هل الاستيقاظ مبكرا يجعلك أكثر إنتاجية في عملك؟ - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:42 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل الاستيقاظ مبكرا يجعلك أكثر إنتاجية في عملك؟


نشر في: الأربعاء 20 فبراير 2019 - 5:43 ص | آخر تحديث: الأربعاء 20 فبراير 2019 - 5:43 ص

كثيرا ما نسمع أن الاستيقاظ مبكرا هو وسيلة مضمونة لتحقيق النجاح، باعتبار أن ذلك يجعل المرء أكثر نشاطا، لاسيما وأن الكثيرين من المشاهير وكبار المديرين دأبوا على الاستيقاظ في ساعات مبكرة. كما يكثر الحديث عن فوائد الاستيقاظ مبكرا على الصحة والسعادة وتحكم المرء في حياته بشكل أفضل.

لكن هذا لا يعني بالضرورة أن بدء اليوم في ساعة مبكرة هو عصا سحرية لزيادة الإنتاج وحل كل المشاكل التي ترتبط بحسن إدارة الوقت، بل قد يكون الأمر ضارا بالبعض.

ومن الأفضل أن يجد المرء نظاما يوميا يناسبه. ونستعرض هنا بعض الأفكار التي تساعدك على معرفة التوقيت الأنسب للاستيقاظ.

ما هي فوائد الاستيقاظ مبكرا؟
قد يكون للاستيقاظ مبكرا الكثير من الفوائد، على الأقل بالنسبة للمعتادين على ذلك.

يقول كثيرون إن الساعات الأولى للصباح تكون أقل صخبا، فالأطفال وغيرهم يغطّون خلالها في النوم، كما تقل الرسائل الهاتفية والإلكترونية التي يتلقاها المرء.

ويقول تيم كوك، المدير التنفيذي لشركة آبل، إنه يستيقظ في الساعة الرابعة إلا ربع صباحا ليبدأ تفقد بريده الإلكتروني في كاليفورنيا قبل زملائه بالساحل الشرقي للولايات المتحدة، التي تكون الساعة بها 06:45 صباحا، وهو موعد مبكر على أي حال.

كما تقول مقدمة البرامج الحوارية الأمريكية أوبرا وينفري إنها تستيقظ الساعة في حوالي السادسة صباحا للتأمل والقيام ببعض التمرينات الرياضية قبل أن تبدأ عملها عند الساعة التاسعة.

أما الممثل الأمريكي مارك وولبرغ فربما كان الحالة الأكثر تطرفا، إذ يستيقظ في الثانية والنصف صباحا من أجل القيام ببعض التمرينات الرياضية ولعب الغولف وأداء الصلوات، ثم تنشيط الجسم بالجلوس في غرفة شديدة البرودة!

وقد أشارت دراسات إلى أن النجاح ربما يقترن بالاستيقاظ مبكرا، فالذين يستيقظون مبكرا يتسمون عادة بالمبادرة، ما قد ينعكس في شكل درجات أفضل في الدراسة ورواتب أعلى في العمل.

وإذا لم تكن معتادا على الاستيقاظ مبكرا فيمكنك اتباع بعض الوسائل لتشجيع نفسك على القيام بذلك، مثل إجراء بعض التمرينات مبكرا وتعريض الجسم لضوء النهار، لأن ذلك يساعد في تنشيط التمثيل الغذائي ورفع حرارة الجسم ليدب النشاط فيه بشكل أسرع.

لكن قد لا يكون الاستيقاظ مبكرا مفيدا للجميع، إذ تشير أبحاث أخرى إلى أن البعض مؤهل بيولوجيا للنشاط صباحا، بينما البعض الآخر ينشط ليلا أو حتى بعد الظهيرة.

وقدمت دراسة نُشرت مؤخرا بمجلة "نيتشر كوميونيكيشنز" أدلة إضافية على ذلك، إذ وجد الباحثون المتابعون لبيانات 700 ألف شخص أن أكثر من 350 عاملا وراثيا قد تؤثر في نشاط الأشخاص بشكل طبيعي في الصباح أو المساء. وتعد هذه الدراسة هي الأكبر من نوعها لضخامة عدد المشاركين بها، وإن لزم متابعتها ببحث آخر للتثبت من النتائج.

وبالتالي، قد يهدر المرء الساعات الأكثر نشاطا بالنسبة له إذا لم يكن شخصا صباحيا وقرر بدء يومه مبكرا.

وبالطبع، قد تجبر الظروف الشخص على الاستيقاظ مبكرا. وتقول مارلين ديفيدسون، أستاذة علم النفس الوظيفي بجامعة مانشستر، إنه ربما تكون "هناك عوامل أخرى، مثل الحماس وحب العمل، تساعد الشخص على الاستيقاظ مبكرا".

وقد لا يملك الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال صغار أو الذين يعملون في وظائف تتطلب الذهاب للعمل في توقيت غير تقليدي أي خيار فيما يتعلق بالوقت الذي يبدأون فيه يومهم.

وخلاصة القول هي أن الاستيقاظ مبكرا لا يضمن وحده تحقيق النجاح، بل يعتمد الأمر على الشخص نفسه، وقد يؤدي بالنسبة للبعض لآثار سلبية، خاصة لمن ينساق وراء نصائح الآخرين بالاستيقاظ في ساعة مبكرة على أمل مضاعفة الإنتاج دون أن يكن معتادا على ذلك.

وتقول راشيل سالاس، وهي أستاذة علم الأعصاب ومتخصصة في طب واضطرابات النوم بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية: "يستشهد الناس بمدير ما يستيقظ في الخامسة صباحا ويريدون تقليد ذلك خلال أيام العمل الأسبوعية، وهو الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطرابات في نومهم".

وتؤكد سالاس أهمية الحصول على قسط كاف من النوم ليلا والخلود للنوم في نفس الوقت كل يوم، مشيرة إلى أن الاستيقاظ مبكرا على حساب ساعات النوم المطلوبة هو السيناريو الأسوأ.

وقد يصاب المرء في حال حرمانه من عدد ساعات النوم التي يحتاجها بأعراض تتراوح بين تغير الحالة المزاجية وعدم التركيز وزيادة الوزن والقلق والتعرض لأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وغيرها.

وبالتالي لا يُنصح بالاستيقاظ مبكرا إذا كان الثمن هو الحرمان من النوم. وتقول سالاس إنها تعالج مرضى ضحوا بساعات نومهم في العشرينات والثلاثينات من عمرهم وظهرت أعراض ذلك عليهم لاحقا بتغير ظروفهم بعد أن رزقوا بأطفال.

وتشير غايل كينمان، أستاذة علم نفس الصحة المهنية بجامعة بدفوردشير في لوتون بإنجلترا: "إذا بدأت يومك مبكرا فسيتعين عليك الانتهاء من العمل مبكرا، وبالتالي قد لا يكون للأمر فائدة كبيرة".

وتعتقد كينمان أن رجال الأعمال المشاهير الذين يحرصون على بدء العمل مبكرا والعمل لساعات طويلة في المكتب أو مواصلة الليل بالنهار في متابعة البريد الإلكتروني لا يمثلون أسوة حسنة.

لكن أسوأ شيء هو تباهي المديرين ببدء العمل مبكرا، وهو الأمر الذي وصفته صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا بـ"التباهي بإدمان العمل"، وهو ما قد يمثل قدوة سيئة.

تقول كينمان: "ينظر العاملون إلى المديرين على أنهم قدوة بالنسبة لهم، لذا من غير الجيد تشجيع سلوك من هذا القبيل".

وينصح الخبراء بأن يجرب المرء الأمر بنفسه لكي يعرف ما يناسبه دون الانسياق وراء قادة الرأي على موقع لينكد-إن وغيرهم. وقد يجد المرء أن الأفضل له فعلا هو الاستيقاظ مبكرا جدا!

ويمكنك أن تعمل على ملاحظة الوقت الذي ينابتك فيه الشعور بالتعب وكذلك ذروة نشاطك، وليكن ذلك أثناء الإجازة، مع تدوين الملاحظات بالوقت الذي تخلد فيه للنوم والوقت الذي تستيقظ فيه بشكل طبيعي. ثم حاول تطويع برنامجك المعتاد على هذا الأساس حتى تستغل الأوقات التي تكون فيها أكثر نشاطا.

وبالنسبة للعمل، ينصح الخبراء بمراعاة الاختلافات بين الأشخاص للاستفادة القصوى منهم. وتنصح سوزان ستيليك، مديرة برنامج التواصل الإداري بجامعة نيويورك، أصحاب العمل والعاملين باتباع أسلوب يسمى "البحث والمراعاة"، بمعنى أن يناقش فريق العمل في بداية أي مشروع احتياجات أفراد الفريق وأوقاتهم والاعتبارات المختلفة، فيقول شخص مثلا: "لدي أطفال، واستيقظ في الخامسة يوميا ويتعين اصطحابهم للحضانة ولا يمكنني أن أتأخر في العمل. هذا وضعي الآن ولدي مزايا تعوض ذلك"، وهو ما تصفه ستيليك بعمل الفريق الناجح.

وإذا تحلى المديرون بالمرونة، فيمكن الاتفاق على تكليف الشخص المعتاد على بدء العمل مبكرا بفحص الرسائل وبدء العمل قبل زملائه ثم تعويضه بالانصراف من العمل مبكرا أيضا. وبالتالي، يستفيد العاملون ممن لديهم القدرة على العمل مبكرا دون أن يستنفدون طاقاتهم، بدلا من إلزام الجميع بالعمل مبكرا.

وفي النهاية، يجب الحصول على النصائح المتعلقة بالنوم من المتخصصين في هذا الأمر، والحصول على القسط المناسب من النوم والذهاب إلى الفراش والاستيقاظ في نفس الوقت تباعا. ويتعين عليك أن تعرف أنه ليس من الذكاء أو الصحة أن تجبر نفسك على الاستيقاظ مبكرا لمجرد تقليد الآخرين.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك