«مبارك».. المتهم الأول فى «تشريد الفلاحين» و«تجريف الأراضى» - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 9:12 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«مبارك».. المتهم الأول فى «تشريد الفلاحين» و«تجريف الأراضى»

كتب ــ هيثم خيرى:
نشر في: الخميس 4 ديسمبر 2014 - 10:59 ص | آخر تحديث: الخميس 4 ديسمبر 2014 - 11:20 ص

فقدان 700 ألف فدان خلال 20 عامًا.. وتحويل أصحاب الأراضى إلى أُجراء

المبيدات المسرطنة أم الجرائم فى حق البشر والزرع

فى محكمة الشعب، تتحول شوارع مصر إلى قاعات للقضاء والقصاص العادل، وأمامها يقف الرئيس المخلوع حسنى مبارك، لكنه لن ينتظر حكما على ما ارتكبه من جرائم فى حق المصريين، على مدار 30 عاما، فالحكم صدر سلفا، والقضاة هم كل فلاح تشرد من أرضه بعدما حولته «دولة مبارك» إلى أجير فيها، وكل مريض توفى لأنه لم يجد ثمنا للعلاج، وكل شاب غرق فى البحر عندما حاول الهرب من جحيم البطالة.. هذه هى المحاكمة التى يستحقها النظام الأسبق، قانونها مكتوب على وجوه الشعب.

«الشروق» حاولت رسم صورة لأحوال الفلاحين والزراعة المصرية على مدار 30 عاما تحت حكم مبارك، لتكشف عمليات الإعدام البطيئة، عمليا ومعنويا ضد الأراضى والفلاحين والمستهلكين، ورغم أن 90% من التصنيع الزراعى يقع على عاتق الفلاح، مقابل 10% فقط على الآلات والمصانع، إلا أن الفلاحين ظلوا الحلقة الأفقر فى حلقات الأرباح التجارية التى تجنيها السوق من الأغذية الزراعية، وفى مقدمتهم التجار، والوسطاء، والجهات الحكومية، والعمال غير الزراعيين، نتيجة القرارات السلبية لمبارك ضدهم، والتى جاء معظمها فى فترة التسعينيات.

تحويل الفلاح إلى أجير

فى عام 1992 طردت الحكومة آلاف الأسر من الأراضى الزراعية التى انتفعوا منها بموجب قانون الإصلاح الزراعى، الذى أصدرته ثورة 23 يوليو 1952، ولم توفر الحكومة للمطرودين بدائل أو أراضى جديدة لزراعتها، عوضا عن أراضيهم القديمة، وبعد 6 سنوات، أغلقت وزارة الزراعة باب تقدم المتضررين من قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، رقم 96 لسنة 1992، للحصول على أراض بديلة، ومنذ هذا التاريخ حتى الآن لم يصل إلى الفلاحين أى رد من الوزارة على مطالبهم.

ويظهر من تتبع إجراءات الحكومة خلال فترة حكم مبارك أنها لم تنجح فى تعويض مستأجرى الأراضى المتضررين من قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، الذى غير طبيعة العلاقة بين مستأجرى أراضى الإقطاع، التى وزعها الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر على 900 ألف فلاح وأسرهم، بموجب قانون الإصلاح الزراعى، الذى كان يقضى بألا يزيد الحد الأقصى لملكيات الأراضى على 50 فدانا، حيث تم إقراره بصورة تدريجية، وكان يقضى بتوزيع أراضى «الإقطاعيين» على العمال الزراعيين الأجراء.

ويقضى القانون رقم 96 بعدم السماح لمن يملك أكثر من خمسة أفدنة باستئجار الأرض، وتضمن أنه خلال الفترة الانتقالية للتطبيق من 1992 إلى 1997 يتم رفع الإيجار إلى 22 مثل الضريبة، أى من 200 إلى 500 جنيه، وفى نهاية السنوات الخمس تنتهى عقود الإيجار، وتعود الأراضى إلى الملاك، الذين يصبح من حقهم التصرف فيها بحرية مطلقة.

قروض بنك التسليف

منذ التسعينيات، حصل المزارعون على قروض من بنك التنمية والائتمان الزراعى بضمان الأراضى الخاصة بهم، والمستهدف استصلاحها فى المناطق الصحراوية فى الوادى الجديد، وأراضى الدلتا، وواجه مئات المزارعين مشاكل فى سداد ديونهم لدى البنك، بسبب التوقف عن الزراعة، أو تعطل ماكينات رفع المياه، أو الجفاف التام، إلا أن السبب الأهم هو عدم وجود مراكز تسويق فى المحافظة، أو وجود فساد فى البنك، لم تتعقبه الحكومات ولا الرئاسة، حيث تضخم أصل القرض بموجب ما يسميه البنك «القروض الدوارة».

ووفقا لتقرير صدر عن مركز الأرض لحقوق الإنسان، فإن إجراءات البنك تجعل أصل القرض الذى يبلغ عشرة آلاف جنيه يصل إلى أكثر من 50 ألفا، بسبب الفوائد المرتفعة والغرامات والقروض الدوارة، كما أن انتشار الفساد والرشوة فى فروع البنك يجهض أحلام مئات الآلاف من الفلاحين فى السداد، ووقف الملاحقة البوليسية، بحسب التقرير.

تآكل الأراضى

يكشف تقرير صادر عن هيئة الاستشعار من بعد، أن استخدام تقنيات الاستشعار من بعد، ومراقبة الأراضى الزراعية بالأقمار الصناعية، يبين أن مصر فقدت أكثر من 700 ألف فدان أراض زراعية خلال الـ20 سنة الماضية، حتى عام 2010، بمعدل يتجاوز الـ30 ألف فدان سنويا، بسبب زيادات معدلات البناء على الأراضى الزراعية فى الدلتا والوادى.

وزادت معدلات نهب الأراضى الزراعية والبناء عليها وتجريفها بصورة غير مسبوقة، بدءا من 25 يناير 2011، وحالة الانفلات الأمنى التى أعقبت الثورة، حيث تشير إدارة حماية أراضى الدولة التابعة لوزارة الزراعة فى تقاريرها الشهرية، الخاصة برصد التعديات على الأراضى، إلى «25 يناير» باعتباره بداية «عداد» فقدان الأراضى.

المبيدات المسرطنة.. انهيار أكباد الفلاحين

قضية المبيدات المسرطنة هى القضية الأشهر التى تقدم بها نائب مجلس الشعب آنذاك، مصطفى بكرى، يتهم وزير الزراعة الأسبق، يوسف والى، بالسماح بدخول مبيدات مسرطنة للبلاد، بضغط من رجال أعمال يرتبطون بمصالح مباشرة برجال الوزارة وفى مقدمتهم يوسف عبدالرحمن، وكيل وزارة الزراعة، حيث خرقت الوزارة القرار رقم 874 لسنة 96 الذى يضع محاذير على استيراد وتداول المبيدات من الخارج، وتلاعب رجال الوزارة فى القرار وسمحوا بدخول كميات كبيرة من المبيدات التى ثبت خطورتها وكونها «مسرطنة» بمعرفة لجان حكومية قامت بتحليل المبيدات ومعرفة مخاطرها وأضرارها على الصحة العامة والمستهلكين. وفى عام 2010 أصدرت محكمة الجنايات حكما بسجن يوسف عبدالرحمن 10 سنوات، وعزله من منصبه.

وفى مطلع عام 2012 تبنت نقابة الفلاحين رفع دعوى قضائية ضد يوسف والى وكل المسئولين الذين سمحوا بدخول مبيدات مسرطنة خلال عام 2000، وضد الرئيس المخلوع حسنى مبارك بصفته المسئول السياسى عن تفشى أمراض السرطان والفشل الكلوى بين الفلاحين، ما تسبب بحسب النقابة فى تفشى أمراض الفشل الكلوى والكبدى بين الفلاحين بنسبة تقترب من الـ 70% من إجمالى المصابين بالمرض، وسرطنة الأغذية والخضراوات والفواكه، لكن أحدا من قيادات النقابة لم يستكمل إجراءات الدعوى القضائية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك