- رشا عدلي بلغت بالرواية آفاقا جديدة من التعبير عن جماليات الحياة وتأثيرها في الأدب
قال الدكتور عوض الغباري – أستاذ الأدب العربي بكلية الآداب، جامعة القاهرة، خلال ندوة مناقشة رواية "جزء ناقص من الحكاية" للكاتبة رشا عدلي، الصادرة عن دار الشروق: "في كل عمل جديد تقدمه رشا عدلي، تحشد قدراتها الفنية لنسج سردٍ يتسم بالعمق والدلالة والجمال، فتغدو فصول الرواية لوحات فنية تعبّر عن شخصياتها وفلسفتها ودقة وصفها. فالإنسان – كما تصوره – في بحث دائم عما يجهله، فيما تخبئه اللحظة التالية".
وتابع في الندوة التي نظمها نادي أدب مصر الجديدة: "تقوم فلسفة روايات عدلي على اللحظة، وتجسدها عبر اللقطة الفوتوغرافية التي غدت محورًا سرديًا رئيسيًا في روايتها الممتدة على 62 فصلًا، لتشكل رؤية فنية ناضجة، وتعبيرًا فريدًا عن الشخصيات بتحريك آليات الزمن التاريخي. يشعر القارئ أنها رحلة شاقة لاستكمال حقائق النفس، لكنها تستحق التعاطف".
وأضاف: "بطلة الرواية مشغولة بالتقاط التفاصيل العابرة من الشارع، وكأنها تمسك بالزمن الهارب بعدسة كاميرتها، في دلالة رمزية على سعي الإنسان لفهم ذاته وعلاقته بالواقع. العلاقة بين الرواية والتوثيق الواقعي بدت في سرد متتابع كشف عن قدرة عدلي على الجمع بين التاريخ والخيال، الوثيقة والحبكة".
واستطرد: "ورغم واقعية الطرح، كشفت الرواية عن نزعة رومانسية واضحة في قصة الحب التي تعيشها البطلة. أبدعت الكاتبة في تصوير المشاعر الإنسانية بدقة، وعبرت عنها عبر الصور الفوتوغرافية التي التقطتها البطلة، فجاءت محدودة ومعتمة كإشارة لزيف الواقع وخداعه".
وتابع الغباري: "الرؤية النفسية الفلسفية للمشاعر تُميز أعمال رشا عدلي، وتدل على تفردها الإبداعي. أسلوبها السردي يشهد على نصاعة اللغة وعمق التأثير في المتلقي، فهي تناقش مفاهيم الحب وعلاقة المرأة بالرجل شرقًا وغربًا، حيث الزمن ليس خلفية للأحداث بل عنصر متغير يقود لتحولات عميقة بالشخصية. كما لعب الحوار دور البطولة، وكان المونولوج الداخلي ركيزة كشفت عن ثراء سردي وتأملي، متنقلًا بين الماضي والحاضر، كاشفًا عن الحس الدرامي لدى الكاتبة".
وأكد: "من أبرز قضايا الرواية، قضية المرأة المظلومة التي قسا عليها الرجل، لكنها صعدت للمشهد بفضل الظروف. كما أن تناول نكسة 1967 جاء برؤية خاصة، معتبرًا بطل الرواية أن ما نشر لا يمثل القصة الكاملة، وأننا بحاجة لوثائق جديدة تكشف الخفايا. ويُعد التناص سمة بارزة في الرواية، إذ وظفته الكاتبة لوصف الشخصية المصرية فكرًا وسلوكًا، خصوصًا في الأسرة وعلاقة الرجل بالمرأة بما تحويه من قسوة وضغوط. ونجحت أيضًا في تصوير المجتمع الأمريكي من خلال عمل البطلة، كاشفة التناقض بين الصورة السعيدة الظاهرة والحقيقة القاسية".
واختتم الغباري حديثه عن الرواية: "العمل غني بالمشاعر الإنسانية الناتجة عن تجارب الخسارة، ويظهر حب الكاتبة للفنون التشكيلية جليًا بتحليلها للشخصيات وتصميم الغلاف المتناغم مع المضمون. كما تصالحت مع الزمن بعد أن تكثفت الأحداث في عالم من الفن الساحر، عبر لغة أنيقة وقلم رشيق، بلغ بها آفاقًا جديدة من التعبير عن جماليات الحياة وتأثيرها في الأدب".