عالمان من «ناسا» لـ«الشروق»: تأكدنا من وجود ثروات على سطح القمر يمكن استغلالها اقتصاديًا

آخر تحديث: الجمعة 19 أكتوبر 2018 - 10:43 م بتوقيت القاهرة

حوارــ أحمد عبدالحكيم:


• مدير وحدة الـ«جى بى إس» فى الوكالة: وكالة الفضاء الأمريكية ليست طرفًا فى أى «حروب فضاء» بين القوى الكبرى وعلاقاتها مع الوكالات المناظرة فى الصين وروسيا تتجاوز أى خلافات سياسية أو اقتصادية
• ميزانية ناسا 200 مليار دولار وهذا مبلغ صغير بالنسبة لحجم عملنا وأبحاثنا.. والرحلات المدنية والتجارية إلى الفضاء «مثيرة للغاية»
• هناك باحثون وعلماء فى مصر يقومون بأبحاث وأنشطة مهمة للغاية.. ونظام «جى بى إس» ليس لـ«التجسس» على الحكومات والدول
• مديرة قسم الإنقاذ والاستغاثة: نظام «جى بى إس» قادر على خدمة أهداف التنمية فى مصر وراغبون فى نقل التكنولوجيا والتعاون مع الأكاديميين والباحثين المصريين

أكد عالمان من وكالة الفضاء والطيران الأمريكية «ناسا» اكتشاف موارد معدنية ومياه على سطح القمر يمكن استغلالها اقتصاديا من خلال التعاون الدولى بين الدول والمؤسسات المعنية برحلات الفضاء، ونفى العالمان أن تكون الوكالة جزءا من حروب الفضاء التى تسعى إليها الدول الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة والصين وروسيا، للسيطرة على الفضاء.

وقال العالمان، وهما جيمس ميلر نائب مدير وحدة الاتصالات الإستراتيجية بالوكالة، والقائم على برامج تحديد المواقع (جى بى إس) بالوكالة، وليزا مازوكا، مدير وحدة الإنقاذ والاستغاثة بـ«ناسا»، فى حديث لـ«الشروق»، خلال زيارتهما إلى القاهرة، إن علماء «ناسا» لديهم علاقات قوية مع نظرائهم فى الوكالات الاوروبية والصينية والروسية».

وأضاف العالمان أن هدف الوكالة الأمريكية الرئيسى هو «خدمة المجتمع» وتحسين جودة الحياة للإنسان عبر الاستمرار فى أبحاثهم ودعم الوكالات المحلية والوطنية حول العالم، معربين عن تطلعاتهم لزيادة التعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المصرية فى هذا الشأن لخدمة أهداف التنمية والحفاظ على الموارد الطبيعية.

ونفى ميلر أن تكون «ناسا» ضمن المؤسسات الأمريكية التى ينوى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، انخراطها فى «حروب الفضاء»، ردا على التنافس القائم مع الصين وروسيا فى هذا الشأن، وقال ميلر، إن «ناسا» هى وكالة فضاء مدنية، ينصب تركيزها على العلوم والتكنولوجيا التى تخدم المجتمع.

وأضاف المدير المسئول عن نظام تحديد المواقع بالأقمار الصناعية (جى بى إس) : «عندما تنظر إلى الصورة الجيوسياسية الأكبر، نجد هناك خلافات بين الولايات المتحدة وروسيا والصين فى العديد من القضايا؛ منها القضايا التجارية والسياسية والأمنية»، مشيرا إلى أنه «دورنا (الوكالة) هو مدنى بالأساس ونعمل باستمرار على خدمة الأهداف المجتمعية وأهداف التنمية».

وتابع: «السبب الذى يجعلنا متحمسين للغاية للعمل فى ناسا أنها تجمع الناس بدلا من أن تفرقهم»، ودلل على ذلك بالتعاون الإيجابى مع نظرائه الروس، قائلا: «نذهب إلى اجتماع تابع للأمم المتحدة فى (شيان) بالصين، ونتحدث مع زملائنا الروس وهذا يعد مثالا رائعا على وجود تواصل وانخراط دبولماسى إيجابى بدلا من التركيز على الخلافات، التى نتركها إلى الوكالات الحكومية الأخرى لتخوض فيها».

من جانبها، دللت مازوكا، على مثل آخر، قائلة «فى مشروعى، أنا أقود مكتب البحث والإنقاذ فى ناسا، وهذا المشروع عمره الآن 40 عاما وتم العمل عليه فى ذروة الحرب الباردة، بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة، حيث تعاونا مع نظرائنا الروس خلال الحرب الباردة فى بعض المشروعات والأبحاث، انطلاقا من أن عملنا يفوق الخلافات السياسية، وتمكنا من تكوين شراكات قوية مع روسيا وعملنا معا لضمان أن يكون لدينا فريق دولى يقوم بجهود البحث والإنقاذ»، معتبرة أن «المنافسة الودية أمر جيد دائما، لأنها تحفز النمو فى كل الجوانب».

وحول الدور الذى تلعبه «ناسا» فى إثراء الاقتصاد والمجتمع العلمى الأمريكى بشكل عام، قال ميلر إن «ميزانية ناسا مرتبطة بالميزانية العامة، هى ميزانية صغيرة 200 مليار دولار فى السنة، ولكن بالنظر إلى التأثير المجتمعى لكل التكنولوجيا التى تنتج عن الاكتشافات البشرية والعلوم فالأمر فى الحقيقة عميق للغاية».

وأوضح ميلر، أنه «فى الذكرى الستين لناسا (أسست 1958) نشعر الآن بالإثارة لأننا نمضى قدما فى إرسال رائدى الفضاء مرة أخرى إلى الفضاء عبر صواريخ مصنوعة فى أمريكا، كما نعمل حاليا مع شركائنا الروس لنقل رواد الفضاء الأمريكيين إلى محطة الفضاء الدولية. ولدينا جدول زمنى محدد للعودة مرة أخرى إلى الفضاء البعيد، يبدأ بحلول 2020، حيث سنجرى تحليق بجانب القمر»، موضحا أن ذلك يمهد الطريق أمام إرسال رواد الفضاء مرة أخرى عبر القمر عن طريق التحليق عام 2023. وتابع: «سنشرع عام 2022 فى بناء أول عنصر فى محطة الفضاء الجديدة، المعروف بـ«gate way» (البوابة) «Lunar orbiting gate way» (بوابة الدوران حول القمر)، وسنطلق عنصر (power and proportion element) المعروف بـ«PPE» «(القوة والنسبة)».


وبشأن صدى الأبحاث الفضائية لـ«ناسا» وفائدتها لمجتمعاتنا، قال ميلر: «ظللنا لوقت طويل بعيدين عن الاكتشاف الحقيقى للقمر، والآن ندرك أن هناك على القمر ماء وثلوجا والعديد من المعادن، التى يمكن الاستفادة منها واستغلالها اقتصاديا وهو ما يتطلب شراكة دولية وتعاونا كبيرا، كما أن هناك جهودا حثيثة للعودة إلى هناك من أجل كل العلوم التى يمكن تحصيلها».


وبشأن مستقبل الرحلات المدنية والتجارية إلى الفضاء، ذكر ضيفا «ناسا» خلال زيارتهما إلى القاهرة، أنه أمر «مثير للغاية»، وقال ميلر: «بصراحة، كنت متشككا قليلا، بحكم عملى فى ناسا، ومنذ 8 أعوام عندما بدأوا بالفعل تحفيز، قطاع الإعلانات التجارية الخاص بالفضاء، وهو أمر استثنائى وصحى للغاية»، وأوضح أن «سبيس اكس» اختارت أول شخص يذهب (فى رحلة إلى الفضاء) وهو ملياردير يابانى، وهذا أمر مثير ويظهر حجم التعاون الدولى بغض النظر عن الجنسية، حيث ستقوم شركة أمريكية بإرسال الملياردير اليابانى إلى الفضاء.

 

وبشأن زيارتهما لمصر، ذكر العالمان: إنه «كجزء من نشاط إدارة نظام تحديد المواقع (جى بى إس) هناك تقارير تصل إلينا عن عملها وعلينا الاستماع جيدا إلى مستخدمينا ونحن نعمل مع الجمعية العربية للملاحة ورئيسها الدكتور رفعت رشاد وهو شىء ذو قيمة بالنسبة لنا ان نعرف وجهه النظر المصرية لمعرفة ماذا نستطيع أن نقدم لخدمة هذه المنطقة، وما الذى تحتاجه مصر لاستخدام نظام تحديد المواقع فى مجال الزراعة وإدارة المياه، وضمان تبادل المعلومات بين البلدين وتعزير العلاقات المشتركة».

وقال عالما «ناسا» إنه من المهم للغاية لتعزيز التعاون مع الجانب المصرى فى الأبحاث العلمية وكيفية خدمة أهداف التنمية فى مصر، معتبرين أن سبب زيارتهم للقاهرة الرئيسى هو ذلك الأمر، وأضافا بشأن شكل التعاون مع الجانب المصرى لا سيما الباحثين والأكاديميين فى علوم الفضاء «نرى إن كان هناك بحث خاص يمكننا استكماله، أو مواصلة التعاون بشأنه، وهناك موضوع هام وهو المناخ الفضائى وهو ما يجب ان نتحدث عنه فهو جزء من نظام الطاقة، لذلك فإن نظام تحديد المواقع يمكن أن يكون العمود فى هذا الشأن». وتابعا: «هناك باحثون وعلماء فى مصر يقومون بأبحاث وأنشطة مهمة للغاية والمناخ الفضائى هو أحد تلك الامثلة. وهى كلها موضوعات تهتم بها ناسا كثيرا».

وحول التخوفات بشأن أن يكون الـ«جى بى إس» يخدم أهداف الحروب السيبرانية والتحكم فى دول العالم، ذكر ضيفا «ناسا» «أن نظام الجى بى إس هو نموذج واضح للغاية لنوع من التكنولوجيا التى يمكن استخدامها دون أية أموال مسبقة للدفع، فهى خدمة مجانية بالكامل. وكل شخص يمكنه الاستفادة منه دون دفع مسبق لها»، كما أنه لا يعتمد صيغة التنصت فى عمله، هو فقط لتحديد المواقع ولخدمة أغراض التنمية كدعم قطاع المواصلات واستكشاف مواقع الموارد، وتنميتها».


وأضافا، «نموذج (جى بى إس) مهم جدا لما يجب ان تكون عليه التكنولوجيا بشكل عام من حيث الاتاحة للجميع والاستخدام من قبل الجميع دون قيود. لذلك فخدماته مفتوحة بعكس الأنظمة الأخرى التى من الممكن أن تكون أكثر تقيدا كنظام تحديد المواقع الروسى. والذى عليه بعض القيود وموضوع تحت السيطرة قليلا من قبل السلطات الروسية»، على حد وصفهم.

وذكر ميلر، إن زملاءه فى «ناسا» دائما ما يتحدثون مع نظرائهم فى وكالة الفضاء الروسية، بشأن ضرورة أن يجعلوا نظامهم لتحديد المواقع أكثر إتاحة للجمهور دون وضع قيود على استخدامه. ويتمتعون بمزيد من الشفافية والإتاحة. كما تفعل الولايات المتحدة».

بدورها ذكرت مازوكا: «لنكن واضحين بهذا الخصوص فإن نظام تحديد المواقع ليس نظاما للتجسس على الأنشطة أو الأفراد أو على أى شىء هو فقط لنقل الإشارات للمجتمعات لتكون أكثر كفاءة فى استخدام التكنولوجيا». مضيفة أنه «على المجتمعات أن تعظم من فوائد مثل تلك الاستخدامات».

وحول توقعاتهما لمستقبل أبحاث الفضاء ومجالاته فى مصر، وما تعتزم ناسا تقديمه للدفع قدما بهذا القطاع، ذكر ضيفا «ناسا»، «نأمل فى تعظيم وتقوية التعاون القائم بيننا وبين الحكومة المصرية، وقابلنا العديد من الباحثين المصريين، ورأينا أنهم يحتاجون إلى مزيد من الدعم والمعلومات بشأن ما يقومون به، ومن أبرز النتائج التى وصلنا إليها من زيارة مصر هو اللقاء المباشر مع الباحثين والمتخصصين فى مصر وجها لوجه وتبادل وجهات النظر لبناء علاقات أقوى بين البلدين»، معتبرين أن «بناء العلاقات المباشرة فى هذا المجال بين أفراده وعناصره هو مهم جدا لتقوية العلاقات بين الجانبين».

وأشاد ضيفا «ناسا» بشغف وحب الباحثين المصريين للعلم والتعلم، قائلين «ما رأيناه خلال زيارتنا لمصر جعلنا نشعر بشعور جيد للغاية، فمصر تمتلئ بشباب لديهم شغف للتعلم، وأهم شىء هو أن لديهم الفرصة». وأضافا: «نرى مصر الآن تنمو فى المجتمع الدولى».

وقال ميلر «أنا شخص غير تقليدى، أنا طيار، ودرست فى الواقع العلاقات الدولية والعلوم السياسية، النقطة التى أحاول توضيحها هى، أنه بغض النظر عما قررت دراسته، يمكنك الالتحاق بناسا». وأضاف: «تأتينى الكثير من الرسائل من الطلبة حول كيف يمكن أن نعمل فى ناسا، أو فى وكالة فضاء مصرية أو فى منظمة علمية مصرية ونحن لسنا مهندسين»، والإجابة هى «يوجد مكان من أجلك» فقط يجب أن يكون لديك الشغف والاستعداد لتكوين نفسك وتعزيز قدراتك عن طريق الانخراط فى برامج التدريب أو برامج أخرى لتحقيق أهدافك».

وذكر «ميلر» أن «لناسا برامج تدريب كل صيف فى الأغلب تكون من أجل الطلبة والخريجين، وهناك برامج تسمح بزيارات لباحثين، وعلى سبيل المثال، هناك مختبر الدفع النفاث فى ناسا والذى يدار بواسطة معهد كاليفورنيا للتقنية، غالبا لديه زيارات من باحثين، وهو يعد أحد البرامج التى على الأرجح».

من جانبها، لفتت مازوكا، إلى أن هناك أيضا طرقا غير مباشرة للعمل مع ناسا، حيث هناك مرصد هابل الفضائى (تلسكوب هابل الفضائى) Hubble Space Telescope) يوجد به معهد كامل والتى تضم جامعات دولية، يمكن الالتحاق من خلالها. موضحة أن ذلك يسمح لباحثين دوليين على مستوى الدكتوراه أن يأتوا إلى ناسا ويعملوا أبحاث ويتعلموا فيها ويستفيدوا من التكنولوجيا المتاحة فيها ويستفيدوا بشكل مباشر من خبراتها. مشددة فى ذلك على ضرورة توسيع حدود الفكر والحركة وأنه «أمر هام للغاية».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved