عودة اللاجئين السوريين بين الموضوعية والمواقف السياسية - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 9:11 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عودة اللاجئين السوريين بين الموضوعية والمواقف السياسية

القاهرة (د ب أ)
نشر في: الأحد 21 أكتوبر 2018 - 5:41 م | آخر تحديث: الأحد 21 أكتوبر 2018 - 5:41 م

هل حان الوقت لبدء عودة اللاجئين السوريين لبلدهم؟ في الواقع تتصادم وتتداخل الإجابة على هذا السؤال في دول الجوار المستضيفة للاجئين بقدر ما شهدته الأزمة السورية نفسها من تصادم وتداخل. وفي المجمل، فإن داعمي النظام السوري يريدون عودة اللاجئين باعتبار ذلك يشكل في حد ذاته دعما للنظام، بينما تقول المعارضة إن هذه العودة ستكون بمثابة مكافأة لنظام لم تتغير طريقة تعاطيه مع القضايا على مدار سنوات الأزمة وأن عودة اللاجئين قد تحرمهم من مساعدات يحصلون عليها خارج سورية.

تقول علا بطرس،مستشارة وزير الخارجية اللبناني ومنسقة لجنة النازحين بـ"التيار الوطني الحر" بلبنان إن الأوضاع أصبحت مواتية لبدء عودة اللاجئين.

وأوضحت، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) :"من واقع خبرتنا، فإن الخدمة العسكرية والفرار من الجيش السوري من أهم المعوقات التي تحول دون عودة اللاجئين إلى بلدهم ... لذا نعتبر المراسيم الرئاسية في سورية بالعفو عن المتخلفين عن أداء الخدمة العسكرية خطوة إيجابية تشجع على العودة".

ورفضت بشدة ما يُطرح حول ترويج التيار الوطني لترحيل اللاجئين السوريين من لبنان حتى وإن كانت هذه العودة تنطوي على الكثير من المخاطر. وشددت :"التيار مجرد حزب وليس دولة ليتم تشويه صورته بترديد أنه يعمل على عودة اللاجئين بشكل قسري".

واستطردت :"التيار لم ينشئ مكاتب خاصة لعودة اللاجئين ولم يقدم تسهيلات لمن يرغب بالعودة، إنما فقط يرفع ما تصله من طلبات للأمن العام، وينسق الأخير مع السلطات السورية لعودتهم ... التيار فقط يريد حماية كرامتهم وليس استمرار العيش في مخيمات تنعدم فيها سبل الحياة فيما قراهم ومدنهم بسورية باتت آمنة".

وقالت :"بالفعل تم إعادة الآلاف، والأمور تتطور. ونتوقع مع تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة أن يكون هناك تسريع أكثر فاعلية للمبادرة الروسية التي تهدف إلى إعادة ما يقرب من 890 ألف لاجئ سوري بلبنان".

ولفتت بطرس إلى الأعباء التي يتكبدها لبنان من جراء استضافة عدد كبير من اللاجئين، وقالت :"اللاجئون يشكلون 35% من تعداد سكان لبنان، ولهذا تبعاته الكبيرة على أمن البلاد واقتصاده. فضلا عن المنافسة بسوق العمل"، مشيرة إلى "وجود ما يقرب من 270 ألف عامل من اللاجئين يتواجدون في سوق العمل بشكل مخالف للقانون، وهو ما يعني خروج عدد كبير من اللبنانيين من سوق العمل".

من جهته، أعرب نوار الساحلي المسؤول عن ملف النازحين في "حزب الله" اللبناني عن تأييده لدعوة الرئيس ميشال عون للمانحين باستبدال الدعم المادي الموجه حاليا للاجئين السوريين بدول الجوار السوري وغيرها إلى مساعدات تقدم لهم عند العودة لوطنهم. وقال، لـ(د.ب.أ)، إن "توجيه المساعدات لإعادة إعمار المنازل المهدمة أو استعادة النشاط الاقتصادي سيؤدي لحل أهم المعوقات التي تعترض عودة اللاجئ لوطنه، خاصة في ظل توقف القتال".

ونفى بشدة ما يطرح حول قيام الحزب بالتنسيق مع السلطات السورية لإحداث عملية تغيير ديموجرافي عبر التحكم في لوائح اللاجئين الراغبين بالعودة ورفض السنة منهم على وجه التحديد، وأكد :"لا نفرق بين لاجيء وآخر لأي سبب ... 95% من السوريين الذين عادوا هم من إخواننا السنة، ونحن بالأساس لا نتحكم باللوائح ... الناس تأتي لمكاتب الحزب لشعورهم بالارتياح تجاهه أو لمعرفتهم بعلاقته الجيدة مع الدولة السورية، ويقومون بملء استمارة لطلب العودة ونحن نرسلها للأمن العام، والأخير يرسلها للسلطات السورية وهي من تحدد في نهاية الأمر".

وشدد :"بالطبع من حق أي لاجئ أن يعود لوطنه متى أراد، ولكن بالمقابل من حق السلطات السورية معرفة هوية الداخل لأراضيها وما إذا كان مطلوبا أمنيا أم لا، فضلا عن التأكد من جنسية الداخل وما إذا كان سوريا فعلا".

وتابع :"هناك بعض الأشخاص ربما تؤجل عودتهم لحين تسوية ملفاتهم الأمنية، وهناك شباب عليهم خدمة عسكرية نعمل على تأجيلها لعدة أشهر، وبرأيي فإن خطوات فتح المعابر وبدء النشاط الاقتصادي وإجراءات مثل تأجيل الخدمة للبعض والعفو عن عقوبة التخلف عنها ستشجع كثيرين على العودة".

بالمقابل، يرى وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية معين المرعبي، من "تيار المستقبل"، أن النظام السوري لم يقم بأي خطوة لتشجيع اللاجئين لمجرد التفكير بقرار العودة.

وأوضح المرعبي، في تصريحات لـ(د.ب.أ) أن "الخدمة الإجبارية بالجيش لا تزال موجودة، وبالتالي فكثير من اللاجئين ممن هربوا بأولادهم خوفا عليهم من أن يَقذف بهم النظام في أتون محرقته لن يفكروا أبدا بالعودة".

واستنكر الوزير بشدة الاتهامات التي تُوجه لوزارته بعدم القيام بمهامها فيما يتعلق بتسهيل عودة اللاجئين أو حتى السعي لإعاقة عودتهم، وقال :"لقد أعلنا من البداية رفضنا للتوطين واتخذنا خطوات عدة لتسجيل اللاجئين تمهيدا لعودتهم، ورحبنا بكل المبادرات التي تحظى برعاية أممية ... ثم كيف نعرقل العودة ونحن أول من قدم للحكومة اللبنانية خطة سياسية لإعادتهم، ولكن جراء العراقيل التي وضعها كل من حزب الله والتيار الحر لم يتم التوافق حولها".

واستطرد :"عموما، لقد كان لدينا ما يقرب من مليون و300 ألف لاجيء سوري منذ عام ونصف ... والإحصائيات الأخيرة لشهر حزيران/يونيو الماضي تشير إلى أن العدد أصبح بحدود 970 ألفا".

من جهته، رفض الناشط الحقوقي السوري المعارض أنور البني اتهام البعض للمعارضة بالعمل على إجهاض عودة اللاجئين باعتبارها تشكل دليلا أمام الرأي العام الدولي على قدرة النظام على حفظ الاستقرار بعدما تمكن من هزيمة منافسيه عسكريا.

وقال، لـ (د.ب.أ)، :"لا أحد بالمعارضة ضد العودة ... نحن فقط نقول إن السوريين هربوا من نظام قمعي قتل وأباد الكثير والكثير من أبناء شعبه وأجبر الملايين على الهجرة للنجاة بأرواحهم ... وها هو بعد كل سنوات الحرب لم يتغير ولا يزال يفكر بقتل وتهجير أكثر من ثلاثة ونصف مليون شخص في إدلب".

واستطرد :"نعم، يعيش اللاجئون أوضاعا صعبة في مخيمات اللجوء، ولكن على الأقل هناك بعض الجهات التي تقدم لهم مساعدات. أما في الداخل السوري، فلن تقدَّم لهم أية مساعدات. وفي شأن القانون رقم عشرة، فإنه حتى الآن لا يوجد تأكيد رسمي لسحبه أو تجميده. وحتى القرار الأخير بالعفو عن متخلفي الخدمة فهو مجرد محاولة لتعويض النقص بالجيش من سكان المناطق التي دخلها مؤخرا كدرعا".

من جهته، أكد المحلل العسكري والاستراتيجي الأردني فايز الدويري أن قيام النظام بفتح أكثر من معبر، وتحديدا نصيب/جابر مع المملكة الأردنية، وإن كان مؤشرا إيجابيا على قدرة الدولة على فرض الاستقرار واستعادة الحركة الاقتصادية، فإنه يظل غير كاف لطمأنه اللاجئين وجعلهم يفكرون بالعودة.

وردا على تساؤل حول توقعه لما إذا كان نجاح التنسيق مع السلطات السورية في فتح معبر نصيب/جابر سيدفع أصواتا رسمية أردنية للمطالبة بتسريع عودة اللاجئين كما هو الحال بلبنان، قال الدويري، لـ(د.ب.أ)، :"لبنان يمتلك تركيبة مذهبية وطائفية يخشى الجميع من حدوث أي خلل في توازناتها ... أما بالأردن فالمجتمع في أغلبيته مسلم سني كاللاجئين، وبالتالي فإن الأصوات الداعية للعودة محدودة جدا، ولكني لا أستبعد ظهور مثل تلك الدعوات في المستقبل إذا شعرت السلطات الأردنية أن الأوضاع باتت آمنة فعليا".

ووفقا للناطق باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين بالأردن محمد الحواري، فإن "عدد اللاجئين السوريين المسجلين في المملكة هو قرابة الـ670 ألفا، عاد منهم لسورية منذ بداية الأزمة 17 ألفا، منهم 1700 منذ بداية العام ٢٠١٨ . وأشار، في تصريح لـ(د.ب.أ)، إلى أنه "منذ بداية الأحداث في الجنوب السوري قبل قرابة الثلاثة أشهر، لم يتم تسجيل أي حالة عودة".

من جانبه، دعا المحلل السياسي اللبناني سركيس أبو زيد لضرورة التفريق بين الجانبين السياسي والإنساني بقضية اللاجئين، منتقدا بشدة قيام بعض الأطراف الدولية بالتعامل معها كورقة ضغط لتحقيق مصالح أو تصفية حسابات مع النظام السوري.

وشدد، في تصريح لـ(د.ب.أ)، على أن "العودة تحتاج لمساندة المجتمع الدولي، خاصة وأنها تتطلب الكثير من الدعم المادي".

وحذر من أن "الإصرار على الضغط على النظام بربط قضية اللاجئين بإيجاد حل سياسي للأزمة لن يؤدي إلا لتعقيد المسارين وزيادة الضغط على دول الجوار المضيفة وفي مقدمتها لبنان والأردن"، وشدد على أن "زيادة صعوبة أوضاع اللاجئين بالمنطقة لن تجعلهم يفكرون إلا في الانتقال للجانب الآخر من البحر".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك