بعد أن كانت تقتلهن .. قرية هندية تحتفل بميلاد الفتيات بزرع الشجر

آخر تحديث: الخميس 11 أكتوبر 2018 - 8:31 م بتوقيت القاهرة

ترجمة: هدير الحضري:

يشق شيام باليوال طريقه بين الأشجار، يزيح الفروع المتناثرة حتى يصل إلى شجرة معينة ويلف ذراعيه حول جذعها ليحتضنها ويستند برأسه إليها، ويقول: "هذه ابنتي".
في عام 2006، توفيت كيران ابنة باليوال عن عمر 16 عاماً وحينها انفطر قلبه و شعر بالحزن الشديد عليها وقرر أن يحوّل مأساته إلى ذكرى فزرع لأجلها شجرة، لم يكن يتخيل كيف يستطيع الناس في قريته قتل الفتيات وهن لا زلن أجنة في أرحام أمهاتهن حين يكتشفن أنهن إناث، وفقاً لما نشرته "الجارديان" اليوم.
كان باليوال يعرف ما يحدث في قريته "بالينتيري" الهندية، فعندما تولد طفلة يقوم أحد أفراد الأسرة بوضع حبة صلبة وخشنة داخل فمها لتصيبها بعدوى تؤدي إلى وفاتها، لكن بعدما ماتت ابنته التي كان متعلقاً بها، قرّر بصفته رئيساً للقرية أن ولادة الفتيات لن تكون سبباً للحزن والبكاء بعد الآن، وأنه سيتم الاحتفال ميلاد كل طفلة جديدة بزرع الأشجار.
منذ ذلك العام، تجتمع الأمهات الجدد كل عام حين يحل موسم هبوب الرياح ويبدأن في زرع شتلات الأشجار لأجل صغيراتهن، ومنذ ذلك التاريخ حتى الآن، تم زرع 101 شجرة لكل طفلة من أصل 65 إلى 70 طفلة تولد كل عام تقريبا .
وقال باليوال: "في عام 2005 كنا نعاني من الجفاف في القرية بشكل سيئ جدا وكانت الحكومة ترسل لنا الماء، الآن حين تنظر إلى بيلانتيري سترى أنها تحوّلت إلى سجادة خضراء بعدما تم زرع 350 ألف شجرة تقريبا وصرنا نستفيد من مياه الأمطار".
وفاة الطفلة كيران نجح في أن يصنع تغييراً بالفعل، إذ ظل أبيها يزرع الاشجار طوال العام الذي ماتت فيه ويحث القرويين على أن يفعلوا مثله لتكريم الفتيات بدلاً من قتلهن، وتكريم الأرض التي عاش ومات فيها أجدادهم، وبالفعل قاموا بتوصيل أنابيب لنقل المياه إلى شتلات الأشجار حتى تحولت القرية إلى بساط أخضر.
لم تكتفِ القرية بزراعة الأشجار فقط لتكريم الفتيات، ولكن ابتكرت تقليد بجمع التبرعات لكل فتاة تولد بمقدار 31 ألف روبية تقريباً كـ"تأمين مالي" للطفلة الجديدة حتى لا يظن الاهل أنها عبئاً مادياً عليهم، كما تعهّد سكّانها بأن يرسلن فتياتهن إلى المدارس وألا يزوجوهنّ قبل أن يبلغن السن القانونية، أي 18 عاماً.
في الوقت نفسه، تحاول حكومة ولاية راجاستان التي تنتمي إليها القرية، إلى محاربة عمليات قتل الأجنة الإناث بعد أن جاءت الإحصائية الأخيرة في عام 2011 لتعلن رقماً مخجلاً.
وقال كبير المسؤولين الطبيين في المقاطعة، بانكاج غور، إن التجربة التي صنعها باليوال ألهمت الحكومة في عام 2016 فكرة منح إعانات مادية للفتيات طيلة حياتهن، إذ أصبحت كل أسرة مبلغ 2500 روبية عند ميلاد فتاة لديها، ونفس المبلغ في عيد ميلادها الأول، وترتفع المبالغ المالية كلما كبرت الفتاة حتى يصل ما تحصل عليه عندما تنتهي من الصف الثاني عشر إلى 350 ألف روبية، ليتم التوقف عن النظر إلى الفتاة على أنها عبئاً على الأسرة يجب التخلص منه.
في النهاية، علّق باليوال: "هذه الأشجار ستصنع لنا الخلود .. بالنسبة لي كل شيئ يرتبط ببعضه، الطفلة والأشجار والماء والحيوانات والطيور".

هذا المحتوى مطبوع من موقع الشروق

Copyright © 2024 ShoroukNews. All rights reserved