«الاستروكس».. مهدئ الثيران الذي أصبح مخدرا للشباب - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 4:22 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«الاستروكس».. مهدئ الثيران الذي أصبح مخدرا للشباب


نشر في: الجمعة 16 فبراير 2018 - 7:25 م | آخر تحديث: الجمعة 16 فبراير 2018 - 7:25 م

تحقيق: إسلام عبد المعبود وياسين أبو حسين ويارا صابر وأحمد إسكندر

 • دخل البلاد منذ سنة وحقق مكاسب كبيرة ورواجا دفع التجار لغشه

• «الكتامين» المادة الفعالة في «الاستروكس».. والبيطريون يستخدمونها في تخدير الحيوانات الأليفة

• يسبب فقدانا للشهية وخللا في توازن الجسم واضطرابا في الجهاز الهضمي

• المخدر غير مدرج بالجداول الصادرة من وزارة الصحة.. وضباط الشرطة يواجهون مشكلة في القبض على تجاره

• متعاطون لـ«الاستروكس»: أصبحنا مغيبين عن الوعي.. والهلوسة تلازمنا في كل وقت


دفع الفضول محمد حربي، صاحب محل العطارة ببولاق الدكرور أن يسأل أحد المترددين عليه عن كثرة سؤاله عن عشب «البردقوش» وعرضه 300 جنيه في الكليو، وفي عشب كان حتى 6 شهور لا يتجاوز 50 جنيها، فأجابه بنظرة حادة: "مالكش فيه"، كانت حدة النظرة وقسوة الرد كافيتان أن يعيد حربي التفكير في السؤال مرة أخرى ويبحث عن السبب مجددا ونبحث نحن معه.

• قصة «الاستروكس» بين المكسب والسعر والغش

سرعان ما وجدنا الإجابة على لسان تجار مخدر "الاستروكس" الذين رفضوا ذكر أسمائهم والتصوير معهم، وأكدوا على أن هذا المخدر ظهر منذ سنة وتم تداوله بشكل كبير في السوق، الأمر الذي لاقى رواجًا لدى متعاطيه، مشيرين إلى أن زيادة الطلب عليه خلال الأشهر الماضية أدى إلى استغلال التجار وخلطه مع عشب البردقوش.

يقول أحد تجار" الاستروكس" عقب لقائنا به في منطقة إمبابة: "إننا نضع كمية من عشب البردقوش على كمية بنسبة أعلى بسيطة من مخدر الاستروكس وخلطهما، حتى تصبح الكمية أكبر"، وأشار التجار إلى أن البردقوش يأخذ نفس شكل مخدر الاستروكس، مضيفًا أنه يحصل على مكسب كبير بعد زيادة الطلب عليه "لدرجة أننا عجزنا عن سد احتياجات متعاطيه"، وأوضح التاجر أن سعر المخدر زاد فوصل ثمنه 250 جنيها للجرام بعدما كان بـ50 جنيها قبل ذلك، فاضطروا إلى اللجوء لعشب البردقوش خاصة أن وجه التشابه بينهما قريب جدا.

كما أوضح التاجر أن سعر الاستروكس يختلف من منطقة لأخرى، حيث أن المنطقة الراقية يصل فيها سعر الجرام لـ250 جنيها أما المنطقة الشعبية والمكتظة بالسكان يتراوح سعره فيها من 100 لـ150 جنيها، وأشار إلى أن الراغب في شراء المخدر يستلمه في منطقة صحراوية بعيدا عن الأنظار.

• أصل «الاستروكس» كما يحكي الطب

الدكتورة شيرين زكي عضو مجلس إدارة نقابة البيطريين تذهب بنا بعيدا في عملية تشريح عن أصل الداء فتقول إن: "الكتامين هو المادة الفعالة والأساسية في تكوين مخدر الاستروكس، وهو مخدر بيطري يستخدمه الأطباء البيطرين في تخدير الحيوانات الأليفة وتهدئه الخيول والأسود".

وأضافت زكي، أن نقابة البيطريين ليس لها صفة قانونية في دخول الكيتامين أو أي دواء آخر، ولكن بعض المديريات تقوم بعمل صفقات لاستيراد الكتامين لضرورة استخدامه أثناء العمليات الجراحية، ويمكن أن يباع في بعض الصيدليات والمديريات بناء على تعليمات رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية.

وأشارت عضو مجلس إدارة نقابة البيطريين، أن الطبيب البيطري يستخدم مادة الكيتامين أثناء عمله وليس مخدر الاستروكس، فالاستروكس هو مخدر ناتج من مادة الكيتامين وعدة مواد أخرى مضافة إليها، موكدة أن الاستروكس يسبب فقدانا للشهية، وخللا في توازن الجسم، وحدوث اضطراب في الجهاز الهضمي.

وتابعت أنه يتسبب أيضًا في التعرض إلى التهابات حادة بالمعدة، تعمل على حدوث تضخم بالكبد وتتسبب بتليف ملايين الخلايا العصبية، وارتفاع ضغط الدم في الجسم، ويؤدي ذلك إلى الإصابة بفقر الدم واختلال في كيمياء المخ، وفقدان مؤقت في الذاكرة، والهلاوس السمعية والبصرية عند تعاطي جراعات زائدة منه.

وأضافت زكي لـ"الشروق"، أن الاستروكس غير مجرم في القانون المصري، ومن يتم القبض عليها وبحوزته هذا المخدر لا يعاقب جنائيًا، وأكدت على عدم ظهور أي أثر لمخدر الاستروكس في التحليل، والأخطر من ذلك أن الشباب الصغار يقبلون عليه منذ سن صغير.

ويستكمل الدكتور محمد سعيد، طبيب بيطري، الكلام قائلا إن هذه المواد تدخل مصر عن طريق الوحدات الصحية البيطرية وتستخدم لتهدئة الخيول والأسود وأيضا لتخدير القطط لإجراء عمليات لهم، وأضاف أن هذه المواد بالغة الخطورة وغير صالحة للاستخدام الآدمي، مشيرًا إلى أنها باهظة الثمن وأن مادة الكيتامين تباع بالجرام.

وبسؤال الدكتور محمود عيد، الطبيب في صندوق مكافحة الإدمان التابع لوزارة الصحة بالعباسية،
عنه قال إن مخدر الاستروكس يحتوى على مواد تسمى الأتروبين والهيوسين والهيوسايمين، وتتسبب هذه المواد في السيطرة التامة على الجهاز العصبي وتؤدي إلى تخديره تماما وتصيب متعاطيه باحتقان شديد واحمرار بالوجه، وهو عبارة عن نبات مخدر أو عشب مخصص لتخدير الحيوانات، له مذاق مختلف عن الحشيش والبانجو ولونه أخضر، ورائحته تشبه "الماريجوانا"، ويتم تعاطيه عن طريق التدخين في السجائر، ويظل مخدر الاستروكس في الجسم بعد آخر تعاطي لة لمدة تتراوح ساعتين أو أربع ساعات، ويظهر في تحليل دم الجسم ما بين يوم أو يومين.

وأضاف الطبيب أن المخدر يعد من المخدرات التي يبلغ عددها أكثر من 120 نوعا، ويحتوي على تركيزات من مخدر الحشيش ومركبات الهيوسين والهيوسايمين والأتروبين، مؤكدًا على أن المخدر يعد أخطر من الحشيش والبانجو، وتأثيره أقوى منهم نظرا لاحتوائه على مواد كيميائية بجانب المواد المخدرة المعروفة، وأضاف أن مواد الأتروبين والهيوسين والهيوسايمين تعمل على الجهاز الباراسمبثاوي وتسبب ارتخاء العضلات والإمساك والاحتقان واتساع حدقة العين وانخفاض الضغط الدموي واحتباس البول وزيادة ضربات القلب وخلل بالوعي أو ما يعرف بشبه الغيبوبة، ويصاب الشخص بهلاوس سمعية وبصرية، وأضاف أنه مع زيادة الجرعة يصاب الشخص بهبوط في القلب والدورة الدموية وانخفاض شديد في ضغط الدم، كما أن الشخص قد يتعرض لغيبوبة ويتوقف قلبه، وقد يصل الأمر للوفاة.

• ضباط الشرطة في ورطة بسبب «الاستروكس والجدول»

مساعد وزير الداخلية الأسبق اللواء رفعت عبد الحميد قال لـ"الشروق" إن مخدر الاستروكس غير مدرج في الجدول 1 و2 و3 الصادر من وزارة الصحة منذ عام 1917 حتى الآن وغير مصرح به في الصيدليات، وأكد على أنه غير معلوم المصدر والمادة الخام للمخدر عدد من التجار من قاموا بصنعه، وأضاف أن جميع سلطات الدولة بما فيها ضباط الشرطة ملتزمون بالجداول فقط لا غير.

وأشار مساعد وزير الداخلية الأسبق، إلى أن ضباط الشرطة يواجهون مشكلة في القبض على تاجر أو متعاطي الاستروكس لأنه من العقاقير غير المحظور تداولها حتى الآن.

• رحلة «الاستروكس» لا تكتمل إلا بحكايات من يتعاطاه

م. م، 29 عامًا، سائق توك توك، كان يعمل موظفا بشركة تبريد وتكييف، وأحد مرضى الاستروكس، يحكي عن تجربته في التعاطي قائلا: "تزوجت عام 2013 وكانت حياتي مستقرة، إلا أننا مررنا بضيقة مالية أنا وزوجتي، ولم نتلق مساعدة من أحد، الأمر الذي دفعنا في اتخاذ طريق اللاعودة، وهو طريق المخدرات وأصبحنا نتعاطى مخدر الحشيش والبانجو لفترة، ثم تعاطينا مخدر الترامادول لمدة ثلاث سنوات حتى قابلنا أحد مروجي المخدرات الذي أخبرنا بوجود نوع جديد في السوق يدعي الاستروكس. في بداية الأمر تعاطينا نسبة بسيطة وتبين أنً تأثيره على الجسد أفضل من باقي الحبوب المخدرة التي كنا نتعاطها، إلا أنه بعد فترة قليلة من التعاطي أصبحنا مغيبين عن الوعي مدة كبيرة فضلا عن الهلوسة التي تلازمنا في كل وقت".

وأوضح المريض أنه يمر مع زوجته بأوقات عصيبة، موضحا: "وصلنا لدرجة أننا لا نستطيع السير على أقدامنا لمدة كبيرة، لأننا ندخل في غيبوبة"، وأشار إلى أنهم في بعض الأوقات لا يتذكرون عنوان المنزل أو عنوان أسرتيهما، وأكد أنه يبحث الآن عن طريق للعلاج من الإدمان، واستطرد في حديثه والدموع تتقاطر من عينه أنه يعمل الآن سائق توك توك، بعد فصله من عمله السابق بسبب دخولي عالم الإدمان.

على الجانب الآخر، أكد ع. ع، عاطل، على أنه أدمن تعاطي الحشيش والهيروين مع شقيقه منذ عامين ثم انتقلا إلى الاستروكس ودخل عالم الإدمان المظلم وتحولت حياته إلى جحيم، وأوضح أن المخدر يغيب الإنسان عن الوعي لفترة كبيرة، وأضاف أنه "بعد نفاد النقود بدأنا نقترض من أصدقائنا مبالغ مالية لشراء الاستروكس، واضطررنا لتوقيع إيصالات أمانة لا نقدر على سدادها الآن، ونعيش حالة من اللوم وتعذيب النفس".

فيما، أشار علي ع، 27 عامًا، موظف حكومي، وأحد مدمني الاستروكس، أن حياته كانت مستقرة، ولكن منذ سنة ونصف وقع في فخ أصحاب السوء، وبدأ في تعاطي مخدر الحشيش مع أصدقائه ومع مرور الوقت لا يستطيع الاستغناء عن المخدر، فضلا عن شعوره براحة نفسية عقب تناوله، وأضاف أنه بدأ يدخل في نوبات بكاء دون سبب وسقط عدد من المرات فاقدا الوعي، وقطع عهدا على نفسه بعدم العودة مرة أخرى، وبعد محاولات باءت بالفشل شعر أنه لا يستطيع الاستغناء عنه وعاد لتناوله للمرة الثانية ودخل في نفق مجهول الهوية، وأصبحت حياته أكثر ظلمة، كما تم فصله من عمله، والآن لا يستطيع العمل وحياته الزوجية معرضة للانتهاء، مؤكدًا على أنه لو عاد به الزمن لن يعود مرة أخرى أبدا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك