«التعليم المنزلى».. ملجأ الأهالى اليائسين من إصلاح المنظومة

آخر تحديث: الإثنين 12 مارس 2018 - 8:27 م بتوقيت القاهرة

تحقيق ــ نسمة فارس:

• سالى: المدرسة جعلت ابنى يتمنى الموت.. والتعليم الموازى أعاده للحياة
• آيات: مناهج المدارس «حشو».. و«التعليم المنزلى» لا يجعل الطالب انطوائيا
• الكاشف: بعض الأطفال تمكن من العمل بعد دراسة «البرمجة والتكنولوجيا»
• خيرى: الوزارة رفضت الفكرة فى وقت سابق بشكل قاطع
• خبيرة: تطبيق التجربة قد يخلق «جزرا منعزلة» فى المجتمع


بدأ أولياء الأمور فى اتخاذ خطوات جديدة من أجل مواجهة سوء حالة التعليم النظامى فى ظل عدم نجاح الوزراء المتعاقبين على مواجهة المشكلات التى يعانى منها التعليم، مستعينين ببعض التجارب التى طبقت فى بعض الدول ولاقت نجاحا كبيرا من بينها، «التعليم المنزلى»، مؤكدين أن التجربة التى أقدموا عليها أثبتت نجاحها.

 

من جانبها، قالت سالى إسامة والدة الطفل مازن: «بعد ثلاث سنوات قضاها طفلى فى إحدى المدارس النظامية لاحظت أنه تحول إلى طفل غير مبادر، يفتقر إلى الشجاعة، ولا رغبة له سوى فى (الموت)، وبعد إصابة نجلى بأعراض نفسية شديدة، حيث أصبح يبكى بشكل هستيرى لأسباب تافهة، وامتلأت رسوماته بالدم والسكاكين كما كان يرسم نفسه مقتولا، بجانب إصابته بأوجاع شديدة فى البطن والقىء المستمر، قررت الاستغناء عن المدرسة واتباع نظام التعليم المنزلى home schooling».

 

وتابعت: «كل تلك الأعراض والتى شاركه فيها عدد كبير من أصدقائه بالمدرسة، السبب فيها المنظومة التعليمية التى تضع الطفل من وجه نظرى فى ضغط رهيب بما يتنافى مع قانون الطفل المصرى وكل كتب التربية والمناهج التى تعلمتها خلال دراستها بكلية رياض الأطفال»، مضيفة: «ابنى ليس الحالة الوحيدة وأنما تعرض زملاؤه فى الفصل لنفس الأعراض، وخلال عملى بعد حصولى على دبلومة الإرشاد النفسى قابلت طفلة أصيبت بانهيار عصبى وأصيب آخر باكتئاب، وأصيبت ثالثة بمرض الثعلبة وأكد الطبيب على أن السبب نفسى».

 

وأكملت: «قررت ألا أرسل طفلى للمدرسة وبدأت تعليمه منزليا، معتمدة على شرح مناهج التعليم بطرق ألطف غير معتمدة على الحفظ والكتابة، علاوة على اللجوء لمناهج دولية أخرى كمناهج سنغافورة وغيرها، فضلا عن مساحات التعليم الذاتى التى بدأت فى الانتشار على الإنترنت ويتردد عليها مجموعات الأمهات والآباء المعلمين منزليا».

 

وأوضحت سالى أن التعليم المنزلى يمكنها من رؤية رد الفعل بشكل فورى، مشيرة إلى تحسن نفسية نجلها، وزيادة ثقته بنفسه، إضافة إلى تطور قدراته على حل المشكلات والتفكير فى حلول كثيرة واعتماده على نفسه واكتشاف شغفه بالتمثيل، قائلة: «بدأنا نكتب ونقرأ وعرفنا أن العالم والعلم أكبر وأوسع من كتاب المدرسة فأصبح يطلب موسوعات وكتب علمية عن أشياء يحتاج أن يعرف عنها أكثر، كالعلوم والانعكاس الضوئى والفوران، وكيف يعمل القلب، وأجزاء المخ والمجموعة الشمسية والكواكب وطبقات الأرض بالرغم من أنه لم يتجاوز السادسة والنصف بعد».

 

وأردفت: «للتعليم المنزلى ثلاثة أشكال إما الاستغناء نهائيا عن المدرسة ويتم إجراء امتحان للطالب قبل الجامعة امتحانات كالثانوية الأمريكية أو الـ«IG» كما هو متبع فى كثير من بلدان العالم المتقدمة، ولكن فى تلك الحالة سنكون مجبرين على إلحاقه بجامعة أجنبية لأن قانون التعليم المصرى لا يسمح بذلك، أو ما تفعله معظم الزسر وهو التحايل على الوضع القائم بتسجيل الطفل فى إحدى المدارس وتغيبه عن الدراسة بأى أعذار والاكتفاء بحضور الامتحانات فى نهاية العام الدراسى».

 

وكشفت سالى عن محاولتها إلى جانب بعض أعضاء مجموعات التعليم المنزلى كتابة بيان وتسليمه لوزير التعليم طارق شوقى، لإعفاء أبنائهم من الحضور والاكتفاء بالامتحانات لتقنين أوضاعهم، إلا أن كثيرا من الآباء تخوفوا بسبب تعرض مدارسهم لكثير من المشكلات.

 

ومن مازن إلى حالة التوءم «حمزة ويحيى» ثلاث سنوات ونصف، حيث قررت أسرتهم الاستمرار فى تعليمهما منزليا، إذ أن وجودهما فى المملكة العربية السعودية قد يجعلهما يستفيدون من نظام امتحانات «أبناؤنا فى الخارج» الذى لا يشترط وجود الطفل فى المدرسة، عليه فقط الخضوع للامتحانات بالسفارة المصرية آخر العام.
وأوضحت والدة الطفلين آيات تليم، أنها قررت ترك عملها مدرسة بمركز اللغات والترجمة، والاتجاه إلى الحصول على دبلومة «مونتيسورى» لتصبح مدربة، مشيرة إلى أن التعليم النظامى يعتبر «حشوا» وينساه الطفل فور خروجه من قاعة الامتحان.

 

وقالت آيات: «أطبق منهج المنتسورى على طفليا منذ عامين بجانب مدرسة التربية الإيجابية، فلكل طفل الحق فى اتباع شغفه، ودورى فقط هو المساعدة على التوسع أكثر فى موضوع طفلها المحبب ومراقبة مدى تطوره العام»، مشيرة إلى أنها كونت إلى جانب عدد من أمهات الجالية المصرية فى السعودية، مجموعة أمهات التعليم المنزلى، مضيفة: «نتقابل ثلاث مرات أسبوعيا فى منزل إحداهن لممارسة الأنشطة المختلفة مع الاطفال، إلى جانب كورسات اللغات».

 

وأردفت: «وفقا لمنهج المنتسورى يدرس حمزة ويحيى بعد اللغات والرياضيات ومواد ثقافية وحياة عملية وأدوات حسية»، مؤكدة أنها تتمنى أن تستمر فى تعليم أبنائها منزليا.

 

وبشأن الاتهام الموجه للتعليم المنزلى بأنه يخلق أطفالا انطوائيين، قالت: «الربط بين الانطوائية والاجتماعية بالمدرسة أمر خاطئ، والأمر يعتمد على الوالدين أكثر، والأطفال المتعلمين منزليا يختلطون بشرائح كثيرة من المجتمع خلال جلسات تحفيظ القرآن والكورسات والورش والأنشطة المختلفة.

 

من جانبه، يرى الدكتور صلاح الكاشف صاحب تجربة مدرسة الـ3 ساعات، والتى تعتمد على المعايير الأمريكية فى التدريس، أن تطبيق «التعليم الموازى» الذى يلزم الطالب بالذهاب إلى المدرسة إلى جانب تعرضه لمناهج أخرى مختلفة بشكل تفاعلى «الأفضل»، مكملا: «لا حل سوى الالتزام بقوانين مصر والعمل بالتوازى مع المدرسة النظامية، وطورنا نظام التعليم عند إطلاق المدرسة المنزلية بنظام مدرسة الـ3 ساعات».

 

وطالب الكاشف باتباع نهج الدول الكبرى كاليابان وألمانيا، مشيرا إلى أن نظام التعليم الموازى يمكن الطلاب من الوصول لمراحل متقدمة من التعليم، خاصة اتقان اللغات الأجنبية، إضافة إلى دارسة البرمجة والتكنولوجيا فى سن صغير، أوصل بعد الأطفال للعمل كفرى لانسر.

 

ممن ناحيتها، قالت لبنى عفيفى، والتى أنشأت مع عدد من أولياء الأمور غير الراضين عن قدر اهتمام المدرسة بالأنشطة الفنية وقدرات وهوايات أبنائهم، مساحة للتعليم الذاتى أسموها «المجاورة» لـ«الشروق»: «إحنا مجموعة من الأهالى وجدنا أن أنشطة الأطفال محدودة ومبالغ فى أسعارها فقررنا إننا نعتمد على أنفسنا وأنشأنا هذا المكان لنتشارك خبراتنا ومواردنا».

 

وأضافت: «كل واحد عنده كتب يضعها فى المكتبة يستفيد منها الجميع، والأولاد جزء من التجربة بيختاروا نوع الكتب اللى يحبوا يجدوها فى المكتبة، ونهتم فى المجاورة بالكثير من الأنشطة كالرسم والعلوم والفلك، فكلما اهتم عدد من الاطفال بفن معين نستضيف أحد المهتمين بالفن ويجاوره الأطفال خلال ممارسته للتعلم منه.

 

من جانبه، أكد الدكتور أحمد خيرى المتحدث الرسمى لوزارة التربية والتعليم فى تصريح لـ«الشروق» أن هناك قوانين ولوائح منظمة للعملية التعليمية تقضى بضرورة حضور الطلاب للمدارس والتزامهم بالمشاركة، ويجب احترامها وغيابهم أمر مخالف للقانون، مشددا على أنه لا يجوز التحايل على القانون عبر تقديم شهادات طبية غير سليمة، وأن اللائحة لا تعترف سوى بالشهادات الصادرة عن التأمين الصحى.

 

ورفض متحدث الوزارة مطالب الأهالى بتقنين «التعليم المنزلى»، وإعفاء ابنائهم من الحضور والمتابعة فى المدارس، مشيرا إلى أن عددا من الأسر فى وقت سابق بتقديم بمقترح لتقنين التعليم المنزلى إلى رئيس قطاع التعليم، إلا أن الأخير رفضه بشكل قاطع.

 

من جهتها، رفضت الخبيرة التربوية الدكتورة بثينة عبدالرءوف بشدة تطبيق التعليم المنزلى بالرغم من اعتراف الحكومة الأمريكية به، متخوفة من أن يكون لكل مجموعة متوافقة الفكر تعليما خاصا بأبنائهم، لافتة إلى أن ذلك يخلق «جزرا منعزلة».

 

وتابعت: «الجماعات الإسلامية ستخلق تعليما خاصا بأبنائها بعيدا عن المجتمع المدنى، ما يجعلهم ينظرون لباقى شرائح المجتمع بالريبة، كذلك الجماعات المسيحية، وذوى الفكر اليسارى ما يعوق اختلاط الأطفال ومعايشتهم لبيئة مجتمعه الطبيعية»، محذرة من أن ذلك قد يؤثر على قدرة الطفل على التعامل مع مشكلات المجتمع عندما يكبر.

 

وأضافت: «المجتمع الذى يتعلم كل مجموعة فيه وفقا لأهوائها واتجاهاته مجتمع مفتت لا تتحمله ظروف مصر والآثار الاجتماعية كبيرة وعلى الطفل أن يواجه كل مشاكل المدرسة التى هى جزء من مجتمعه الكبير حتى يتمكن من التعامل معها حينما يكبر»، مردفة: «ليس لكل نظام تعليمى إثبات نجاحه فى أحد المجتمعات القدرة على النجاح فى مجتمعات أخرى فلكل مجتمع خصوصيته».

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved