تحذير علمي: سلوكيات الطفولة قد تترك أثرا نفسيا طويل الأمد في المراهقة

نشر في: الخميس 29 مايو 2025 - 2:23 م
رنا عادل

أشارت دراسة حديثة، نُشرت في دورية JAMA Network Open بتاريخ 14 فبراير الماضي، إلى أن تبنّي الأطفال لعادات صحية في سن مبكرة يمكن أن يشكّل عامل حماية قويًا ضد الإصابة بمشكلات نفسية عند الوصول إلى سن المراهقة. وقد تابعت الدراسة مجموعة من الأطفال، تتراوح أعمارهم بين 6 و9 سنوات، لمدة 8 سنوات، وركّزت على عاداتهم اليومية المتعلقة بالغذاء، والنشاط البدني، والنوم، ووقت الشاشة، وتأثيرها على صحتهم النفسية لاحقًا.

النشاط البدني يحسّن المزاج ويقلّل التوتر

من أبرز نتائج الدراسة أن الأطفال الذين اعتادوا ممارسة النشاط البدني بانتظام، سواء من خلال الرياضات المنظمة أو اللعب الحر أو ركوب الدراجات، كانوا أقل عرضة للقلق والتوتر عند بلوغهم سن 14 عامًا. وتؤكد هذه النتائج أبحاثًا سابقة تشير إلى أن الحركة المنتظمة تسهم في تحسين الحالة المزاجية من خلال تنشيط مواد كيميائية في الدماغ، مثل الإندورفين والسيروتونين.

الشاشات والنوم.. تأثير مزدوج

من ناحية أخرى، ربطت الدراسة بين قضاء وقت طويل أمام الشاشات وارتفاع معدلات القلق والحزن لدى الأطفال. فاستخدام الأجهزة الإلكترونية بشكل مفرط، خصوصًا إذا جاء على حساب النوم أو النشاط البدني، قد يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة النفسية والجسدية. لذلك، ينصح الخبراء بوضع حدود يومية لاستخدام الشاشات، خاصة في أيام الدراسة، وتشجيع الأطفال على أنشطة بديلة، مثل اللعب في الهواء الطلق أو ممارسة هوايات يدوية.

أما النوم، فقد تبيّن أنه من العوامل الأساسية المؤثرة في التوازن النفسي للأطفال. فالأطفال الذين يحصلون على نوم كافٍ ومنتظم أظهروا قدرة أفضل على التعامل مع الضغوط العاطفية، في حين أن قلة النوم أو اضطرابه كانت مرتبطة بصعوبات في تنظيم المشاعر وزيادة مستويات التوتر. وتوصي الأكاديمية الأمريكية لطب النوم بأن ينام الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة من 9 إلى 12 ساعة يوميًا، والمراهقون من 8 إلى 10 ساعات.

الغذاء المتوازن يعزّز الصحة النفسية

كذلك، أظهرت الدراسة أن النظام الغذائي يلعب دورًا مهمًا في الصحة النفسية للأطفال. فالأطفال الذين تناولوا أطعمة غنية بالفواكه، والخضروات، والحبوب الكاملة، والبروتينات الصحية، كانوا أقل عرضة للمعاناة من القلق والاكتئاب، مقارنة بمن يعتمدون على وجبات غنية بالسكريات والدهون. فالعلاقة بين الغذاء والمزاج لم تعد مجرد افتراض، بل أصبحت مدعومة بأدلة علمية متزايدة.

التوازن هو المفتاح

تؤكد الدراسة في ختامها أن تأثير هذه العادات يتضاعف عندما تُمارَس مجتمعة. فكل عادة صحية تسهم بدورها في بناء حماية نفسية، حتى وإن كانت التغييرات بسيطة في البداية. المهم أن تكون الخطوات منتظمة وتشمل أكثر من جانب، مثل الغذاء والنوم والنشاط البدني والابتعاد عن الشاشات، من أجل دعم الصحة النفسية للأطفال وتعزيز مرونتهم العاطفية في المستقبل.

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة