علماء: الكلاب قد تساعد البشر في رحلة البحث عن علاج للسرطان

نشر في: الثلاثاء 22 يوليه 2025 - 9:38 ص
سان فرانسيسكو - د ب أ

توصل العلم الحديث إلى أن دراسة الأورام السرطانية التي تصاب بها الكلاب قد تساعد في اكتساب مزيد من المعرفة بشأن سبل علاج المرض الخبيث لدى الانسان. ولا يرجع السبب في ذلك إلى أن البشر وكلابهم الأليفة يتعرضون لنفس المؤثرات البيئية المسببة للسرطان فحسب، بل لأن العلماء توصلوا إلى أن الأورام السرطانية تنمو في مسارات متشابهة لدى كل من البشر والكلاب.

ويرى العلماء أن سرعة تطور السرطان لدى الكلاب يعني أن الباحثين سيكون بمقدورهم متابعة تأثير العلاجات الحديثة على الكلاب بشكل أسرع، مما يتيح سرعة الانتقال إلى التجارب السريرية لهذه الادوية على المرضى من البشر. ويقول الباحث ماثيو بيرين اخصائي علم الوراثة بجامعة ولاية نورث كارولينا الأمريكية إن "الكلاب هي أفضل صديق للانسان من الناحية الطبية والحيوية"، موضحا أن توظيف الكلاب في الاختبارات الدوائية لعلاجات السرطان يتيح إمكانية التعرف من الآن على نتائج استخدام دواء معين على البشر بعد 25 سنة.

وجدير بالذكر أن الصلة الطبية والبيولوجية بين الانسان والكلاب ليست حديثة العهد، فالأطباء البيطريون اعتادوا منذ فترة طويلة على استخدام أدوية تم تطويرها للبشر في علاج أمراض الكلاب، كما يتدرب الأطباء البشريين على الأساليب الجراحية المستحدثة على الكلاب أولا قبل تعميمها على الانسان، مثل جراحة استئصال "الساركوما العظمية" بدون بتر الطرف، حيث تدرب الأطباء على إجراء هذه الجراحة لإزالة تلك الأورام التي تنمو في العظم على الكلاب في بادئ الأمر.

وأثبتت دراسة حديثة مدى التشابه في حجم الضرر الذي تتعرض له الخلايا بسبب السرطان لدى البشر والكلاب. وقامت الباحثة إلينور كارلسون المتخصصة في علوم الجينوم بجامعة يو ماس تشان للعلوم الطبية بولاية ماساشوسيتس الامريكية بعملية تسلسل جيني لأكثر من 15 ألف ورم سرطاني بشري من 32 نوعا مختلفا بالإضافة إلى أكثر من 400 ورم سرطاني أصيب بها كلاب من سبعة أنواع مختلفة من السرطان. وكانت الدراسة تهدف إلى التعرف على الطفرات الجينية التي ظهرت على الخلايا السرطانية ولم تكن موجودة في الخلايا السليمة، ويفترض أن هذه الطفرات ليست وراثية وإنما ناجمة عن تغيرات حديثة نتيجة التعرض لمؤثرات خارجية خلال فترة حياة المريض.

وفي تصريحات للموقع الإلكتروني Knowable Magazine المتخصص في الأبحاث العلمية، تقول كارلسون إن حجم الضرر كان متشابها لدرجة كبيرة لدى البشر والكلاب، وتوضح أنه "من الناحية الوراثية، فإن نفس الجينات كانت هي السبب في حدوث السرطان لدى كل من الانسان والكلاب، فكثير من الأورام السرطانية لدى الكلاب كانت بها طفرات جينية من النوع الذي يسبب السرطان لدى البشر مثل طفرة الجين المثبط للسرطان PTEN التي كثيرا ما تظهر في حالات سرطان الثدي والبروستاتا، وطفرة الجين المنظم لانقسام الخلايا NRAS التي تظهر في حالات سرطان الجلد وغيرها.

وأجرى فريق بحثي من شركة فيدوكيور لأبحاث السرطان لدى الكلاب ومقرها ولاية كاليفورنيا دراسة لمعرفة مدى استجابة الأورام السرطانية لدى الكلاب لأدوية البشر. ودرس الفريق حالات 1108 كلاب مصابة بالمرض الخبيث، وتبين أن فترة بقاء الكلاب المصابة ببعض أنواع السرطان على قيد الحياة ترتفع في حالة علاجها بأدوية البشر، وبخاصة الأدوية التي تستهدف طفرات جينية بعينها، وهو ما يشير إلى أن الطبيعة البيولوجية الرئيسية الخاصة بالسرطان تتشابه لدى الفصيلتين، وبالتالي من الممكن استخدام الكلاب في التجارب السريرية لأدوية السرطان لخدمة جهود علاج المرض لدى الانسان.

وتؤكد إيمي لوبلانك طبيبة الأورام البيطرية من المعهد الوطني للأورام في الولايات المتحدة في تصريحات لموقع Knowable Magazine أن هذه التجارب قد أتت ثمارها بالفعل في اختبار بعض الأدوية على الكلاب أولا، وقد انتقلت هذه الأدوية الآن إلى مرحلة التجارب البشرية أو تم إقرار استخدامها على البشر بواسطة الجهات المختصة. ومن بين هذه الأدوية علاجات مناعية لسرطان المخ وبعض أنواع سرطان خلايا البلازما في نخاع العظم وسرطان الغدد الليمفاوية.

ويقول الباحثون إن بعض فصائل الكلاب معروف انها تصاب بأنواع معينة من السرطان، فالجولدن ريتريفر والليبردور تصاب بسرطان أغشية الأوعية الدموية، والروتوايلر وكلاب الصيد الايرلندية تصاب بنوع معين من سرطان العظام، في حين تصاب الكلاب البوكسر والتيرير بسرطان الغدد الليمفاوية، ويرى العلماء أن هذه المعلومات يمكن أن تساعد الباحثين في رصد الطفرات الجينية التي تزيد مخاطر الإصابة بأمراض سرطانية بعينها.

وقد شرع فريق بحثي بالفعل في وضع خريطة جينوم لبعض أنواع الكلاب مثل الجولدن والليبرادور وذلك لتحديد الجينات التي تقترن بزيادة مخاطر الإصابة بالسرطان. ويرى دوجلاس ثام طبيب الأورام البيطري من جامعة كولورادو الأمريكية أن هذه الدراسة تعتبر قفزة هائلة للانتقال من الاختبارات على فئران التجارب إلى دراسة عملاقة تمتد على مدار 15 إلى 20 عاما لمنع إصابة البشر بالسرطان".

وقد أجرى ثام وفريقه البحثي اختبارات على نوع من اللقاحات المضادة للسرطان شملت 804 كلاب، وهو ما ساعد في تقليل زمن الاختبارات الدوائية إلى خمس سنوات فحسب، وجاري حاليا تحليل البيانات ومن المتوقع إعلان النتائج بشأن فعالية هذا اللقاح بحلول نهاية العام الجاري.

ومع استمرار الأبحاث لدراسة الصلة بين مرض السرطان لدى البشر والكلاب، يؤكد العلماء فوائد هذه النوعية من التجارب ليس فقط بالنسبة للعلم الحديث بل أيضا لأصحاب الكلاب وحيواناتهم الاليفة، حيث أن الكلاب التي تشارك في مثل هذه التجارب تحصل على نوعية من الرعاية الصحية لن تكن لتحصل عليها بوسيلة أخرى. ويؤكد ثام: "نحن لا نجري تجارب على هذه الحيوانات بطريقة تسبب لها الضرر، بل نحاول مساعدتها، وهو ما يحقق لنا شعورا كبيرا بالرضا".

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة