لقاء لـ عمرو موسى يعود للواجهة بعد 5 سنوات: عبدالناصر «ديكتاتور».. وسفير مصر في السعودية يجب أن يكون «طويل القامة»

عمرو موسى من برنامج السطر الأوسط
عمرو موسى من برنامج السطر الأوسط
نشر في: الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 2:25 ص
آخر تحديث: الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 2:27 ص
كريم البكري

يعود اسم السياسي والدبلوماسي عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية، ليتصدر قوائم البحث واهتمام مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية خلال الأيام الأخيرة؛ على خلفية تداول تصريحات منسوبة له حول ملفات سياسية وشخصيات تاريخية بارزة؛ وهي التصريحات التي فجّرت موجة واسعة من النقد والجدل.

كان من بين أبرز المهاجمين الإعلامي مصطفى بكري، الذي خصّ موسى بانتقادات لاذعة عقب وصفه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بـ«الديكتاتور».

متى كان اللقاء؟

وفي خضم هذا الجدل، نشط الكثير من مستخدمي «إكس» ومنصات أخرى في مشاركة مقاطع فيديو لموسى من برنامج «السطر الأوسط» الذي يُعرض على شاشة  MBC ورغم أن التداول جاء على نحو يوحي بأن هذه التصريحات حديثة، فإن التدقيق يكشف أن الأمر مختلف، إذ تعود المقاطع في أصلها إلى لقاء مُسجّل أُذيع يوم 21 فبراير 2020؛ أي قبل أكثر من خمس سنوات ونصف.

آنذاك، كان عمرو موسى ضيف الحلقة الأولى من البرنامج الذي يقدمه الإعلامي السعودي مالك الروقي، وجاء ظهوره بعد فترة وجيزة من صدور الجزء الثاني من مذكراته «كتابية» الصادرة عن دار الشروق، تحت عنوان «سنوات الجامعة العربية» وهو الكتاب الذي قدّم خلاله شهادته المفصلة والموثقة عن عشر سنوات قضاها في منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بين عامي 2001 و2011، عارضًا من خلال 19 فصلًا مشاهداته وأدواره في ملفات عربية وإقليمية معقدة.

ورغم مرور أكثر من نصف عقد على هذا اللقاء، فإن إعادة نشر مقاطع منه مؤخرًا عبر القنوات الرسمية للبرنامج وMBC  على منصة «يوتيوب» أعاد التصريحات إلى واجهة الجدل مجددًا، وسبب التباسًا لدى المتابعين بشأن حداثتها.

عبدالناصر ديكتاتور.. هل كان التصريح مُجتزأ؟

من ضمن التصريحات المتداولة لـ عمرو موسى، ما نُسب إليه عن وصف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر بـ«الديكتاتور»؛ غير أن العودة إلى سياق اللقاء تكشف أن التصريح جاء في إطار استحضار ذكرى هزيمة 1967 وما تبعها من تداعيات.

روى «موسى «قائلا: «كنت آنذاك دبلوماسيًا شابًا في مكتب وزير الخارجية، وأتيح لي الاطلاع على وسائل أنباء أجنبية، فاتضحت لي الحقيقة رغم ما بثته إذاعة صوت العرب، شعرت حينها بالغضب لا بمجرد الأسى والحزن، وسألت نفسي: كيف نعرض مصر العظيمة إلى هذه الهزيمة؟ كان الأمر مؤسفًا«.

وأضاف أن النكسة كانت مغامرة محفوفة بالمخاطر أُُلقي بسببها الوطن العربي، متابعًا: «جيلي والأجيال الأخرى لا يصح أن تتسامح مع ما تعرضنا له عام 1967«.

وعند استدعاء مشهد تنحي «عبدالناصر» قبل أن يعدل عن قراره، قال «موسى« إن جوهر اللحظة كان صادقًا في إظهار رغبة الرئيس بشأن تحمل مسئوليته عن «خطأ كبير»، مضيفًا: «رد الفعل الشعبي يمكن ترجمته على هيئة أغنية عبدالحليم حافظ (اللي شَبّكنا يخلصنا) مش تشبكنا وتجري»، حسب تعبيره.

وعن السؤال المباشر: هل كان عبدالناصر ديكتاتورًا؟ أجاب «موسى» بحزم: «طبعا». مستكملا: «قد نتحدث عن الديكتاتور الصالح أو الطالح، لكن الحكم كان ديكتاتوريًا. رغم ذلك، الشارع كان يؤيد جمال عبدالناصر ويثق فيه، ويتقبل مساعيه لدعم الفقراء، لكن هذا لا ينفي وجود أخطاء في الحكم، وأبرزها اتخاذ قرار الحرب دون تشاور، وهي ديكتاتورية صريحة».

ولفت إلى أن مصر بلد يُصنف «فقيرًا لا غنيًا» و«ناميًا لا متقدمًا»، وبالتالي لم يكن في وضع يسمح بخوض حربين خلال أشهر قليلة، في إشارة إلى حرب اليمن وحرب 1967.

ويستحضر هذا الجدل أيضًا انتقادات وُجهت لـ موسى مرارًا بشأن إشاراته لعبدالناصر في ملف «شراء وجبات خاصة من الخارج»؛ وهو تصريح يتجدد بين الحين والآخر ويثير عاصفة من النقاش، رغم أن أصله يعود إلى الجزء الأول من مذكراته.. وعلّق موسى على ذلك في برنامج السطر الأوسط ، قائلا: «ما قلته إن عبدالناصر كان له برنامج غذائي محدد لأنه كان مريضًا بالسكر، وهذا أمر طبيعي لأي رئيس، خاصة إذا كان يعاني من مرض».

 

 

كواليس القمة العربية الأشهر بعد غزو الكويت

 

بعد غزو العراق للكويت في أغسطس 1990، دعا الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك إلى قمة عربية طارئة في القاهرة يوم 10 أغسطس؛ القمة انعقدت وسط انقسام حاد، إذ رفضت بعض الدول إدانة الغزو أو حاولت التزام الحياد؛ آنذاك حسم «مبارك» الموقف بشكل غير معتاد، فأصرّ على تمرير القرار بالأغلبية لا بالإجماع، وتمكّن من انتزاع قرار بإدانة الاحتلال بأغلبية 12 دولة، رغم اعتراض العراق وليبيا، وتحفظ فلسطين والجزائر ودول أخرى.

استعاد عمرو موسى كواليس القمة العربية الأشهر، قائلًا: «مبارك كان غاضبًا وحاسمًا، وكان يرى أن عدم الاتفاق في هذه القمة سيصب في صالح صدّام حسين، لذلك صمم على اتخاذ القرار بالأغلبية حتى وإن لم يكن هناك إجماع، وبالفعل حسم الأمر رغم غضب السلطة الفلسطينية والجزائر وليبيا والعراق.

وتابع: «كنا في حالة حرب، ومبارك كان موفقًا وأحدث تنسيقًا رفيعًا مع سوريا والمملكة السعودية»، لافتًا إلى توجيه مبارك الدعوة لمجموعة من الرؤساء لقضاء إجازة في الإسكندرية واحتواء الغضب.



معايير تعيين السفير المصري بالمملكة السعودية

في نفس السياق، تداولت بعض المواقع تصريحات عمرو موسى بدا منها أنه اشترط أن يكون السفير المصري في السعودية طويل القامة، لكن بالعودة إلى السياق الكامل يتضح أن الأمر كان مجرد مزحة جاءت خلال حديثه عن بعض الطرائف الواردة في مذكراته.

بعد ضحكات متتالية، قال عمرو موسى إن الرئيس الراحل حسني مبارك كان يتسم بروح مرحة ويتقبل النِكات، وإنه اقترح عليه ذات مرة نقل السفير محمد كامل عمرو من الصين إلى الرياض؛ مبررًا ذلك بأن «المسئولين السعوديين طوال القامة، فلازم نبعت لهم سفير طويل يعرفوا يتكلموا معاه بدل ما يفضلوا باصّين له  كده»، مؤكدًا في سياق حديثه أن اختيار السفراء يخضع لمعايير مهنية متعددة.

محمد كامل عمرو، الذي ورد ذكره في القصة، فهو دبلوماسي بارز تولى منصب وزير الخارجية بعد ثورة يناير 2011 في حكومتي كمال الجنزوري وهشام قنديل، سبق له أن شغل مناصب دبلوماسية مهمة من بينها سفير مصر في السعودية، قائم بالأعمال في واشنطن، ومندوب في بعثة مصر لدى الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عمله مساعدًا لوزير الخارجية للشؤون الأفريقية. وبعد خروجه من السلك الدبلوماسي عام 1997، انتقل إلى المجال الاقتصادي، حيث مثّل مصر و13 دولة عربية في مجلس إدارة البنك الدولي حتى عام 2008، قبل أن يعود إلى الحياة السياسية عبر وزارة الخارجية.

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة