في ذكرى رحيل «علي مبارك».. هل كان الوالي عباس ينتقم من «بعثة الأنجال» - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 3:30 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

في ذكرى رحيل «علي مبارك».. هل كان الوالي عباس ينتقم من «بعثة الأنجال»

شيماء شناوي
نشر في: الأربعاء 14 نوفمبر 2018 - 1:09 م | آخر تحديث: الأربعاء 14 نوفمبر 2018 - 1:14 م

فى يوم مشمس من أيام صيف عام 1849 الدافئة وفي ميناء الإسكندرية المفعم بالحركة والضجيج، كان عباس باشا والي مصر والسودان يجلس في سيارته على رصيف الميناء ومعه ابنه إلهامي، بانتظار وصول الباخرة «أوزوريس» لاستقبال البعثة العلمية الخامسة القادمة من فرنسا والتى كان قد أرسلها جده محمد علي باشا منذ حوالى 5 سنوات، ضمن عدد كبير من البعثات كان يرسلها ليستفيد منهم في بناء دولة مصرية لا تقل حداثة وتقدمًا عن دول الغرب، إلا أن مراده لم يتحقق بفعل المرض حيث داهمه الخرف فعُزل عن الحكم و تولى من بعده ابنه إبراهيم باشا والذى لم يمكث فى الحكم إلا 7 أشهر وتوفى فى نوفمبر 1848م وتولى حفيد محمد علي بحسب معاهدة لندرا والتي تقضي بتولي الأرشد فالأرشد من نسل محمد علي حكم مصر وكان أكبرهم آنذاك حفيده عباس حلمي باشا.

كان أول قرار لعباس الأول بعد تسلمه مقاليد الحكم في البلاد هو طلب إعادة البعثة الدراسية الموجودة بفرنسا والتي بها 4 من أمراء أسرة محمد علي «الأمير محمد عبدالحليم، والأمير أحمد رفعت، والأمير إسماعيل، الأمير حسين» بالإضافة إلى "علي مبارك" و38 مبعوثا آخر، وقد كان عباس بعكس جده محمد علي باشا، فهو يرى في البعثات التعليمية مصاريف باهظة، ثم تأتي بدارسين يطمسون أشكال الثقافة الإسلامية بحجة التمدن، وهو ما كان يسميه "غزوا ثقافيا" ولذلك أسرع في طلب عودتهم، وبحسب القواعد المتبعة منذ أيام جده أقام في ساحة القلعة حفلا لأعضاء البعثة القادمين وأعضائها السابقين، حيث خطب فيهم قائلًا:

أحييكم أيها السادة بتحية قلما سمعتموها في غربتكم ألا وهي تحية الإسلام، أكاد أحصي في جموع الحاضرين أعضاء البعثات القدامى الذين سبق وكانوا في بعثات علمية إلى الخارج، فمرحبًا بكم جميعا السابقين واللاحقين فمعظمكم أيها السادة قد تعلمتم ونهلتم من بلاد الإفرنج الكثير من العلم، ونحن هنا لنحتفل بكم ونقول لكم شكرا.

وصمت برهة ليتفقد أثر كلماته السابقة على الحاضرين ثم أكمل قائلًا: نعم نحن نشكركم أيها السادة على تنفيذكم سياسات الدولة وما قد كلفتم به في سالف العهد، ألا وإنني اليوم أحيطكم علما بأن ذلك كان عهدا مضى وانقضى بما حمله للبلاد من خير وبلاء، جنى ثماره البعض وعانى وطأة قراراته البعض، وإنى هنا مستثمرا حضوركم، حتى أعلمكم برؤياي وتطلعاتي للمستقبل فأنتم النخبة التي قد تكلفت البلاد في سبيل تعليمكم وتنويركم الكثير والكثير:

أولًا العلم هو نبراس الحياة، وسبيل الأمم للتقدم والرقي، هذا حق، ولكن ذلك ليس على حساب الدين والثقافة الإسلامية ففيهما أفضل الثقافات، فبعد ملاحظتنا للعديد من رجالات الثقافة و الفكر لوحظ اهتمامهم بالتفرنج والتغريب وإهمالهم للثقافة الإسلامية والعربية، وهي التي قد أضاءت بنورها مشارق الأرض ومغاربها وقت أن كانت أوروبا تقبع تحت ظلام الجهل والتخلف، وبالوقوف على علات هذا الأمر بات جليا أن سبب ذلك كثرة البعثات للخارج والاختلاط بالثقافة الغربية وإهمال الثقافة العربية والشرقية، لذا فقد رأينا أن نقتصد فى بعثاتنا للخارج فى الفترة المقبلة والاكتفاء بما لدينا من خبرات فى مجال التعليم تقوم على تلقين الأجيال الصاعدة ما لديها من علوم وأبحاث مع التأكيد على الإكثار من العلوم العربية والشرعية كأساس لبناء الفكر السليم.

ثانيا حرصا منا على دعم أواصر المعرفة والعلم في وادي النيل شمالا وجنوبا، فقد أصدرنا أمرنا بإنشاء مدرسة ابتدائية في السودان تحت إشرافنا ورعايتنا حتى لا نهمل الجنوب الذى هو جزء لا يتجزأ من ربوع الوطن وقد انتدبنا إلى هناك ما يستلزم من كفاءات وخبرات عالية لإنجاز هذه المهمة على خير وجه.

ثالثا تعد البعثة الأخيرة القادمة من فرنسا أكبر البعثات حجما وأكثرها عددا والبلاد في أشد الحاجة لجهود طلابها ولسواعدهم الشابة في النهوض بالوطن وإعلاء بنائه لذا فقد أصدرنا أمرنا بسرعة إلحاق أفرادها بوظائف الدولة كل حسب تخصصه ومجاله.

رابعا أبشركم بأننا على أعتاب عقد اتفاق دولي كبير، فقد تجلت إرادتنا بتنفيذ مشروع ضخم يعود بالنفع على المحروسة وأهلها ويكون عنوانا لعهدنا الجديد وقد أبدينا موافقتنا لتلقي العروض المقدمة لدراستها وإبداء الرأي فيها مع العلم بأن الغلبة لدينا ستكون للمشروع الأنفع للبلاد وأبعد للضرر وأصون لحقوق الدولة على أراضيها.

خامسا لوحظ لدينا ما وصلت إليه أخلاق الرعية من تردي وخاصة أصحاب الدكاكين والحوانيت منهم، حيث لا يزجرهم آذان يرفع أو شعيرة تقام عن الصياح والنداء على سلعهم مما يفسد على المصلين صلاتهم ولذا فقد صدرت إرادتنا بإنشاء فرقه شرطية تسمى الحسبة مسلحة بالكرابيج ستكون مهمتها ردع وزجر أصحاب الحوانيت والعامة في الشوارع وغلق كل الدكاكين المفتوحة وقت الصلاة وتوقيع الغرامات على المخالفين.

وأخيرا فلتشحذوا هممكم، ولتشمروا عن سواعدكم، فستحتاج البلاد لكل جهودكم وكافة خبراتكم، فنحن نأمل فيكم خيرا فأرونا ما يسر أعيننا منكم والسلام عليكم ورحمة الله.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك