تعد منطقة أبو مينا الأثرية من أبرز المواقع التراثية في مصر، وقد أثارت الكثير من الاهتمام والجدل بعد إدراجها على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر من قِبل منظمة اليونسكو.
ومع اقتراب انتهاء أعمال مشروع إنقاذ الموقع، يسلط هذا التقرير الضوء على أهمية هذه المنطقة، وتاريخها العريق، والتحديات التي واجهتها، إلى جانب الجهود المكثفة التي بذلتها الدولة للحفاظ عليها.
أبو مينا: جوهرة معمارية وتاريخية على أرض مصر
وفقًا لموقع منظمة اليونسكو، تقع منطقة أبو مينا الأثرية قرب مدينة برج العرب بمحافظة الإسكندرية، وتعد من أبرز المواقع المسيحية عالميًا. تأسست في أواخر القرن الرابع الميلادي كموقع لدفن القديس مينا، أحد أشهر شهداء المسيحية في مصر، وسرعان ما أصبحت مقصدًا للحجاج من مختلف أنحاء الإمبراطورية الرومانية. وشهدت في القرنين الخامس والسادس توسعات كبيرة شملت كنائس ضخمة، ومعمودية، وحمامات، ومرافق لإقامة الزائرين، وتحولت إلى مدينة متكاملة تضم مساكن وورشًا وشبكة من الطرق.
ظل الموقع يستخدم لأغراض دينية لفترة طويلة، قبل أن يتعرض للإهمال، فتراكمت الرمال فوقه وطمرت أجزاء واسعة منه، وأُعيد الاهتمام به في أواخر القرن التاسع عشر عبر أعمال التنقيب الأثري. تواصلت جهود الترميم والحفاظ عليه خلال سبعينيات القرن العشرين، وتم إدراجه على قائمة اليونسكو للتراث العالمي عام 1979.
أهمية الموقع
قيمة معمارية فريدة: تتميز أبو مينا بآثار معمارية فريدة تعكس فن العمارة المسيحية المبكرة، بما في ذلك الكنائس، المعمودية، الحمامات الرومانية، والشوارع المرصوفة.
مركز حج مسيحي: كانت المدينة مركزًا حيويًا للحج المسيحي، مما يعكس أهمية القديس مينا في العالم المسيحي.
شواهد على الحياة اليومية: توفر الآثار المكتشفة في أبو مينا نظرة ثاقبة على الحياة اليومية للمجتمع المسيحي في مصر القديمة.
موقع تاريخي متعدد الطبقات: يضم الموقع طبقات أثرية تعكس مراحل تطوره المختلفة، مما يجعله كنزًا للمؤرخين وعلماء الآثار.
التحديات التي واجهت منطقة أبو مينا
لسنوات عديدة واجهت أبو مينا تحديات خطيرة هددت بقاءها وسلامة آثارها، مما أدى إلى إدراجها في قائمة التراث العالمي المعرض للخطر عام 2001. تمثلت أبرز هذه التحديات في ارتفاع منسوب المياه الجوفية، وكان هذا هو التحدي الأكبر، حيث أدت عمليات الاستصلاح الزراعي في المناطق المحيطة وري الأراضي بمياه الصرف الصحي إلى ارتفاع كبير في منسوب المياه الجوفية، مما تسبب في تآكل جدران المباني الأثرية، وانهيار أجزاء منها، وتدهور النقوش واللوحات الجدارية.
جهود الإنقاذ: خروج أبو مينا من دائرة الخطر
بحسب الهيئة الوطنية للإعلام، بذلت الدولة المصرية جهودًا كبيرة لحماية موقع "أبو مينا" الأثري، من خلال تنفيذ مشروع ضخم لخفض منسوب المياه الجوفية، شمل حفر آبار لسحب المياه، وبناء شبكة صرف صحي متكاملة في المناطق المحيطة، مما ساهم بشكل فعال في حماية الآثار من التدهور، ونال إشادة من منظمة اليونسكو.
وأوضحت الهيئة أن المشكلة كانت ناتجة عن استخدام الري بالغمر في الأراضي الزراعية المجاورة، وأن القيادة السياسية وجهت بتشكيل لجنة من مختلف الوزارات برئاسة وزارة السياحة والآثار لوضع حلول فعالة للأزمة. وقد تم بالفعل السيطرة على المياه الجوفية بنهاية العام الماضي، تمهيدًا لبدء أعمال الترميم في الموقع المسجل على قائمة التراث العالمي، اعتبارًا من العام المقبل.
إزالة موقع أبو مينا من قائمة المواقع المعرضة للخطر تمثل تقدمًا ملموسًا في جهود الحفاظ عليه. هذا التطور قد يساعد في تعزيز الاهتمام بالمكان، وزيادة عدد الزائرين، وفتح المجال لدعم أكبر في مشروعات الترميم والتطوير.