سجلت السوق العقارية المصرية خلال النصف الأول من 2025 قفزة غير مسبوقة فى مبيعات كبار المطورين، بالتوازى مع تغييرات تشريعية وتنظيمية تعيد صياغة قواعد السوق، وفقًا لتقرير صادر عن مكتب «ذا بورد كونسالتينج» للاستشارات.
وبلغت مبيعات أكبر 10 مطورين عقاريين نحو 652 مليار جنيه، بمعدل نمو ٤٧٪ مقارنة بالفترة المماثلة من العام السابق، وهو ما يعكس استمرار الطلب القوى رغم التحديات الاقتصادية، وتمثل المبيعات حصيلة بيع ٤٠ ألف وحدة سكنية بزيادة ٣٪ عن نفس الفترة من العام السابق وبمتوسط سعر ١٧ مليون جنيه للوحدة بزيادة ٧٪ مقابل الفترة المماثلة.

صدارة طلعت مصطفى وعودة إعمار

طلعت مصطفى استعاد الصدارة بمبيعات قياسية بلغت 211 مليار جنيه، مستفيدًا من مشروع «ساوث ميد» وحملته التسويقية العالمية التى استعانت بنجوم عالميين.

بالم هيلز جاءت ثانية بـ126 مليار جنيه، لتضاعف مبيعاتها تقريبًا مقارنة بالعام الماضى، مدفوعة بمرونة خطط السداد الممتدة حتى 12 و15 سنة، والتى تبناها مطورون آخرون لاحقًا.

إعمار مصر سجلت طفرة حقيقية بـ78 مليار جنيه مقابل 21.3 مليار فقط فى النصف الأول من 2024، بفضل إطلاق «ميفيدا جاردنز» فى شرق القاهرة و«مراسى ريد» فى البحر الأحمر، لتؤكد قدرتها على جذب شريحة كبيرة من المصريين المغتربين والأجانب.

تبعتها كل من: ماونتن فيو (66 مليارًا)، لافيستا (32 مليارًا)، هايد بارك (31 مليارًا)، جى ديفلوبمنتس (29 مليارًا)، أورا (26 مليارًا بانخفاض ملحوظ عن العام الماضى)، مدينة مصر للإسكان (21.2 مليار)، ومراكز (20 مليارًا).

تشريعات جديدة تغيّر المعادلة

أحمد زكى، المدير العام والشريك المؤسس لشركة «زى بورد كونسالتينج» قال إن قرارات هيئة المجتمعات العمرانية هزت السوق، على رأسها فرض رسوم بقيمة 1000 جنيه على المتر فى مشروعات الساحل الشمالى، شملت حتى بعض المشروعات القائمة منذ أكثر من 10 سنوات. القرار اعتُبر رسالة قوية على توجه الدولة لإعادة ضبط السوق وتنظيم العلاقة بين المطورين والأراضى الساحلية.

فى المقابل، جاء تعديل قانون الإيجار القديم ليشكل نقطة تحول تاريخية، إذ سيتم تحرير الوحدات السكنية بعد 7 سنوات والتجارية بعد 5 سنوات، بما يُعادل تحرير أكثر من 3 ملايين وحدة. هذه الخطوة من المتوقع أن تعيد رسم خريطة مناطق مثل وسط البلد، وتفتح المجال أمام دخول مطورين جدد لإعادة إحياء الأحياء التاريخية، بحسب ما قاله زكى.

رأس الحكمة والبحر الأحمر.. مراكز جذب جديدة

من أبرز الأحداث أيضًا إطلاق مشروع مدينة رأس الحكمة بالشراكة بين مصر والإمارات فى صفقة تعد الأكبر فى تاريخ مصر. المشروع يتضمن مطارًا، مناطق صناعية، وعددًا كبيرًا من الفنادق، ما يجعله بوابة لجذب استثمارات عربية وعالمية ضخمة.

أما سوق البحر الأحمر، فشهد نقلة نوعية بعد دخول «مراسى ريد» من إعمار، ما يضعه كمنافس قوى للساحل الشمالى، خصوصًا مع ارتفاع الطلب على المنتجعات السياحية العقارية من المصريين والأجانب. على حد سواء.

لاعبون جدد على الساحة

قال زكى إن النصف الأول من 2025 شهد بروز تحالفات جديدة بين الدولة والقطاع الخاص، ممثلة فى شركة إس تى إم التى دخلت بقوة عبر شراكات مع ماونتن فيو، لافيستا، وسوان ليك، محققة مبيعات تجاوزت 13 مليار جنيه فى الربع الثانى فقط.

Nations of Sky أحدثت صدى كبيرًا فى غرب القاهرة من خلال مشروع «جيريان» بالشراكة مع بالم هيلز وماونتن فيو، لتتخطى مبيعاته 60 مليار جنيه، إضافة إلى نجاحها فى «زمرة» بالتجمع الخامس بمبيعات تجاوزت 12 مليار جنيه.

التوسع الإقليمى كخيار استراتيجى

مع التغيرات المحلية، اتجه عدد من المطورين المصريين إلى دراسة فرص التوسع فى الخارج، خصوصًا فى العراق، الإمارات، السعودية، وسلطنة عمان. هذه الأسواق، خاصة السعودية وعمان، توفر فرصًا جذابة فى ظل سياسات جديدة تمنح تسهيلات للمستثمرين العقاريين والمشترين.

المشهد العام: تصحيح لا تباطؤ

يؤكد أداء النصف الأول أن السوق المصرية يمر بمرحلة إعادة تصحيح إيجابى وليس تباطؤًا. فالمضاربون انسحبوا تدريجيًا لصالح المشترين الفعليين والمغتربين، بينما يبقى التحدى الأكبر أمام المطورين هو الحفاظ على تدفقات نقدية صحية وضمان استدامة عمليات البناء، إلى جانب التكيف مع المتغيرات التنظيمية والتشريعية.