حرب غزة: أطفالي خائفون بينما تفتش الكلاب عن طعامها في المقابر القريبة في رفح - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 5:37 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حرب غزة: أطفالي خائفون بينما تفتش الكلاب عن طعامها في المقابر القريبة في رفح

بي بي سي
نشر في: الإثنين 6 مايو 2024 - 8:11 ص | آخر تحديث: الإثنين 6 مايو 2024 - 8:11 ص

"عندما يسمع الأطفال أصوات الكلاب خارج خيمتنا البلاستيكية يتمسكون بي خوفا".
هكذا وصفت رحاب أبو دقة شعور أطفالها السبعة، فهي تمثل أخر مصدر للأمن بالنسبة لهم، بعد أن عانى هؤلاء الأطفال وأمهم مما لا يمكن لأحد تخيله.
هل يمكن أن يتخيل أحد ماهو شعور الأطفال عندما يعرفون أن هناك حيوانا يسحب جثة ما من القبر غير البعيد ليأكلها؟
قاموس كلمات الطفولة لا يكفي لوصف الآلام المرعبة هنا في رفح وفي مقبرتها التي خصصت على عجل لمواراة الجثث.

لذا عندما تستخدم رحاب لفظ مرعب فيجب أن تعلموا أنه لفظ دقيق، فقد شاهد الأطفال في المخيم هنا، الحيوانات وهي تأكل جثث القتلى، وهو أمر مرعب بالطبع.
الأطفال الذين كانوا يعيشون في منزل مع عائلتهم ويذهبون للمدرسة، أصبحوا الآن لاجئين يعيشون في مخيم يعج بالموت.
تقول رحاب: "هذا الصباح كانت الكلاب تبجث عما تأكل قرب خيمتنا وأخرجوا جثة من المقبرة وكانوا يأكلونها، ومن المساء حتى بزوغ الفجر لم تتركنا الكلاب ننام بسبب الرعب الذي كنا نعانيه".

الكلاب جاءت بالعشرات، كلاب منزلية مات أصحابها واختلطت بالكلاب الضالة، وشكلت قطعانا تبحث عما تأكل، وبما أن المقبرة في رفح تحوي الكثير من الجثث التي دفنت على عجل وبشكل سطحي، يدفن الناس أقاربهم بشكل سريع ومؤقت حتى يعودوا لديارهم بعد الحرب ويقومون بنقل جثامين أقاربهم للدفن بشكل مناسب.
وتشعر رحاب بالتعب والإرهاق دوما وتغطي أنفها وفمها بكمامة لتخفيف رائحة الجثث المتحللة، وتطري على عدد من الشباب الذين "جاؤوا قبل ساعات لحمل جثة قريبة"، وإعادة دفنها في المقبرة مرة أخرى.
وتضيف: "لا أقبل أن أعيش أنا أو أطفالي قرب مقبرة كهذه، طفلي في العام الدراسي الثالث، وبدلا من أن يقوم باللعب يقوم برسم مقبرة وجثة قربها، هؤلاء هم أطفال الفلسطينيين، تعساء وحتى الكلمة لا تعبر عن حالهم".
وقد أصبحت المقبرة في رفح وهي واحدة من عدة مقابر في قطاع غزة، مأوى للنازحين من مختلف أنحاء القطاع، بعدما فقدوا منازلهم وفروا من قراهم بسبب الحرب، وبالتالي تكدس أكثر من 1.4 مليون شخص في رفح، وهو خمس أضعاف عدد سكانها قبل الحرب.
ويعني ذلك أن كثافة السكان في المدينة حاليا تبلغ أكثر من 22 ألف شخص لكل كيلومتر مربع، وهي كثافة عالية جدا وتساعد على تفشي الأمراض المعدية، وتساعد أيضا على انتشار الجوع بسبب نقص الإمدادات الغذائية.
لكن رفح هي النقطة الأخيرة لسكان القطاع حيث يصطدمون بعدها بالحدود المصرية، والتي تبقى مغلقة أمام غالبية الناس.
وتقول رحاب إنها فرت ثلاث مرات خلال الحرب الجارية، وربما تضطر للفرار مرة رابعة لو أقدم الجيش الإسرائيلي على اجتياح رفح.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن العملية العسكرية في رفح ستستمر، "بغض النظر عن وجود وقف لإطلاق النار" مشيرا إلى وجود أربع كتائب عسكرية تابعة لحماس في المدينة، وهو الأمر الذي تنكره الحركة، مشيرة إلى أنه لا يمكن أن توافق على أي وقف لإطلاق النار دون الاتفاق على إنهاء الحرب شكل تام.
وفي الوقت نفسه يحذر المتشددون في الحكومة الائتلافية نتنياهو من مغبة قبوله بأي حلول وسط، وعلى رأس هؤلاء وزير المالية المتطرف بتسلائيل سموتريتش، الذي يطالب "بتدمير كامل" في رفح ويرفض ما يسميه "بنصف المطلوب".
ويقول ريك بيبركورن، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، والذي وصل رفح مؤخرا "أين يمكن أن يذهب اللاجؤون"؟

ويضيف: "لدينا أزمة بالفعل في الناحية الصحية فالمياه غير نظيفة وذلك إضافة لأزمة نقص الغذاء، إنها كارثة إنسانية، كارثة فوق أخرى، فماذا نتوقع سوى معدل مرتفع من الوفيات وسيزيد في حال وقوع توغل عسكري، المزيد من الوفيات والمزيد من الأمراض".
وعمل بيبركورن في أفغانستان 7 سنوات مع الأمم المتحدة، وليس شخصية يسهل استفزازها أو إفزاعها، لكن عندما التقيته في القدس، كان يبدو متعبا، التعب الذي يعانيه رجل يستيقظ كل يوم على أزمة أو مشكلة تنذر بالتصاعد.
وتستعد المنظمة بالفعل بتدشين مزيد من المستشفيات الميدانية لمساعدة الناس، لكن ماذا سيحدث لأصحاب الحالات المرضية الخطيرة؟، فهناك أكثر من 700 مريض بأمراض الكلى الذين يحتاجون الغسيل الكلوي بشكل منتظم، وهم الآن مهددون بالموت بسبب الموقف الراهن.
ويقول بيبركورن: "لو نظرنا للجانب الصحي، فهو مشلول تماما وسيؤدي التوغل إلى أن نفقد ثلاث مستشفيات إضافية، وستتعرض للتدمير بشكل كلي أو جزئي بحيث تصبح خارج نطاق الخدمة، لذا نجهز خطة بديلة عبر المستشفيات الميدانية".

وثقت بي بي سي أدلة تثبت الأوضاع المتددهورة في المستشفيات، من خلال المقاطع التي كانوا يصورونها يوما بعد يوم خلال الحرب، وفي المستشفى الأوروبي في رفح توجد عائلات تقيم في خيم ينصبوها في أي مكان، ويجهزون الطعام بأي شكل، بينما يلعب الأطفال في ممرات المستشفى، بجوار أسرة المصابين.
وفي وحدة الطواريء، يبكي ياسين البالغ من العمر 11 عاما في سريره بعدما فقد قدميه، إثر إصابته في غارة جوية، وقال أحد أقاربه: "إنه يعيش على المسكنات".

وبالعودة إلى مقبرة رفح، حيث تراقب رحاب أبو دقة، أطفالها يلعبون على بعد أمتار قليلة من القبور، الكلاب اختفت لفترة من الزمن، ويدأ الأطفال باللعب بالقرب من أمهم، لكن سرعان ما ستتبدل الأمور وتعود الكلاب لتبحث عن طعامها.
هنا في رفح لا يوجد حديث عن أمل، فالأمل يرحل سريعا بحسب الظروف، ويمكن أن يختفي في لحظة مع مقتل صديق أو قريب، ويمكن ان يختفي نهائياً بينما تُجبر العائلات على النزوح من مكان لآخر، ولا توجد كلمات حينها لوصف معاناة الأطفال.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك