يبيح للرئيس ان يترشح مرة ثانية اذا ما أراد ذلك – بعيدا عن أحاديث التفويض، ولكن ذلك يجب أن يتم وفقا لبرنامج رئاسى مدقق وخاضع للنقاش حول القضايا الرئيسية التى تغيب اليوم عن الواجهة مثل: العدالة الاجتماعية وضمان الحريات والحقوق وإصلاح منظومة العدالة ومواجهة الفساد والنهوض بالاقتصاد، بدلا من الاستمرار فى الافراط فى ممارسة الضغوط الضريبية على المواطن الفقير، وأهمية توزيع أعباء الأزمة الاقتصادية على الجميع واتخاذ الاجراءات الضريبية تجاه اصحاب الارباح والدخول الكبيرة، لان هذه كلها امور تشغل الرأى العام ليل نهار».
ويبدى فرحات الذى يصف نفسه بأنه ابن ثورة يوليو، شكوكه فى أن يتمكن نظام يوليو الذى لم يتبق اليوم منه سوى نهج الانفراد بالسلطة»، من تنفيذ ما دعت اليه ثورة يناير خاصة ان ما دعت اليه ثورة يناير يتطلب بالأساس تحقيق المشاركة السياسية بينما نظام يوليو فى صورته المعاصرة لا يعنى كثيرا بهذه المشاركة ولا يتقبلها من حيث المبدأ.
يقول فرحات: الأزمنة اختلفت ونحن اليوم فى أوقات تحتاج فعلا للمشاركة السياسية ليس فقط لان هذه مقتضيات الديمقراطية ولكن لان المشاركة السياسية هى فى الاساس العاصم من اتخاذ قرارات كبرى مثيرة للجدل والانقسام الاجتماعى مثل قرار تسليم تيران وصنافير المصريتين إلى السعودية أو التعامل مع سد النهضة الإثيوبى أو بناء العاصمة الإدارية الجديدة».
ويرى فرحات ان القوى المدنية، على ضعفها وتشرذمها اليوم، يجب عليها ان تتآلف لتنهض بواجبها وتقترح حلولا، وتبادر إلى حوارات جادة وشفافة مع السلطة التنفيذية.
ويستبعد د. نور فرحات تماما ان يعاد تأسيس جبهة الانقاذ، التى تأسست فى نوفمبر ٢٠١٢ بعدد من الرموز والقوى الوطنية. ويقول فرحات «إنى أستبعد اعادة صياغة جبهة الانقاذ لأن ذلك يرتبط بالمناخ السياسى والامنى الذى يسود حاليا بالمقارنة بما كان عليه الحال فى خريف ٢٠١٢»، كما يرى ان الامر ايضا يتعلق بعدم قدرة تلك الرموز اليوم على التأثير الفعلى على الرأى العام بدرجة كبيرة «حتى لو اتفقت كلها على برنامج سياسى وهذا ما أستبعده». ومع ذلك فإن تاريخ مصر ينبئنا بأن السحب تخفى دائما أمطارا مفاجئة تورق بعدها زهور يانعة.
الرهان اليوم، كما يقول فرحات ليس على استعادة تجارب الماضى القريب أو البعيد، بل إن صانع المستقبل هم الشباب، ليس الشباب الذى ينخرط فى المشروعات الرسمية ويظهر فى خلفية كل صورة، ولكنه الشباب الذى يقبع فى السجون والذى يعانى من البطالة والتمييز والذى أشعل شرارة ثورة يناير والذى جعل ٣٠ يونيو ممكنة، وهو القادر على الفعل لأنه صاحب المستقبل اليوم أو غدا أو حتى بعد قرن من الزمان، هذا قدر مصر أن تتعلم وأن تعلم.
ويختتم فرحات حديثه بالقول «لو ان الرئيس اراد الصدق لاستمع إلى الشباب الحق فى القرى والنجوع والأحياء الفقيرة فهؤلاء هم صوت مصر وابتعد عن اصوات هى صدى لأصحاب المصالح والطامعين فى المناصب واقتسام الغنائم».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك