«عيد الحب» ما بين الثقافات والطرائف والتحذيرات - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 10:22 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«عيد الحب» ما بين الثقافات والطرائف والتحذيرات

القاهرة - أ ش أ:
نشر في: الأربعاء 13 فبراير 2019 - 2:26 م | آخر تحديث: الأربعاء 13 فبراير 2019 - 2:26 م

إذ يحتفل العالم، غدا الخميس، بعيد الحب، فإن هذا اليوم الشهير بـ"الفالانتين" يبقى جامعا ما بين ثقافات متعددة ولا يخلو من طرائف وأحيانا تحذيرات من "جرائم ترتكب باسم الحب" في العصر الرقمي.

ولم تغب المؤسسات الثقافية المصرية عن هذا الاحتفال العالمي، حيث نظمت دار الأوبرا "مهرجان عيد الحب" للعام الثاني على التوالي، وهو المهرجان الذي بدأ مساء أمس الثلاثاء بحفل للمطرب مدحت صالح على المسرح الكبير للأوبرا.

ويستمر هذا المهرجان الغنائي الذي يتضمن 5 حفلات في القاهرة والإسكندرية حتى يوم غد الخميس، بمشاركة هاني شاكر وعلي الحجار وريهام عبدالحكيم، التي تشدو مساء اليوم على المسرح الكبير للأوبرا، فيما تقام أيضا حفلات على مسرح معهد الموسيقى العربية بالقاهرة ومسرح سيد درويش بالإسكندرية.

ولئن كانت احتفالات صرح ثقافي مصري كدار الأوبرا بعيد الحب على مدى 3 أيام تسعى للتعبير الفني عن قيم الحب النبيلة، فإن الصحافة الثقافية الغربية مضت في إعداد قوائم بالكتب المناسبة للقراء في عيد الحب وبعضها يعود لأسماء ثقافية ضاربة في عمق التاريخ والقرنين الـ8 والـ9 قبل الميلاد مثل الشاعر الملحمي اليوناني القديم هوميروس صاحب "الإلياذة" و"الأوديسة".

وقوائم "كتب عيد الحب" في الغرب تتضمن روايات كتبت في ازمنة متعددة مثل "غرفة جيوفاني" للكاتب الأمريكي جيمس بالدوين الذي قضى في 1 ديسمبر عام 1987 و"مرتفعات ويذرنج" للروائية والشاعرة البريطانية الراحلة إيميلي برونتي، و"الشمس تشرق أيضا" لارنست هيمنجواي الذي قضى في 2 يوليو عام 1961، و"جلد الأسد" للروائي والشاعر الكندي المولود في سريلانكا مايكل اونداتي، و"العاطفة" للبريطانية جانيت وينترسون، التي ولدت في 27 أغسطس عام 1959، ناهيك عن "روميو وجولييت" لكاتب الإنجليزية الأعظم شكسبير.

وعيد الحب كما ذهبت طروحات في الصحافة الثقافية الغربية "مناسبة لاستعادة بكارة المشاعر والدفء الإنساني المفقود إلى حد كبير في عالم اليوم"، مع حرص البعض على تأكيد حقيقة أن "الحب عنوان رئيس في الأدب والإبداعات الإنسانية ككل" وإحالات تاريخية لأعمال مثل "ملحمة جلجامش" السومرية الشعرية المكتوبة بالخط المسماري.

وإذا كانت المتاجر في كثير من الدول تنتعش في "موسم عيد الحب" جراء مبيعاتها من الهدايا والزهور التي ترمز للحب، فإن المتاجر في مصر تبدو الآن منتعشة أيضا، بينما تتفق "وصفات هذا الاحتفال" في وسائل الإعلام المصرية مع غيرها من وسائل الإعلام في دول أخرى، على أن "الورود الحمراء ضرورية للتعبير عن مشاعر الحب في هذا اليوم مع بعض النصائح الأخرى حول أفضل الهدايا".

لكن "الحب في العصر الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي" قد يتعرض لتحديات تضرب في صميم معانيه السامية مثلما أوضح تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" أورد بيانات رسمية "لمركز مكافحة الاحتيال التابع للشرطة" حول "خسائر ضحايا الاحتيال باسم الحب أثناء الاحتفال بعيد الحب في العام الماضي".

ووفقا لهذه البيانات التي نشرت قبيل الاحتفال بعيد الحب في عام 2019، فإن "ضحايا الاحتيال العاطفي باسم الحب في بريطانيا وأغلبهم من النساء تكبدوا خسائر بلغت 50 مليون جنيه إسترليني فيما يتظاهر المحتالون بالارتباط العاطفي بالضحايا".

وقالت رئيسة وحدة مكافحة الجرائم الاقتصادية بشرطة لندن، كارن باكستر، إن "جرائم الاحتيال باسم الحب ترتفع كل عام"، لافتة إلى أن "الأضرار العاطفية لضحايا هذا النوع من الاحتيال أبعد أثرا من الخسائر المالية"، فيما توضح البيانات الرسمية المنشورة أن نسبة النساء تصل إلى 63% من مجموع ضحايا "الاحتيال باسم الحب".

وقد يحمل "عيد الحب" أحيانا ذكريات غير سارة في التاريخ الثقافي والأدبي وحتى الآن هناك كتابات تتوالى حول مشاجرة وقعت أثناء الاحتفال بهذا العيد عام 1976 بين اثنين من أعلام الأدب الأمريكي اللاتيني وهما النوبلي الكولومبي جابرييل ماركيز وأديب بيرو الكبير ماريو فارجاس يوسا، مع أنهما ارتبطا بصداقة حميمة قبل أن "تتحول هذه الصداقة لعداء بعد أن وقعا معا في حب امرأة واحدة لتندلع بينهما مشاجرة في عيد الحب بمكسيكو سيتي كلفت ماركيز كدمة في عينه اليمنى".

ومن الواضح في الثقافة الغربية أن ظاهرة الافتقار للدفء الإنساني في عالم اليوم تثير حالة من "الأرق الثقافي"، وهي حالة قد تفسر الاهتمام الملحوظ في تلك الثقافة "بزيارات جديدة للحب في التاريخ وأزمنة مضت".

وحتى قبل الاحتفال بعيد الحب هذا العام، هناك استعادة كتابات مثقفين كبار في الغرب حول الحب مثل الشاعرة والكاتبة الفرنسية مارجريت دوراس التي تعد من أهم أدباء الغرب في النصف الثاني من القرن الـ20 وقضت في 3 مارس عام 1996.

فروايتها الشهيرة "العاشق" التي صدرت عام 1984 وترجمت لنحو 50 لغة ونالت بها جائزة جونكور الأدبية الفرنسية الرفيعة المستوى مازالت تترجم من جديد للإنجليزية في طبعات جديدة وتثير نقاشات ثقافية جديدة حول "مفاهيم الحب عند مارجريت دوراس".

ولعل تاريخ الحب يتوقف مليا أمام حالة زوجها الأديب الشاب يان اندريا الذي بقى مع مارجريت دوراس حتى اللحظة الأخيرة في حياتها مع أنه كان يصغرها بأعوام كثيرة وأغلق على نفسه الأبواب ليعتزل الناس لفترة طويلة بعد رحيلها فيما استحق "جائزة عيد الحب الأدبية الفرنسية" منذ 19 عاما.

ولأن قضايا الحب جامعة ما بين ثقافات متعددة فمن الطبيعي أن يدلي مثقفون عرب بدلوهم حول تلك القضايا مثل الشاعر المصري الكبير أحمد عبدالمعطي حجازي الذي يقول: "الكون في كل صوره حب في حب". والملاحظ أن بعض الصحف ووسائل الإعلام في مصر والعالم العربي عادت أيضا للتاريخ في عيد الحب ليتردد مثلا اسم "حتحور" باعتبارها "ربة الحب والحنان" عند المصريين القدماء مع إشارات لقصص الحب والأشعار المدونة على جدران المعابد وحتى المقابر المصرية القديمة، ناهيك عن قصة الحب المصرية الخالدة مثل"إيزيس وأوزوريس" و"رمسيس الثاني ونفرتاري".

وإذا كانت تجليات الحب حاضرة في الحضارة المصرية القديمة وتجسدها بعض التماثيل الشهيرة كتمثال "امنحوتب وتي" فالحب حاضر دوما في إبداعات وكتابات مثقفين مصريين معاصرين مثل الكاتب والشاعر الكبير فاروق جويدة الذي تحدث غما وصفه "بالحب العنيد الذي يختار مواعيد سفره ورحيله ولا يبقى منه سوى الانتظار!".

ومن قبل، خاطب فاروق جويدة قارئه قائلا: "ابحث دائما عن لحظة حب تعيشها" فيما يتناول الحب بنظرة شاملة فيقول: "لا تنظر كثيرا في تلك العيون التي تقتحم حياتك كالسهام وهي لم تعرف الحب في يوم من الأيام.. لابد أن تحب عملك كي تنجح فيه ولابد أن تعطي الناس قبل أن تأخذ منهم".

وفيما يتساءل: "هل فكرت يوما أن تزور أماكن أحببتها؟"، يضيف جويدة: "أن كل لحظة حب عشتها مع هذا العالم الكبير الذي يحيط بك أصبحت جزءا منه.. أن الأماكن قصة حب لأنها ليست فقط أعمدة من الأسمنت لا تنطق.. أن لها لغة هي لغة المشاعر وهي قادرة رغم ما يحيط بها من الصمت أن تصافحك".

ومن الواضح أن الحب عند هذا الشاعر المصري الكبير يقترن بالذكريات الجميلة والمشاعر الصادقة وهو الذي قال: "من الصعب أن ينسى الرجل امرأة أضاءت حياته وحلقت به في أبعد نقطة من هذا الكون.. أن مثل هذه المرأة تأخذ في أعماق الإنسان مكانا تسكن فيه لا الأيام تغيرها ولا زحام الوجوه يخفي ملامحها".

وطريف ما يقوله فاروق جويدة: "إن وجدت نفسك على الشاطيء فلا تفرط فيه، وإذا وجدت نفسك غارقا بين الأمواج دون أن تمتد إليك يد؛ فهذه هي نهاية العشاق حين يخطئون الطريق"، مؤكدا أنه لا ينبغي أن يخجل الإنسان من استرجاع ذكرياته لأنها آخر ما بقى له".

ومن هنا يؤكد الشاعر المصري الكبير فاروق جويدة أهمية الاحتفال بعيد الحب معتبرا أن "السبب في الكوارث التي تحيط بنا أن الحب سافر من دنيا البشر"، ومنوها بأن "الحب هو الذي منح الحياة جلالها منذ بدء الخليقة".

ومن الواضح أن أسئلة الحب تثير الجدل حقا مع ظواهر تتوالى وبعضها ينطوي على تساؤلات ثقافية قلقة حيال واقع حافل بالمتغيرات التي طالت مفهوم الحب ذاته، وفي المقابل فالحب من منظور ثقافي متفائل له أن يتحالف مع الإبداع ويبتكر أجنحة تتجاوز الأفق التقليدي لتحقق كل الأحلام النبيلة للإنسان في العصر الرقمي وتتحول الحروف لشذى ياسمين وضمائم فل وندى وومضات صدق!.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك