توماس فريدمان: حملة إسرائيل في غزة تجعلها منبوذة حول العالم

الكاتب الأمريكي توماس فريدمان
الكاتب الأمريكي توماس فريدمان
نشر في: الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 10:59 ص
محمد هشام

أكد الكاتب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان، أن الحملة العسكرية التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة تجعلها دولة منبوذة حول العالم.

- نتنياهو وإطالة أمد الحرب

وقال فريدمان في مقال مطول بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إنه سيترك للمؤرخين ما اسماه بـ "الجدل" حول ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة أم لا، واستدرك قائلا: "لكن ما هو واضح تماما بالنسبة لي الآن أن هذه الحكومة الإسرائيلية ترتكب جرائم قتل وتدمر مكانة إسرائيل في العالم، وتقتل المدنيين في غزة من دون أي اعتبار واضح لأرواح الأبرياء، وتمزق المجتمع الإسرائيلي واليهود حول العالم بين أولئك الذين لا يزالون يريدون الوقوف إلى جانب تل أبيب مهما حدث، وأخرين لم يصبحوا قادرين على تحمل أو تفسير أو تبرير المسار الذي تسلكه هذه الحكومة، ويريدون الآن النأي بأنفسهم عنها".

وأشار إلى رد فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعد الضربات الإسرائيلية على مُجمع ناصر الطبي في جنوب غزة، حيث أصدر مكتبه بيانا نادرا قال فيه إن "إسرائيل تأسف بشدة لهذا الحادث المأساوي"، على حد تعبيره.

وأوضح فريدمان أن الحقيقة هي أن ما وصفه نتنياهو بـ "الحادث المأساوي" هو النتيجة الحتمية لسياسته في إطالة أمد الحرب في غزة للبقاء في السلطة، وتجنب محاكماته الجنائية، والتهرب من أي لجنة تحقيق إسرائيلية في تقصيره الكبير في منع الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس الفلسطينية على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.

وتابع: "لكي يبقى نتنياهو في السلطة، يحتاج إلى دعم وزراء اليمين المتطرف مثل بتسلئيل سموتريتش، الذي يسعى إلى تغطية الضفة الغربية بأكبر عدد ممكن من المستوطنات اليهودية لمنع قيام أي دولة فلسطينية هناك".

ومضى قائلا: "كما يشجع سموتريتش على طرد الفلسطينيين من الضفة وقطاع غزة لتمهيد الطريق أمام إسرائيل لضم المنطقتين معا".

ولفت فريدمان إلى استخدام إسرائيل قوتها العسكرية لنقل مئات الآلاف من المدنيين الغزيين من منطقة إلى أخرى تحت ذريعة إجلائهم من مناطق القتال ثم تقوم عمدا بتجريف منازلهم التي تركوها وراءهم من دون أي سبب عسكري حقيقي، بل بهدف واضح يتمثل في جعل حياتهم بائسة إلى درجة تدفعهم لمغادرة المنطقة نهائيا.

ووصف الكاتب الأمريكي، وقف إسرائيل إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع بأنه أمر مخزي، مشيرا إلى أنها تفعل ذلك على أمل أن يدفع الجوع الفلسطينيين في نهاية المطاف إلى الرحيل.

ورأى فريدمان أن الأمر لا يقتصر على القتل العمد فحسب، بل هو أيضا انتحار وجريمة ضد الذات والمجتمع الإسرائيلي.

وأوضح أن إسرائيل تسير الآن بسرعة نحو أن تصبح دولة منبوذة إلى الحد الذي قد يجعل الإسرائيليين يفكرون مرتين قبل التحدث بالعبرية خلال سفرهم إلى الخارج.

- تحول الموقف العالمي ضد إسرائيل

وتساءل فريدمان لماذا يهاجم العالم إسرائيل وحدها الآن؟، وأجاب قائلا لأن العالم بات يميز الآن بين حرب تشنها إسرائيل دفاعا عن بقاءها، وحرب تشنها من أجل بقاء رئيس وزرائها سياسيا.

كما أن العالم لم يعد قادرا على غض الطرف - كما فعل لأشهر - عن الخسائر البشرية الهائلة بين المدنيين الفلسطينيين في غزة، باعتبارها نتيجة حتمية للحرب.

وأشار إلى أن الحرب باتت تبدو، بالنسبة لكثيرين حول العالم، وكأنها حرب لتوسيع الاحتلال الإسرائيلي من الضفة الغربية إلى غزة وجزء من مساعي واضحة لمنع وجود أي شريك فلسطيني بالقطاع.

وحذر الكاتب الأمريكي من أنه إذا استمرت الحرب على هذا النحو، فإنها ستمزق العديد من المعابد اليهودية حول العالم خلال الأعياد اليهودية هذا العام، بين من يشعرون بضرورة الوقوف مع إسرائيل، صوابا كان ذلك أم خطأ، وبين من لم يعد يحتمل سلوك هذه الحكومة الإسرائيلية في غزة، خاصة وهم يرون مئات الآلاف من الإسرائيليين أنفسهم يتظاهرون ضد هذه الحكومة.

كما أنها ستمزق الحزب الديمقراطي الأمريكي بين من يخشون تحدي جماعة الضغط الإسرائيلية القوية "إيباك" خوفا من خسارة تمويل حملاتهم لصالح منافسيهم الجمهوريين، وبين من لم يعد بإمكانهم الصمت أكثر.

- ترامب والقدرة على وقف الحرب

واعتبر فريدمان أن هناك شخص واحد يستطيع إيقاف كل هذا الآن، وهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وأعرب الكاتب الأمريكي عن خشيته من أن يكون ترامب قد خُدع من قبل نتنياهو للتخلي عن وقف إطلاق النار في غزة، في سبيل وهم "النصر الكامل" الذي يطارده رئيس الوزراء الإسرائيلي.

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة