سرطانات البحر الحمراء تقطع مسيرة طويلة على جزيرة كريسماس الأسترالية من أجل التزاوج - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 10:36 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سرطانات البحر الحمراء تقطع مسيرة طويلة على جزيرة كريسماس الأسترالية من أجل التزاوج

(د ب أ)
نشر في: الجمعة 14 ديسمبر 2018 - 2:25 م | آخر تحديث: الجمعة 14 ديسمبر 2018 - 2:25 م

في بداية موسم الأمطار من كل عام، خلال الفترة ما بين نوفمبر وابريل، تحدث معجزة في عالم الطبيعة على جزيرة نائية صغيرة الحجم في المحيط الهندي، ألا وهي جزيرة "كريسماس" أي "عيد الميلاد".

ويتدفق طوفان قرمزي اللون من سرطانات البحر الحمراء من فصيلة "جيكاركويديا ناتاليس" التي تقدر أعدادها بالملايين عبر تلك الجزيرة الصخرية التي تقع على بعد 350 كيلومترا جنوب جزيرة جاوا الاندونيسية وتبعد نحو 1500 كيلومتر من شواطئ أستراليا، مما يؤدي إلى إغلاق الشواطئ والطرقات، استعدادا لحدوث مشهد رائع يتكرر مرة واحدة كل عام.

ومع ارتفاع درجات الحرارة، وزيادة نسبة الرطوبة والأمطار، تشق سرطانات البحر طريقها في مسيرة طويلة من الغابة إلى الشاطئ من أجل التزاوج ووضع البيض.

ويقول بيتر جرين رئيس قسم علوم البيئة بجامعة لا تروب في مدينة ملبورن الأسترالية إن "الأمر المثير للاهتمام هو أن سرطانات البحر الحمراء تتدفق بأعداد هائلة، بحيث تسيطر على سائر ديناميكيات الجزيرة وأنظمتها البيئية".

ولا تعيش تلك السرطانات التي لا يزيد حجمها عن 116 ملليمترا سوى على جزيرة كريسماس وجزيرة كوكوس المجاورة لها.

ويقدر تعداد تلك الكائنات البحرية ذات العشرة أرجل بنحو 45 إلى 80 مليون سرطان، حسبما يقول باحثون ومسؤولو المتنزهات على الجزيرة التي تبلغ مساحتها 135 كيلومترا مربعا ويصل تعدادها السكاني إلى 1350 نسمة.

وتمثل ثلثا مساحة الجزيرة محمية طبيعية تغطيها غابة مطيرة كثيفة الأشجار، وهي في الواقع جزيرة أسترالية تشتهر بأنشطة تعدين الفوسفات.

ولم يتوصل العلماء بالتحديد إلى الطريقة التي تعرف بها سرطانات البحر موعد تحركها، سوى أنه عندما تبدأ الأمطار في الانهمار، حيث أن بضع قطرات من الأمطار لن تكون كافية، كما يتعين أن تكون التربة رطبة بما يكفي.

ويرى جرين أن هجرة سرطانات البحر تعتمد بشكل كامل على غريزتها.
وأوضح قائلا إن "الطريقة التي تبدأ فيها سرطانات البحر الهجرة بشكل منسق هي نفس الطريقة التي تتحرك بها فصائل حيوانية نحو هدف موحد بغرض الوصول إلى نتيجة مشتركة عبر التاريخ".
وتقود الهجرة الذكورة البالغة كبيرة السن.

ويقول روب مولر كبير حراس المتنزه الوطني على جزيرة كريسماس إن "سرطانات البحر تستطيع استشعار التوقيت في الشهر، وهي تسعى إلى الوصول إلى الشاطئ قبل أسبوعين من تاريخ وضع البيض، وهو التاريخ الذي تحدده عملية المد والجزر حسب وضعية القمر في السماء".

وأضاف: "أنها تقطع هذه الرحلة منذ ملايين السنين وقد أتقنت خطواتها".

وعادة ما تسير السرطانات خلال النهار وتتوقف ليلا، وهي تتحرك ببطء ولكن بخطوات ثابتة وتقطع نحو كيلومترا ونصف يوميا. وربما يبلغ طول المسافة عند أطول نقطة ما بين الغابة والشاطئ ما بين خمسة إلى سبعة كيلومترات.

ومن أجل تسهيل رحلة الهجرة بالنسبة للسرطانات، أقام حراس المتنزه سياجا بطول خمسة كيلومترا على طول الطريق، كما شيدوا أنفاقا صغيرة وجسرا لحمايتها من حركة السيارات.

وعندما تصل سرطانات البحر إلى المدينة، فإن حركة الحياة تتباطأ، حسبما يقول أحد السكان المحليين.

ويقول جاهنا لوك مدير التسويق السياحي في جزيرة كريسماس إنه ما أن تصل السرطانات إلى ساحة التزاوج بعد مسيرتها الطويلة، فإنها تغتسل أولا في مياه البحر المالحة.

ثم يحفر كل ذكر جحر على الرمال في انتظار اجتذاب الأنثى.

وذكر جرين أن الذكر في هذه المرحلة يتسم ببعض العدوانية لإبعاد باقي الذكور الذين قد يحاولون سرقة الجحر الذي يحفره.

وفي حين أن بعض عمليات التزاوج تتم بالقرب من الشاطئ، إلا أن معظم التزاوج يحدث على الجروف الصخرية حيث أن السرطانات مهيأة بصورة جيدة للصعود عليها.

وبعد التزاوج، يغادر الذكور ويشقون طريقهم عائدين إلى الغابة، في حين تبقى الإناث في الجحور لمدة أسبوعين لوضع البيض، وتتم هذه العملية مع حدوث المد قبل شروق الشمس في الربع الأخير من الشهر القمري. وتضع كل أنثى عشرات الآلاف من البيض الذي تخرج منه اليرقات بمجرد وصوله إلى الماء المالح.

وتقتات الأسماك والقروش الحوتية على اليرقات التي تشبه القريدس الصغير، وتمر هذه الكائنات بأطوار نمو متعددة خلال الفترة ما بين أسبوعين إلى أربعة أسابيع في مياه البحر.

وبعد ذلك، تخرج الملايين من سرطانات البحر الصغيرة من المياه وتتدفق عبر الشاطئ في طريقها إلى الغابة.

ويقول جرين: "نحن لا نعرف في الحقيقة ما الذي يحدث في البحر، ففي بعض السنوات تخرج أعداد هائلة من السرطانات الصغيرة من البحر وتعود إلى الغابة، ولكن هذا لا يحدث كل عام".

ويعتقد العلماء أن هذا التباين يرجع إلى ظروف الطقس السيء والتيارات البحرية القوية التي قد تحمل السرطانات الصغيرة بعيدا عن الشاطئ، فضلا عن حرارة المياه التي قد تقتلها أو الكائنات البحرية التي تتغذى على اليرقات.

وذكر العلماء أن جزيرة كريسماس، وهي قمة بركانية في أخدود جاوا، تشكلت قبل أكثر من ستين مليون سنة، ولكن لا أحد يعرف متى أو كيف وصلت سرطانات البحر الحمراء إلى هذه الجزيرة.

وذكر جرين الذي يدرس السرطانات الحمراء منذ أكثر من ثلاثين عاما: "ما نراه الآن على الجزيرة هو نتاج لما تفعله السرطانات منذ ملايين السنين"، مضيفا أنه "لم تستطع حيوان كثيرة أن تكتسب مثل هذا النفوذ على النظام البيئي الذي تعيش فيه اعتمادا على نفسها".

تعيش سرطانات البحر ما بين 15 إلى 25 عاما، وليس لها أعداء طبيعيين يتغذون عليها.

ويوضح جرين أن "البيئة الطبيعية على الجزيرة تتناسب في الواقع مع السرطانات، والسكان لا يأكلونها لأن سيئة المذاق".

غير أنه في السنوات الأخيرة، ظهرت فصيلة من النمل الأصفر واستعمرت الجزيرة بعد أن وصلت إليها من قبيل المصادفة قبل ثلاثين عاما على متن السفن القادمة، وأصبحت تمثل خطرا حقيقيا على السرطانات الحمراء.

ويضيف مولر إن "تغير المناخ يمكن أن يشكل تهديدا آخر ملموسا لسرطانات البحر، ولكننا لم ندرس هذه المسألة بشكل كاف".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك