في خطوة تصعيدية لخلافاتها مع الحكومة والوزراء الإسرائيليين، صدقت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهاراف ميارا، على فتح تحقيق يتعلق برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على خلفية "فضيحة التسريبات" في ديوانه.
وأوضحت المستشارة أنه بعد التصديق يمكن للمستشارين فتح تحقيق ضد نتنياهو نفسه، إذ يتعلق الأمر حاليا بقضيتين في ديوانه وقضايا أخرى تطول وزرائه، وطالبته أيضا بإقالة وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير، وفق ما نقلت فضائية "الجزيرة".
قرار المستشارة القضائية ضد نتنياهو والوزراء، تلاه استهداف منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بقنبلتين ضوئيتين، حيث أكد جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" والشرطة وجهاز الاستخبارات الداخلية في بيان أن الحادث "تصعيدي وخطير"، حسبما نقلت "فرانس برس".
وعلى خلفية إلقاء القنابل الضوئية على منزل نتنياهو، هبت موجة كبيرة من الانتقادات للمستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، وزاد الخلاف الدائر بينها وبين الوزراء، الذين حملوها المسئولية، وطالبوا بإقالتها، بحسب ما نقلت صحيفة "معاريف" العبرية.
ولكن، ما قصة الخلافات بين المستشارة القضائية والوزراء الإسرائيليين؟
رغم أن الخلافات بين نتنياهو وميارا تعود إلى ما قبل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بسبب انتقاداتها المستمرة لسياسة حكومته، فإن اسم المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية غالي بهراف ميارا، لمع في يوليو الماضي، بعد الجدل بين نتنياهو ووزير الأمن القومي ايتمار بن غفير.
مطالبتها بإقالة بن غفير
وحينها قادت المستشارة الحكومية القضائية هجوما على بن غفير، مؤكدة أنها ستسلم نتنياهو ملفا يؤكد خرق بن غفير للقانون وتطلب إقالته.
من جهته اتهم بن غفير المستشارة بأنها "تتعاون للإطاحة بحكومة اليمين"، متابعا: "أدعو نتنياهو مرة أخرى لإقالة المستشارة القانونية التي تعمل ضد الحكومة في إطار وظيفتها".
تجديد المطالبة بإقالة بن غفير
وتجدد الجدل بشأن بن غفير، قبل أيام، بعدما دعت المستشارة القضائية نتنياهو، إلى "إعادة النظر" بشأن "وضع" بن غفير، قائلة إنه "يُسيِّس قوة الشرطة من أجل خدمة مصالحه الشخصية"، وفق ما نقلت شبكة "بي بي سي".
وفي رسالة وجهتها إلى نتنياهو، اتهمت بهاراف ميارا، الوزير ذا التوجهات اليمينية المتشددة، بأنه يتدخل بشكل متكرر ومستمر، في الشئون العملياتية للشرطة ويُسيس الترقيات في صفوفها.
وأشارت إلى أن مستقبل مئات الضباط في الشرطة الإسرائيلية وترقياتهم معلقة برغبة الوزير، الذي اعتبرت أنه يستخدم صلاحياته، فيما يخص التعيينات والإقالة "بشكل مرفوض".
نتنياهو يدعم بن غفير
وعلى الفور، علَّق بن غفير عبر منشور له على حسابه على منصة إكس، بالقول، إن "محاولات الانقلاب" قد بدأت، مُطالبا نتنياهو بإقالة المستشارة القضائية، معتبرا أن الإقالة الوحيدة، التي يجب أن تُنفذ هي إقالتها، لأنها تريد "إسقاط الحكومة"، على حد تعبيره.
ومع تدخل المحكمة العليا في إسرائيل لإجبار نتنياهو على إقالة بن غفير، قابل رئيس الوزراء القرار بالرفض وتعهد لبن غفير بحمايته من المحكمة ومن المستشارة القضائية.
دعمت إقالة جالانت
وبعدها، رفضت ميارا تدخل محكمة العدل العليا في قرار نتنياهو بإقالة وزير الدفاع يوآف جالانت، حيث قالت إنه قانوني وبالتالي لا ينبغي للمحكمة التدخل فيه، في لحظة دعم نادرة لنتنياهو، الذي تربطها معه علاقة متوترة، وفق ما نقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية.
وكتبت المستشارة القضائية أن نتنياهو يملك صلاحية إقالة الوزراء، بما في ذلك لأسباب سياسية، إذا كان رئيس الوزراء يعتقد أنه لن يكون بالإمكان الدفع بسياساته قدما من قبل أولئك الذين عيّنهم وأن الخطوة ستضمن حسن سير عمل الحكومة.
وطلبت بهاراف ميارا، رفض جميع الالتماسات ضد الخطوة لأنها لم تعرض أي أدلة على عدم قانونيتها ولأن فرص نجاحها إذا وافقت عليها المحكمة ضئيلة.
انتقادات شديدة لنتنياهو ووزير القضاء
وبعدها، وجهت المستشارة القضائية انتقادات شديدة لنتنياهو، ووزير القضاء، ياريف ليفين. وأكدت هشاشة جهاز القضاء خلافا لمزاعم نتنياهو حول جهاز قضاء "قوي ومستقل" خلال محاولته منع صدور مذكرات اعتقال دولية ضده وضد وزير الأمن، يوآف جالانت.
فتحت تحقيقا مع نتنياهو
وصدقت ميارا على فتح تحقيق يتعلق بنتنياهو على خلفية "فضيحة التسريبات" في ديوانه، والتي شملت 4 قضايا.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية إن ديوان رئيس الوزراء ضالع في 4 قضايا خطيرة، إحداها تتعلق بمحاولة تغيير وثائق بشأن إنذارات مبكرة قبل السابع من أكتوبر العام الماضي.
وأخطر هذه القضايا هي قضية تسريب الوثائق السرية التي اعتُقل إثرها 5 أشخاص بينهم مستشار في مكتبه وضابط كبير، وتتعلق القضية بسرقة معلومات من الجيش وتسريبها لوسائل إعلام أجنبية، بهدف التأثير على الرأي العام بشأن صفقة تبادل الأسرى، وفق ما نقلت "الجزيرة".
هوجمت لاستهداف منزل نتنياهو
قرار المستشارة القضائية ضد نتنياهو والوزراء، تلاه استهداف منزل نتنياهو بقنبلتين ضوئيتين، حيث أكد جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" والشرطة وجهاز الاستخبارات الداخلية في بيان أن الحادث "تصعيدي وخطير"، حسبما نقلت "فرانس برس".
وتزامنا مع ذلك، سرعان ما عبرت شخصيات سياسية في إسرائيل عن تنديدها بإطلاق قنبلتين ضوئيتين على مقر إقامة نتنياهو الخاص في قيساريا، وأكدت تضامنها معه، فيما أعرب العديد من السياسيين عن استيائهم من الحادث.
وعلى خلفية إلقاء القنابل الضوئية على منزل نتنياهو، هبت موجة كبيرة من الانتقادات للمستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، وزاد الخلاف الدائر بينها وبين الوزراء، الذين حملوها المسئولية، وطالبوا بإقالتها، بحسب ما نقلت صحيفة "معاريف" العبرية.
وزير الاتصالات: من هم لقتلك بادر بإقالته
هاجم وزير الاتصالات الإسرائيلي، شلومو كرعي، المستشارة القضائية للحكومة، مطالبًا بإقالتها في أقرب وقت.
وقال عبر حسابه على منصة "إكس": "بينما تحترق الشوارع ويشعر الفوضويون بالحرية في اختراق أسوار الشرطة وإلقاء القنابل الضوئية واقتحام منزل رئيس الوزراء، تواصل المستشارة القانونية للحكومة الجلوس مكتوفة الأيدي، وتمنحهم الشرعية وترفض وقف هذا التدهور الخطير".
وأضاف كرعي: "إلى أين سنصل؟ إن هذه الفوضى تقربنا خطوات كبيرة من كارثة اغتيال رئيس الوزراء، هل ننتظر يومًا أسود آخر في تاريخ البلاد؟".
وتابع الوزير الإسرائيلي: "من الواضح أن من لا يدافع عن الديمقراطية يصبح شريكًا بصمته، يجب أن تعود المستشارة القانونية إلى منزلها اليوم"، مقتبسًا مقولة دينية معدلة: "من هم لقتلك… بادر بإقالته".
زعيم المعارضة: هذه تحريضات لقتلها
من جانبه، انتقد زعيم المعارضة، يائير لابيد، تصريحات وزير الاتصالات وأدانها بشدة، واعتبرها تحريضا واضحا على "قتل المستشارة القضائية".
وطالب لابيد رئيس الحكومة بإقالة الوزير على خلفية تلك التصريحات التي عدها تحريضًا، موضحا أن الوزير استبدل عبارة "من يأتي لقتلك، اسبقه وأقتله" إلى عبارة "من يأتي لقتلك، اسبقه وقم بإقالته"، أي يشير إلى أن المستشارة القضائية تسعى "لقتل" نتنياهو سياسيًا، وعلى نتنياهو أن يقيلها.
وزير التعاون الدولي: أخطر شخص على إسرائيل
كما انتقد زعيم المعارضة تصريحات وزير التعاون الإقليمي، ديفيد أمسلم، التي وصف فيها المستشارة القانونية بأنها أخطر شخص على أمن إسرائيل، مطالبا أيضًا بإقالة أمسلم، بسبب تصريحاته التي اعتبرها أيضا تحريضا على قتل المستشارة القانونية للحكومة.
وعقب إلقاء القنابل الضوئية على منزل نتنياهو، قال أمسلم: «"لقد سرق أشخاص وسائل قتالية واستخدموها على منزل رئيس الحكومة، والخطوة التالية ستكون صاروخًا موجهًا أو قذيفة هاون".
وأضاف: "المستشارة القضائية أباحت دماءنا جميعًا، إنها أخطر شخص على دولة إسرائيل".
نتنياهو يدرس إقالة ميارا للمرة الأولى
مع ذلك كله، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأنّ "رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يدرس للمرة الأولى إقالة المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا".
في المقابل، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد: "لن نقف مكتوفي الأيدي إذا تم إقالة المستشارة القانونية للحكومة"، مضيفا: "هذا يعيدنا إلى قضية نزاهة نتنياهو. نحن بحاجة للحديث عن ذلك أيضًا".
تحذيرات من إقالة المستشارة القضائية
وسابقا، ذكرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية أن وزراء الحكومة مستمرون في مهاجمة غالي باهاراف ميارا، حيث يطالب عدد من أعضاء الائتلاف بإقالتها، مضيفة أنهم وحتى نتنياهو يعلم أن هذا سيضر به وبإسرائيل في الإجراءات القانونية الجارية في محاكم لاهاي الدولية.
وأضافت الصحيفة، أنه إذا قامت الحكومة بالفعل بإقالة المستشارة القضائية، فإن وضع إسرائيل سيكون أسوأ بكثير من وضعها الحالي على المستوى القانوني الدولي، حيث إن إسرائيل تدعي بأن نظامها القضائي مستقل ومهني وغير خاضع للسيطرة السياسية.
وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك سيعود بالسلب في محكمة العدل الدولية في لاهاي، سواء في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، أو فيما يتعلق بطلب إصدار أوامر اعتقال ضد نتنياهو نفسه وضد وزير الدفاع يوآف جالانت، في دعوى يقودها كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية.