ماذا يقول القانون الدولي عن جريمة قصف الاحتلال الإسرائيلي مُجمع ناصر الطبي في غزة؟

نشر في: الإثنين 25 أغسطس 2025 - 9:02 م
محمد هشام

في جريمة حرب إسرائيلية جديدة بثتها وسائل الإعلام، استهدفت غارتان لجيش الاحتلال الإسرائيلي مجمع ناصر الطبي في خان يونس جنوب قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد 20 فلسطينيا على الأقل، بينهم خمسة صحفيين.

استهدفت الغارة الأولى الطابق العلوي من مستشفى ناصر، ووثق بث مباشر على قناة الغد الغارة الثانية؛ فبينما كان عدد من عناصر الدفاع المدني في غزة يهبون لنجدة الضحايا وانتشال جثامين وأشلاء الشهداء ويلتقط عدد من الصحفيين في الخلفية المشهد، أصابت غارة مباشرة عناصر الدفاع المدني والصحفيين في مجزرة شهدها العالم على الهواء مباشرة.

ومن بين الشهداء الصحفيين مصور تلفزيون فلسطين حسام المصري، ومصور قناة الجزيرة محمد سلامة، ومصورة صحيفة "إندبندنت" عربية مريم أبو دقة، والمصور معاذ أبو طه.

- إمعان الاحتلال في انتهاك القانون الدولي

تمثل تلك المجزرة إمعانا جديدا من جانب جيش الاحتلال في انتهاك القانون الدولي خلال العدوان وحرب الإبادة والتجويع التي يمارسها ضد القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023.

ووفقا للقانون الدولي الإنساني، لا يجوز مهاجمة المنشآت والوحدات الصحية، بما فيها المستشفيات. وتمتد هذه الحماية لتشمل الجرحى والمرضى، بالإضافة إلى الطواقم الطبية ووسائل النقل. ولا توجد استثناءات تذكر لهذه القاعدة، بحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وفي أوقات النزاع المسلح، يشمل مصطلح "الجرحى والمرضى" أي شخص، سواء كان عسكريا أم مدنيا، يحتاج إلى رعاية طبية ولا يشارك في الأعمال العدائية أو توقف عن المشاركة فيها.

وتعتبر حماية الخدمات الطبية ضرورية لضمان حصول الجرحى والمرضى على الرعاية التي يحتاجون إليها بشكل عاجل. وتوضح اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها الإضافية التزامات الأطراف المتحاربة باحترام خدمات الرعاية الصحية وحمايتها، حيث تؤكد هذه الصكوك القانونية أن الهجمات المتعمدة على المرافق والمركبات الطبية والعاملين في المجال الطبي تشكل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جرائم الحرب.

وبموجب النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستخدمي الشارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف طبقا للقانون الدولي" يشكل جريمة حرب في كل من النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية.

- الحماية الخاصة للمؤسسات والوحدات الطبية

تعد الحماية الخاصة للمؤسسات والوحدات الطبية بما فيها المستشفيات هي القاعدة العامة في القانون الدولي الإنساني، لذلك لا تتوقف الحماية الخاصة التي تتمتع بها المستشفيات إلا إذا استخدمها أحد أطراف النزاع لارتكاب "عمل ضار بالعدو"، خارج نطاق مهامها الإنسانية.

وفي حال الشك فيما إذا كانت الوحدات الطبية أو المنشآت تستخدم لارتكاب "عمل ضار بالعدو"، يفترض أنها لم تستخدم كذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنه على الرغم من عدم وجود تعريف متفق عليه لعبارة "عمل ضار بالعدو"، فإن الأساس المنطقي لفقدان الحماية واضح وهو عندما تستخدم للتدخل المباشر أو غير المباشر في العمليات العسكرية، على سبيل المثال، استخدام مستشفى كقاعدة لشن هجوم، أو كنقطة مراقبة لنقل المعلومات ذات القيمة العسكرية، أو كمستودع أسلحة، أو كمركز اتصال مع القوات المقاتلة، أو كمأوى للمقاتلين الأصحاء.

ولكن ثمة ضوابط يجب مراعاتها قبل شن هجوم على منشأة أو وحدة طبية فقدت وضع الحماية، حيث يجب توجيه تحذير يتضمن مهلة زمنية قبل السماح بالهجوم. والغرض من إصدار التحذير هو تمكين مرتكبي "عمل ضار بالعدو" من إنهاء هذا العمل، أو - إذا أصروا على ذلك - السماح بالإجلاء الآمن للجرحى والمرضى غير المسؤولين عن هذا السلوك والذين لا ينبغي أن يصبحوا ضحايا له، وفقا لموقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وتجدر الإشارة إلى أن الطرف المهاجم يظل ملزما بمبدأ التناسب، حيث موازنة الميزة العسكرية المحتملة من مهاجمة المنشآت أو الوحدات الطبية التي فقدت وضعها المحمي، بعناية مع العواقب الإنسانية المحتملة للضرر أو الدمار الذي يلحق بتلك المرافق.

كما يظل الطرف المهاجم ملزما باتخاذ الاحتياطات اللازمة عند الهجوم، ولا سيما بذل كل ما في وسعه لتجنب أو على الأقل تقليل الضرر الذي يلحق بالمرضى والكوادر الطبية الذين قد لا يكون لهم أي علاقة بتلك الأعمال، والذين ستكون عواقبهم الإنسانية وخيمة للغاية.

ويشير سوبريا راو وأليكس بريتيجر، المستشاران القانونيان باللجنة الدولية للصليب الأحمر في مقال مشترك بعنوان "إعادة التأكيد على الحماية الخاصة للمستشفيات في القانون الدولي الإنساني" إلى أنه حتى عندما يفقد المستشفى ما يتمتع به من حماية خاصة ويصبح عرضة للهجوم، تظل الأطراف المتحاربة ملزمة بجمع الجرحى والمرضى وتقديم الرعاية إليهم، وهو ما يكون من المستحيل تحقيقه دون وجود مرافق صحية عاملة.

وأوضحا أن البعض يحتج بأن الالتزام الشامل برعاية الجرحى والمرضى يفرض قيدا قانونيا إضافيا إلى جانب قاعدتي التناسب والاحتياطات، وهو ما يحول كفة الميزان لصالح الحفاظ على الوظائف الطبية بقدر الإمكان، حتى عندما تصبح المستشفيات عرضة للهجوم.

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة